19 آذار 2021 | 08:11

أخبار لبنان

اللقاء الـ17: "هدنة"... وشروط نصرالله!‏

كتبت صحيفة "النهار" تقول: اذا كان يصح الحديث عن نتيجة عملية وفعلية وحيدة للقاء الـ17 ‏في قصر بعبدا امس على درب المسار الطويل المعقد والمشوب بتوترات ومعارك سياسية ‏وتجاذبات لا افق لها في مسار تأليف الحكومة العتيدة المنتظرة منذ اكثر من خمسة اشهر، فان ‏هذه النتيجة تتلخص بتبريد بل بتخفيض سعر الدولار على نحو ملموس واكب وأعقب زيارة ‏رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري لبعبدا واجتماعه مع رئيس الجمهورية ميشال عون لنحو ‏خمسين دقيقة.‏

حتماً ان الطابع الدراماتيكي للقاء كهذا جاء بعد اقل من 24 ساعة على انفجار اعنف صدام ‏واشتباك اعلامي بين عون والحريري كان وحده كفيلا بجعل الأنظار تنشدّ الى اللقاء وما يمكن ‏ان ينسج عليه من رهانات، ولو ضعيفة وواهية، حيال الدفع بالبلد نحو مفاجأة انقاذية تستولد ‏الحكومة المنتظرة التي باتت في حسابات السياسة كما في انطباعات الناس اشبه بمعجزة لفرط ما ‏امعنت سياسات التعطيل والاشتراطات والمماحكات في تفخيخ العبور اليها. ولكن ما بدا واضحاً ‏وراء ترتيب التوافق على اللقاء السابع عشر منذ تكليف الحريري، هو ان لا عون ولا الحريري ‏كان يمكنهما تمرير يوم امس من دون الإتيان باي خطوة من شأنها تبريد الغليان الذي تفجر مع ‏التصعيد الكبير الذي تصادما عبره الأربعاء بعد الرسالة النارية غير المألوفة في التعامل بين ‏رموز الدولة والمؤسسات الدستورية والذي كان ينذر بدفع الازمة المالية والاجتماعية ‏والاختناقات التي تطبق على البلاد بكل قطاعاتها الى مستويات مخيفة ستنعدم معها تماما أي ‏قدرة للسيطرة على الفوضى التي بدأت تزحف بخطورة عالية. لذا يمكن إجمال الخلاصات ‏والنتائج التي أدى اليها هذا اللقاء بانه كان بمثابة اتفاق حصري وموضعي على "هدنة" تمتد على ‏الأقل لأربعة أيام أي الى موعد اللقاء الـ18 بين عون والحريري الذي توافقا على عقده الاثنين ‏المقبل ولكنها في المضمون السياسي هدنة بين متراسي التاليف والتشكيل. اذ تفيد معلومات ‏‏"النهار" ان لقاء رئيس الجمهورية والرئيس المكلف أعاد التواصل بينهما واعطى فرصة جديدة ‏لعملية التأليف، الا انه لم يسجل تقدماً اذ بقي كل منهما على موقفه في مقاربته لعملية التأليف.‏

ماذا جرى؟

وعلم من مصادر اللقاء، ان الرئيس الحريري لم يحمل تشكيلة حكومية جديدة بل ابقى على ‏التشكيلة السابقة المؤلفة من 18 وزيراً والقائمة على ثلاثة "ستات" ولم يدرج فيها ممثلين شيعيين ‏من حصة "حزب الله". وسأل عون الحريري اذا كان سأل "حزب الله" رأيه في الاسمين اللذين ‏كان ادرجهما في التشكيلة السابقة فرد بأنه لم يتشاور معه. وتشير المعلومات الى ان الرئيس ‏عون أكد اصراره على مقاربة مختلفة عن السابقة وفقاً للمعايير التي حددها مراراً.‏

واشارت المعلومات الى ان الجوّ لم يكن متشنجاً بل عادياً جداً. وعرض الرئيسان الموضوع من ‏كل جوانبه، لكن ذلك لم يؤد الى نتائج عملية فتقرر استكمال البحث الاثنين. لم تطرح في اللقاء ‏تشكيلة حكومية كاملة، وهي ما زالت تحتاج الى المزيد من البحث الاثنين المقبل.‏

وكان واضحاً ان رئيس الجمهورية قابل هدوء الحريري بهدوء مماثل، وبدا ذلك واضحاً من ‏عدول قصر بعبدا عن اصدار بيان كان ابلغ الصحافيون بانتظاره، وقد ارجئ الى الاثنين بانتظار ‏ما ستؤول اليه الفرصة الجديدة المعطاة لعملية التأليف.‏

زيارة الحريري الى بعبدا سبقتها اتصالات شارك في جزئها الظاهر اللواء عباس ابراهيم الذي ‏زار بعبدا صباحاً قبل زيارته عين التينة.‏

