23 آذار 2021 | 08:52

أخبار لبنان

السقوط الفاضح لـ"حروب الإلغاء" العونية

كتبت صحيفة " النهار " تقول : ‏‎كان ينقص إطلاق الاتحاد الأوروبي تحذيراً مساء امس من ان ‏‏"لبنان على وشك الانهيار ‏وفرنسا طلبت تدخلاً أوروبياً لمواجهة الازمة"، لكي تكتمل صورة يوم ‏اقل ما يوصف به انه ‏شكل النقلة الأشد خطورة في الازمة السياسية الحكومية المفتوحة بما يضع ‏لبنان امام ‏مواجهة كبيرة من "الطراز" الاستثنائي في مصيريتها. بالمواقف والاتجاهات وأيضا ‏بالوثائق ‏هذه المرة، انفجر الصراع الكبير على غاربه بين رئيس الجمهورية ميشال عون ‏والرئيس ‏المكلف سعد الحريري في اليوم الذي طوى فيه التكليف شهره الخامس وعلى نحو ‏لا ‏تشبهه عشرات الازمات الحكومية السابقة في تاريخ الطائف وما قبله. واذا كان اخفاق ‏اللقاء ‏الـ18 بين الرئيسين عون والحريري لم يفاجئ أحداً لانه كان ضمن التوقعات ‏والمعطيات ‏المعروفة مسبقاً، فان الامر الذي تجاوز أسوأ التوقعات قفز فجأة الى ما يمكن تصنيفه ‏في ‏أخطر محاولة انقلابية فعلا تولاها رئيس الجمهورية وفريقه في الساعات التي فصلت ‏عن ‏موعد اللقاء ليس للتخلص فقط من الحريري ودفعه الى الاعتذار، وفق ما كان خيّره ‏الرئيس ‏عون في رسالته العلنية الأسبوع الماضي، وانما أيضا لتفجير تطور انقلابي على ‏ركيزة ‏جوهرية من ركائز الطائف المتصلة بصلاحيات الرئيس المكلف بما يشكل واقعيا ‏‏"حرب ‏الغاء" أخرى على الطائف والحريري سواء بسواء. ذلك انه لم يسبق في سجل ‏سوابق ‏الازمات الحكومية ان بلغ الامر برئيس للجمهورية ان وضع توزيعة مفصلة بتركيبة ‏حكومية ‏وأرسلها الى الرئيس المكلف "للبصم" وتعبئة ما طلبه من فراغات بعدما اقتطع ‏لنفسه ‏وفريقه الثلث المعطل. فعل ذلك الرئيس ميشال عون بتعمد مزدوج واضح، أولا ‏لإكمال ‏نهجه في إهانة الرئيس الحريري وإقصائه، وثانيا في محاولة لتوظيف تطورات حصلت ‏أخيرا ‏وقرأ فيها وفريقه امكان التجرؤ على بروفة أولية لحرب الغائية للطائف. والحال ان ‏عون ‏وفريقه استندا في محاولة الإقصاء الفاشلة للحريري توظيف امرين، الأول ‏الخطاب ‏التهويلي الأخير للامين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله في اتجاه سياسي ‏انقلابي ‏على صلاحيات رئيس الحكومة المكلف واقتناص صلاحيات مخالفة تماما ومنتهكة ‏للدستور ‏لرئيس الجمهورية. والثاني "المرونة" التي اتسمت بها زيارة رئيس الحزب ‏التقدمي ‏الاشتراكي وليد جنبلاط لقصر بعبدا السبت والتي فسرها العونيون استدارة ‏لمحاصرة ‏الحريري ودفعه نحو التنازلات امام عون. وهو الامر الذي يفسر إقدام عون وفريقه ‏على ‏ارسال تركيبة حكومية من بعبدا الى بيت الوسط عصر الاحد لضرب حديد هذا ‏التوظيف ‏وهو حام ومحاولة حشر الحريري مسبقا في الزاوية. ولكن ما لم يحسب له الفريق ‏الرئاسي ‏لدى فكرة توجيه الرسالة - الإنذار إلى الحريري تكرر بعد اقل من أسبوع اذ انبرى ‏الرئيس ‏المكلف الى اسقاط مجمل هذه المحاولة من خلال إبلاغه الى عون رفضه القاطع ‏لمحاولته ‏شكلا ومضمونًا من جهة، ومن ثم الى اعتماده أسلوب المكاشفة التامة لكل الوقائع ‏امام ‏الرأي العام وبالوثائق عبر توزيع تشكيلته بالحقائب والاسماء والسير الذاتية. وحين جاء ‏رد ‏المديرية العامة لرئاسة الجمهورية مجتزءا "ومضللا"، عاد الحريري الى الجولة الأكثر ‏سخونة ‏فكشف هذه المرة صورة الوثيقة التي تثبت بما لا يحتمل جدلا تورط رئيس الجمهورية ‏في ‏الانتهاك الدستوري المثبت. كما اثبت كشف الوثيقة ان عون نسف تركيبة ‏الاختصاصيين ‏المستقلين "ووزع" الحقائب على أساس حزبي وسياسي خالص بما يعني نسف ‏المبادرة ‏الفرنسية أيضا‎.‎

