8 آذار 2021 | 08:01

أخبار لبنان

لبنان أمام انفجار زاحف ومحاذير تفخيخ

‏ كتبت صحيفة "النهار" تقول: بعد ستة أيام متواصلة من تجدد موجات الاحتجاجات الشعبية على ‏خلفية تحليق سعر الدولار الأميركي في السوق السوداء واختراقه السقوف والخطوط الحمراء ‏المتوهجة، بدا لبنان كأنه اقرب ما يكون من خطر الفوضى الشاملة التي يتسابق المسؤولون ‏والقادة السياسيون على اظهار بلاغاتهم في التحذير منها، فيما ينكشفون اكثر فاكثر امام عجزهم ‏الفاضح أو تبعية بعضهم القاتلة للخارج عن احتواء أسبابها وتداعياتها وأخطارها. والحال ان ‏سباقاً لاهثاً يجري بين التحذيرات من انفجار اجتماعي لم يعد الحديث عنه مجرد اثارة لسيناريو ‏قد يحصل او لا يحصل بعدما تعاقبت طلائعه واقعياً في الأيام الأخيرة واحتمال أسوأ يتمثل في ‏التخوف من اختراقات مشبوهة للتحركات الاحتجاجية ومواجهات متعمدة يراد منها تشويه التعبير ‏عن الغضب العارم الذي يجتاح البلاد وإطلاق رسائل تحمل أهدافاً وخلفيات لجهات سياسية ‏معينة. هذه المعطيات لم تعد مجرد سيناريوات مطروحة في ظل الانسداد السياسي الآخذ في ‏الاشتداد، بل انها ووفق معلومات "النهار" أبلغت الى مراجع سياسية معنية بالازمة السياسية ‏الخانقة على سبيل التحذير مما يطبخ للبلاد على نار الانهيار المالي والانسداد السياسي الذي ‏يحول دون ولادة حكومة انقاذية. وتشير هذه المعطيات الى ان ثمة خطر مواجهات مفتعلة تحت ‏ذرائع بدأت ترمى إعلاميا في اليومين الأخيرين من مثل التهديد بتداعيات خطيرة لقطع بعض ‏الطرق الحساسة وكأن طرق لبنان صارت مصنفة هي الأخرى بين فئات عادية وفئات استثنائية ‏‏! وهذا ما استدعى التنبيه الى ان الموجات الاحتجاجية المشروعة قد تغدو عرضة لاستهدافات ‏من جانب افرقاء السلطة وحلفائها نظرا الى ما يشكله الضغط الشعبي التصاعدي، وفي حال ‏استمرار تصاعده في قابل الأيام من تعرية شاملة لبقايا شرعية هذه السلطة التي انهار كل شيء ‏تحت وطأة سياساتها. اما الجانب الاخر من المشهد المازوم المتعلق بتداعيات الازمة المالية فاتخذ ‏بعده الخطير أيضا في ظل الاحتدام الواسع للتحركات الاحتجاجية في عطلة نهاية الأسبوع التي ‏شهدت تصعيدا في قطع الطرق الرئيسية والأوتوسترادات وتكثيف التجمعات الاحتجاجية بعدما ‏سجل سعر الدولار قفزة جديدة جنحت به السبت نحو سقف الـ11 الف ليرة لبنانية ليعود ويتراجع ‏بنسبة ضئيلة.‏

وما زاد المشهد قتامة ان المعطيات الجدية حول الواقع السياسي المتصل بالازمة الحكومية ‏عكست مزيدا من الاتجاهات التصعيدية سواء في الهجوم العنيف الذي شنه "التيار الوطني الحر" ‏السبت على رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري او عبر الإعلان المفاجئ لرئيس حكومة ‏تصريف الاعمال حسان دياب عن اتجاهه الى الاعتكاف كوسيلة ضاغطة لاستعجال تشكيل ‏حكومة جديدة.‏

مؤشرات الانسداد

وتشير آخر المعطيات في هذا السياق إلى أنّ حراك المبادرة الوسيطة الأخيرة، لم يبلغ حدود ‏التواصل الشخصي بين الرئاستين الاولى والثالثة؛ ولا يزال "بيت الوسط" بانتظار أي تواصل ‏معه من جانب بعبدا ليُبنى على الشيء مقتضاه باعتبار أن التجارب السابقة التي شهدها، لم تكن ‏مشجّعة لجهة تقريب المسافات بين الرئاستين ولم تسفر عن بحث جديّ في عناوين المخارج ‏الفعلية. ولا يبدو أن الحراك الحكومي المستجد سيصل إلى خواتيمه هذه المرة أيضا لأن التفاهم ‏على حقيبتي الداخلية والعدل لا يزال مُعلّقاً، مع إشارة المقرّبين من الرئيس المكلّف إلى وصول ‏معطيات إليهم تشير إلى سير فريق العهد بصيغة (5+1) في حكومة 18 وزيراً؛ لكن علامات ‏الاستفهام لا تزال قائمة حول موضوع وزارة الداخلية تحديداً التي يريد الرئيس المكلف إسنادها ‏إلى شخصيّة مستقلّة تماماً بالتوافق مع رئيس الجمهورية، وهذا الموضوع لم يتمّ التوصل إلى ‏خواتيمه حتى الآن.‏