وبعد اللقاء الذي استمر زهاء خمسين دقيقة، اعلن الحريري انه بحث مع رئيس الجمهورية "في ‏تطلعاتي بشأن الحكومة، على أن تكون مؤلفة من 18 وزيرا من الاختصاصيين، لكي ننتشل البلد ‏من الأزمة الاقتصادية التي يغرق البلد فيها. ففي نهاية المطاف، الهدف الأساسي من أي حكومة ‏هو وقف الانهيار الذي نواجهه اليوم … واتفقنا على أن نجتمع مجددا يوم الاثنين المقبل في لقاء ‏آخر، لكي نتمكن من الخروج بشيء واضح للبنانيين. وستكون هناك بعض الأجوبة الأساسية ‏حول كيفية الوصول إلى تشكيلة حكومية في أسرع وقت ممكن".وأضاف: "الهدف الرئيسي اليوم ‏من أي حكومة هو السير بداية بوقف الانهيار من خلال برنامج صندوق النقد الدولي وأن نعيد ‏ثقة المجتمع الدولي بالبلد" وقال : "ربما رأى اللبنانيون بالأمس اصطداما بين رئاستي الجمهورية ‏والحكومة، وقد أتيت اليوم لكي نحاول التخفيف من هذا الاصطدام ونعمل على تهدئة الأمور. ‏الاثنين المقبل سنعقد اجتماعا آخر بإذن الله، وكما كنت دائما صريحا معكم، سأبقى كذلك وسأقول ‏لكم في كل لحظة ما الذي يحصل. الآن هناك فرصة، لنستغلها ونفكر لكي نتمكن من الخروج ‏بشيء ما الاثنين المقبل".‏

وعلى رغم تفاقم موجات الإضرابات والاحتجاجات والاعتصامات سجل سعر الدولار بعد ظهر ‏امس في السوق السوداء انخفاضا لافتا اذ جرى تداوله بسعر 10900 ليرة بعدما كان تراجع ‏ظهرا الى 11900 ليرة على وقع الانباء عن لقاء بعبدا والتكهنات المتصلة بتشكيل الحكومة.‏

نصرالله

غير انه بعد ساعات على لقاء بعبدا، بدت مواقف الأمين العام لـ"حزب الله " السيد حسن نصرالله ‏التي اعلنها مساء بمثابة تفخيخ جديد لتأليف الحكومة اذ من شأنها اطاحة جوهر المبادرة الفرنسية ‏من خلال نسف حكومة الاختصاصيين والعودة الى حكومة تكنوسياسية. قال نصرالله "اننا قدمنا ‏تسهيلات في شأن تشكيل الحكومة واذا اتفق رئيس الجمهورية والرئيس المكلف الاثنين المقبل ‏على حكومة اختصاصيين غير حزبيين فنحن ماضون بذلك". ولكنه استدرك بان "نصح" ‏الحريري بإعادة النظر في حكومة الاختصاصيين وتشكيل حكومة "تكنوسياسية" معتبرا ان ‏حكومة الاختصاصيين "لن تصمد من دون غطاء سياسي نظرا الى استحقاقات خطرة كرفع ‏الدعم". ودعا الى اشراك القوى السياسية فيها لتحمل مسؤولياتها ومن يتنصل يجب ان يحاكم. ‏ودعا في مواجهة الازمة الداخلية الى "التصرف بعقل وحكمة ومسؤولية وطنية وخلقية"، موجها ‏دعوة إلى "وضع سقف يقضي بعدم الذهاب الى اقتتال داخلي"، ملمحا الى "وجود من يعمل لقيام ‏حرب اهلية في لبنان، كما فعلوا في سوريا والعراق واليمن"، مذكرا بمحاولات جرت من قبل ‏ولكنها فشلت. وكرر دعوته الى "عدم الاندفاع او السماح لأي طرف بالاندفاع الى حرب أهلية" ‏معتبرا ان "الحرب الأهلية لا تحتاج الى صواريخ دقيقة، وإنما الى كلاشينكوف ومضادات وهذه ‏الاسلحة متوافرة عند غالبية اللبنانيين". كما وجه دعوة مباشرة الى حاكم مصرف لبنان رياض ‏سلامة لضبط سعر الدولار قائلا له " أنت قادر على ذلك ".‏

ماكرون: تغيير النهج

وبرز بعد خارجي في خلفية لقاء بعبدا يتصل بزيادة الضغوط الخارجية على المسؤولين اللبنانيين ‏لتشكيل الحكومة. فغداة تلويح فرنسا بعقوبات أوروبية على الطبقة السياسية التي تعوق الانقاذ، ‏اعلن الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون عزمه على تغيير نهج واسلوب تعامله مع الطبقة ‏السياسية اللبنانية. كما عول على الاسراع في تشكيل حكومة وتنفيذ الاصلاحات.‏

وأفاد مراسل "النهار" في باريس ان الرئيس ماكرون اعلن بعد ظهر امس خلال مؤتمر صحافي ‏مشترك مع الرئيس الاسرائيلي رؤوفين ريفلين انهما "تناولا الوضع في لبنان." واعرب الرئيس ‏الفرنسي "عن تعلقه بالشعب اللبناني وتمسكه بالاستقرار والسلام" في لبنان واضاف "نحن ‏مقتنعون معا ان زمن المسؤوليات وباي حال زمن اختبار المسؤوليات انتهى."‏

وبعد اعلان مصدر ديبلوماسي فرنسي انه يجب زيادة الضغوط بشكل كبير على الطبقة السياسية ‏اللبنانية وتلميحه الى تهديد فرنسي بعقوبات قريبة على بعض السياسيين، اوضح ماكرون انه ‏‏"خلال الاسابيع المقبلة وبطريقة واضحة ودون ادنى شك نحتاج الى تغيير النهج والاسلوب لانه ‏لا يمكننا ان نترك الشعب اللبناني يتخبط منذ شهر اب الماضي في الوضع الحالي." وتابع "يجب ‏تجنب انهيار البلد لذلك المطلوب الاسراع في تشكيل حكومة وتنفيذ الاصلاحات المرجوة." ‏واعتبر انه بشكل عام "يجب العمل معا من اجل الاستقرار والامن في المنطقة". ‏




النهار ‏

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

19 آذار 2021 08:11