الانفجار

وسط أجواء محمومة لم يدم لقاء عون والحريري سوى 22 دقيقة خرج بعدها الحريري ‏متجهما ‏ليعلن "مع الاسف، أرسل لي فخامة الرئيس بالأمس تشكيلة كاملة من عنده، فيها ‏توزيع للحقائب ‏على الطوائف والأحزاب، مع رسالة يقول لي فيها أنه من المستحسن أن ‏أقوم بتعبئتها. وتتضمن ‏الورقة ثلثا معطلا لفريقه السياسي، بـ 18 وزيرا أو 20 أو 22 ‏وزيرا. وطلب مني فخامته أن ‏أقترح أسماء للحقائب بحسب التوزيعة الطائفية والحزبية ‏التي حضرها هو". وأضاف "بكل ‏شفافية، سأقول لكم ما قلته له اليوم. أولا: أنها غير مقبولة ‏لأن الرئيس المكلف ليس عمله أن يقوم ‏بتعبئة أوراق من قبل أحد، ولا عمل رئيس ‏الجمهورية أن يشكل حكومة. وثانياً، لأن دستورنا ‏يقول بوضوح أن الرئيس المكلف يشكل ‏الحكومة ويضع الأسماء، ويتناقش بتشكيلته مع فخامة ‏الرئيس. على هذا الاساس، أبلغت ‏فخامته بكل احترام، أني أعتبر رسالته كأنها لم تكن، وقد ‏أعدتها إليه، وأبلغته أيضا أني ‏سأحتفظ بنسخة منها للتاريخ ". ووزع تشكيلته التي وضعها قبل ‏مئة يوم في عهدة عون‎.‎‎

اما رئاسة الجمهورية فردت بانها "فوجئت بكلام رئيس الحكومة المكلف، وأسلوبه ‏شكلاً ‏ومضموناً"، وبررت ما كشفه بان "رئيس الجمهورية وانطلاقاً من صلاحياته ومن حرصه ‏على ‏تسهيل وتسريع عملية التشكيل لا سيما في ضوء الظروف القاسية التي تعيشها البلاد، ‏أرسل ‏الى رئيس الحكومة المكلف ورقة تنص فقط على منهجية #تشكيل الحكومة وتتضمن ‏‏4 أعمدة ‏يؤدي اتباعها الى تشكيل حكومة بالاتفاق بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف". ‏وقالت أنّ ‏‏"رئيس الجمهورية حريص على تشكيل حكومة وفقاً للدستور، وكل كلام ورد على ‏لسان رئيس ‏الحكومة المكلف وقبله رؤساء الحكومات السابقين حول أن رئيس الجمهورية لا ‏يشكل بل ‏يصدر، هو كلام مخالف للميثاق والدستور وغير مقبول، اما الثلث المعطل فلم ‏يرد يوماً على ‏لسان الرئيس"‏‎.‎