وبرز تطوران في هذا السياق لم يكونا ، وفق معلومات "النهار" ، بعيدين عن أجواء التأزم ‏الحكومي واستبعاد أي اختراق إيجابي في تبديد التصعيد الحاد الذي حاصر الازمة بمزيد من ‏الاحتدام في الأيام الأخيرة .‏

ذلك ان رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط بدأ يركز حديثا على تفعيل حكومة ‏تصريف الاعمال وقال امس في هذا الصدد "في غياب الحكومة الجديدة نتيجة حسابات خاطئة لا ‏بد من تفعيل حكومة تصريف الاعمال فوق الخلافات السياسية والسجالات السياسية".‏

وفي سياق اخر أفادت معلومات أنّ لقاءً مطوّلاً عُقد مساء السبت في معراب بين رئيس حزب ‏‏"القوات اللبنانية" سمير جعجع والسفير السعودي في لبنان وليد البخاري، وشارك في اللقاء، الذي ‏تخلله عشاء، النائبان ستريدا جعجع وبيار بو عاصي. وتركزالبحث على جوانب الأزمة الحالية ‏في لبنان بحيث لا تبدو معالم إيجابية حيال الازمة الحكومية.‏

اعتكاف دياب

وأمام ازمة التأليف المستعصية على كل التسويات الداخلية، رمى رئيس حكومة تصريف الاعمال ‏حسان دياب السبت قنبلة الاعتكاف مهدداً بتفجيرها، علما ان الدستور ينص على الاستقالة ‏وتصريف الاعمال ويمنع عليه الاعتكاف بل يضعه امام المساءلة بسبب الاخلال بالواجبات ‏الوظيفية ، وفق لمادة 70 المتعلقة بمحاكمة رؤساء الحكومة والوزراء.‏

وفي المعطيات، ان الرئيس دياب وامام الضغط الذي يمارس عليه من عدد من الوزراء داخل ‏الحكومة ومن خارجها من آجل تفعيل عمل مجلس الوزراء ورداً على كل الحملات التي تحمّله ‏مسؤولية وقف عمل الدولة من فريق العهد الى قوى سياسية اخرى، ردٌ بالتهديد بالاعتكاف، وهو ‏لن يقدم عليه بالاصل، الا انه يريد ان يتحمّل الجميع المسؤولية أمام الازمة المتفاقمة، بدلاً من ‏رميها على حكومة مستقيلة اخرجت من المسؤولية بعد كارثة المرفأ.‏

وبحسب المراقبين ، فإن الرئيس دياب يرفض اتخاذ اي قرار بوقف الدعم او ترشيده، وتحسباً ‏لفترة اجتماعية صعبة يقبل عليها البلد ولا يريد لحكومته ان تتحملها وحدها، لاسيما مع ‏الانخفاض التلقائي التدريجي لهذا الدعم، والذي قد يؤدي الى ارتفاع جنوني في الاسعار وغضب ‏في الشارع.‏

البعض رأى في الخطوة انها استعراضية قد تنتهي كما انتهت خطوته السابقة في لحظتها عندما ‏جال على الرؤساء داعياً الى الاسراع بتشكيل الحكومة. اما اذا تحول التهديد الى خطوة عملية ‏فنتائجها قد تكون سلبية بشل ادارات الدولة ووقف شؤون المواطنين لاسيما وان توقيعه ملزم على ‏كل مرسوم وقرار اياً كان نوعه.‏

وفق المراقبين، ان خطورة تهديد دياب فيما لو نفذه تكمن بتجميد كل شؤون الدولة ويشل عمل ‏اللجان والوزارات وبمتابعة اجراءات ازمة كورونا، ويضع رئيس الجمهورية في موقع الاستفراد ‏والاستهداف بحيث يصبح غير قادر على اي تحرك من خارج المؤسسة التنفيذية من دون رئيس ‏حكومة يصرف الاعمال.‏

من هنا، ينظر المطلعون الى موقف دياب على انه جرس انذار وقد لا يستخدمه .‏

الراعي

وسط هذه الأجواء عاود امس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي اطلاق ‏المواقف النارية بحق المسؤولين. وإعتبر "ان ما يجري على صعيد تأليف الحكومة لا علاقة له ‏بالمواد الدستورية، خصوصا المادتين 53 و 64 المتعلقتين بطريقة التكليف والتشكيل والتوقيع، ‏بل العلاقة بهوية لبنان الواحد والموحد والحيادي والديمقراطي والميثاقي وذي السيادة في الداخل ‏وتجاه الخارج، وبالثقة المتبادلة التي هي روح الميثاق الوطني والتعاون في الحكم والإدارة ، وإلا ‏لم هذا التأخير المتعمد في تأليف الحكومة؟ ". وقال "تصالحوا أيها المسؤولون مع السياسة، ومع ‏الشعب الذي بددتم ماله وآماله ورميتموه في حالة الفقر والجوع والبطالة. وهي حالة لا دين لها ‏ولا طائفة ولا حزب ولا منطقة، ولم يعد له سوى الشارع. فنزل يطالب بحقوقه، التي تستحق أن ‏يدافع عنها وأن توضع في رأس معايير تأليف الحكومة… وبعد، هناك من يتساءل لماذا ينفجر ‏الشعب؟ من وراءه؟! فخير أن ينفجر الشعب ويبقى الوطن من أن ينفجر الوطن ولا يبقى ‏الشعب".‏



النهار ‏

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

8 آذار 2021 08:01