21 آذار 2021 | 11:11

إقتصاد

استفحال الغلاء.. لبنان يتهيأ للإمتحان الصعب

استفحال الغلاء.. لبنان يتهيأ للإمتحان الصعب

تفاعلت أسواق الاستهلاك تلقائياً، وبسلبية تامة، مع الإشارات الرسمية الصادرة ‏عن رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب ووزير المال فيها، التي أكدت ‏التوجّه لتقليص الدعم عن المواد الأساسية ورفعه تدريجاً عن حزمة السلع الغذائية ‏والمواد الأولية الخاصة بقطاعي الصناعة والزراعةوفق صحيفة الشرق الأوسط. ‏لتضاعف بذلك سرعة ارتفاع التضخم صوب أرقام قياسية جديدة بدفع مزدوج من ‏فوارق إعادة هيكلة الدعم وتواصل انهيار سعر صرف الليرة.‏

وتتفق الهيئات والأوساط المحلية بكل أطيافها على إعلاء المخاوف من «الآتي ‏أعظم»، من باب ترقّب جماعي لموجات غلاء متطرفة بحدتها وصعودها في ‏غضون الأسابيع القليلة المقبلة بحسب الصحيفة، بحيث صار مؤكداً اصطدام ‏الحكومة بحقيقة قرب نفاد الأموال المخصصة للدعم والاضطرار إلى اتخاذ قرارات ‏عاجلة بتقليصه تمهيداً لرفعه نهائياً، على أن يتم الإبقاء على دعم القمح الذي تبلغ ‏نحو 150 مليون دولار حتى نهاية العام الحالي، وفقاً لتقرير رسمي موثق، وتمويل ‏دعم مجموعات الأدوية الضرورية والخاصة بالأمراض المزمنة بمتوسط يقارب ‏‏500 مليون دولار. إضافة إلى تمرير السلفة بقيمة 200 مليون دولار المتصلة ‏بتأخير الانقطاع التام للكهرباء لثلاثة أشهر بالحد الأقصى.‏

وتشكل كلفة الخدمات الحكومية كالاتصالات والكهرباء والمياه والرسوم المتنوعة ‏المعتمدة بالسعر الرسمي للدولار عند 1515 ليرة، الخط الثاني للدعم الذي منع ‏حتى الساعة انفلات التضخم على كامل مكونات الأكلاف الاستهلاكية. بينما تخضع ‏سائر البنود الاستهلاكية، خصوصاً المستوردة بينها، لسعر الدولار الواقعي في ‏الأسواق الموازية، الذي بلغ أخيراً مستوى 10 أضعاف السعر الرسمي. وهنا تكمن ‏الموجة المستترة التي يمكن ترسي عملياً معادلة التسعير بالدولار وفق السعر ‏اليومي، علماً بأن الحد الأدنى للأجور انحدر إلى ما دون الدولارين يومياً (45 ‏دولار شهرياً بسعر 15 ألف ليرة). وهو المعدل المعتمد دولياً لتصنيف الفئات ‏الأكثر فقراً.‏

وبالفعل، فقد جاهرت نقابة أصحاب «السوبر ماركت» بتداول خيار التسعير ‏بالدولار بذريعة استيعاب فوضى وضغوط إعادة التسعير بالليرة التي باتت تتغير ‏من ساعة إلى ساعة. فيما تقود ارتفاعات أسعار المحروقات الأسبوعية، والمتوقع ‏اندفاعها بوتيرة أعلى بدءاً من أول الشهر المقبل، لا سيما مادة البنزين، مسيرة ‏الغلاء الجديدة التي تمددت سريعاً إلى قطاع النقل وأسواق الخضار والفواكه والسلع ‏المحلية الصنع، بما يشمل مياه الشرب التي اعتاد غالبية اللبنانيين شراءها معبأة ‏من قبل شركات خاصة. مع اقتضاء الإشارة إلى أن تأثير تقليص الدعم أو رفعه ‏المزمعين، لم يصب حتى الآن أسعار المشتقات النفطية كافة، حيث تؤكد المديرية ‏العامة للنفط أن الارتفاعات الحاصلة ترتبط حالياً بسعر النفط عالمياً، وبالارتفاع ‏الحاد لسعر الدولار الأميركي الذي يعكس 10 في المائة فقط من القيمة الكلية للسعر ‏المعلن.‏

وبدا واضحاً، حسب مصادر متابعة، أن الخسائر النقدية المحققة وتبعاتها ‏الاقتصادية الاجتماعية مرشحة لتوليد مؤشرات كارثية في مجمل القطاعات، وبما ‏يتناقض مع الأهداف المتوخاة للدعم بالحد من الخلل الكبير في التوازن المعيشي ‏الهش، حيث اقتضى حسابياً إنفاق نحو 8.5 مليارات دولار من احتياطات البنك ‏المركزي لتمويل استيراد المواد المدعومة منذ اندلاع أول الاحتجاجات الشعبية قبل ‏‏17 شهراً، من دون تسجيل نتائج مؤثرة في كبح الغلاء. علماً بأن عمليات التهريب ‏عبر الحدود البرية وحتى الجوية والاحتكارات الداخلية تتكفلان بتبديد الجزء الأكبر ‏من أموال الدعم التي تتعدى 6 مليارات دولار سنوياً، بالأخص بالنسبة لدعم ‏المحروقات الذي يستزف أكثر من 3 مليارات دولار، أي نصف إجمالي تمويل ‏الدعم.‏

ووفق إقرار وزير المال بصرف نحو 500 مليون دولار شهرياً على الدعم، يلاحظ ‏مسؤول اقتصادي في مداخلة مع «الشرق الأوسط»، أن البديل الموضوعي كان ‏سيتحقق بصورة فعالة وذات فوائد مباشرة للمواطنين وللاقتصاد ولسنوات أطول، ‏ومن دون دفع احتياط العملات الصعبة إلى الوضع الحرج، في حال اعتماد ‏المنهجية التي قررها البنك الدولي عبر قرضه الميسر للبنان البالغ نحو 245 مليون ‏دولار، الذي خصصه لتقديم معونات نقدية مباشرة لمدة عام كامل لصالح 147 ألف ‏أسرة أو نحو 800 ألف نسمة.‏




الشرق الأوسط

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

21 آذار 2021 11:11