ورد المكتب الاعلامي للرئيس الحريري مؤكداً انه منذ تكليفه وبدء اجتماعاته "كان ‏رئيس ‏الجمهورية يصر في كل اجتماع على التمسك بحصوله على الثلث المعطل، وهذا الامر ‏لم ‏يتغير من البداية وحتى اليوم". وأسف "بشدة لاقحام المديرية العامة لرئاسة الجمهورية ‏ببيان ‏لتضليل اللبنانيين وتزوير الحقائق والوثائق" ونشرت على الاثر الاوراق كما وصلت من ‏رئيس ‏الجمهورية. وتبين الوثائق بوضوح جدولا مفصلا وضعته رئاسة الجمهورية لتوزيع ‏الحقائب ‏الوزارية تفصيليا على الأطراف والطوائف وفق صيغتي 18 و20 وزيرا وتترك خانة ‏الأسماء ‏وحدها فارغة‎.‎

وحاولت مصادر بعبدا التعمية على انكشاف محاولاتها فاتهمت الحريري بانه حضر الى ‏بعبدا ‏بنية مسبقة بالتصعيد وان عون لم يرسل اليه أسماء في "ورقة المنهجية" على أساس ‏ان ‏يقترح الحريري الأسماء وياتي لمناقشتها مع الرئيس عون. ووفق رواية هذه المصادر ‏فان ‏عون قال للحريري امس "اعتبر هذه الورقة ما كانت وننطلق من الصيغ التي طرحناها ‏سابقا ‏ونتفاهم عليها" ورد الحريري "خلص انا لا اريد سوى التشكيلة التي قدمتها من 18 ‏وزيرا ‏وبالاسماء الواردة فيها". ثم اتبعت ذلك بالزعم ان الصيغة التي وزعها بيت الوسط ‏سلمت في 9 ‏كانون الأول الماضي‎.‎

‎شينكر والثلث المعطل

وفي غضون ذلك اكد مساعد وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى سابقا ديفيد ‏شينكر ‏أنه "لا يزال هناك الكثير مما يلزم عمله في ما خص لبنان"، وقال"لبنان يزخر ‏بالأشخاص الذين ‏لا يتعاونون مع "حزب الله" وحسب وإنما هم فاسدون فسادًا فاحشًا." ‏وأضاف في حديث الى قناة ‏‏"الحرة" ان "المشكلة الحقيقية أن الفساد يطال كل جزء من ‏جوانب الحكم في لبنان، لدرجة أنه ‏يتعذر تشكيل حكومة الآن، لأنه يبدو أن الوزير جبران ‏‏باسيل والرئيس ميشال عون يتمسكان ‏بثلث معطل في الحكومة الجديدة بسبب تطلعات ‏جبران باسيل الشخصية لضمان ان يكون الرئيس ‏المقبل للبنان‎".‎‎

باريس وواشنطن

ووضعت فرنسا ملف الازمة اللبنانية على طاولة اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي ‏امس ‏اذ أشار وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لو دريان الى أنه طلب من نظرائه في ‏الاتحاد ‏الأوروبي النظر في سبل مساعدة لبنان الذي يواجه أسوأ أزمة اقتصادية منذ عقود. ‏وقال ‏لدى وصوله إلى الاجتماع إن "فرنسا تتمنى أن نبحث قضية لبنان اذ لا يمكن ‏للاتحاد ‏الأوروبي أن يقف مكتوف الأيدي ولبنان ينهار". وأضاف "البلد يسير على غير هدى ‏ومنقسم ‏وعندما ينهار بلد ما يجب أن تكون أوروبا مستعدة‎" .‎‎

ومساء امس، أعربت وزارة الخارجية الأميركية عن "قلقها حيال الوضع في لبنان وعجز ‏القيادة ‏فيه"، داعية "القادة السياسيين إلى وضع انتماءاتهم الحزبية جانبا وتشكيل حكومة ‏في اسرع وقت ‏تعالج الأزمات المتعددة في لبنان‎"‎‏. ‏



النهار ‏

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

23 آذار 2021 08:52