جورج بكاسيني

31 آذار 2021 | 12:13

كتب جورج بكاسيني

قراءة في قراءة جنبلاط !

قراءة في قراءة جنبلاط !

‏----------- جورج بكاسيني




لفت انتباه المتابعين لشؤون تشكيل الحكومة وشجونه مسلسل المواقف المتعدّدة التي أعلنها رئيس ‏الحزب "التقدمي الإشتراكي" وليد جنبلاط بمواكبة هذا الملف منذ بدايته حتى اليوم. ‏

تعدّدت النتائج التي خلُص إليها الزعيم "الإشتراكي" رغم أن الأسباب واحدة: "لعبة الأمم" وما ‏نجم عنها من هواجس لازمت خطابه السياسي على امتداد الأشهر الأخيرة. ‏

وإذا كان الهاجس المشار إليه مبرّراً انطلاقاً من "براغماتية" جنبلاط المستدامة، فإنّ ‏تعدّد الخلاصات الناجمة عنه يُربك أصحاب الشأن على اختلافهم أو يدفعهم الى "ضفّة" الانتظار ‏كي يرسو صاحب هذه الخلاصات على برّ. ‏

فما نقل عن لسان رئيس "التقدّمي" في وسائل الإعلام اليوم هو الاقتراح العاشر أو أكثر، منذ ‏تكليف الرئيس سعد الحريري تشكيل الحكومة.‏

عشية التكليف لم يكن جنبلاط متحمّساً لعودة الحريري الى السراي اعتقادًا منه بأن الأخير ما زال ‏على اتفاق (أو سيعاود الاتفاق) مع رئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل. بعد التكليف ‏رحّب رئيس "الاشتراكي" بالخطوة على قاعدة التزام رئيس "المستقبل" بـ"حكومة اختصاصيين". ‏لكن بعد أسابيع دعا جنبلاط الحريري إلى "الإعتذار" وشنّ حملة ضد سياسات "الممانعة"، ‏ناصحاً "حليفه" بتحميلها المسؤولية والخروج من مسار التأليف. ‏

ثم تواصل بعد حين مع الرئيس المكلف وجدّد تأييده للمسار الذي يسلكه وللصيغة التي قدّمها ‏لرئيس الجمهورية (18 وزيراً ) وبعد أسابيع فاجأ الجميع بزيارة لقصر بعبدا "بدعوة من رئيس الجمهورية" وأعلن تأييده لتشكيل ‏حكومة من 20 وزيرًا، قبل أن يعلن مجدّدًا دعمه لصيغة الحريري . ورغم استيائه من فيديو ‏‏"الكذّاب" ومن ثمّ رسالة "درّاج القصر" عاد الى المطالبة بحكومة من 24 وزيراً،مع العلم أن ‏ثمّة من يقول إن جنبلاط أصبح يُحبّذ صيغة الـ " 3 ثمانات" التي اعتمدت في حكومة الرئيس ‏تمام سلام. وفوق كل ذلك عاد الى لازمة "التسوية" وتبنّى إقتراحاً طالما كان أكثر المتوجّسين ‏منه، ويرمي الى أن "يتّفق" الحريري مع باسيل، محمّلاّ الخلاف بينهما مسؤولية تأخير تشكيل ‏الحكومة. ‏

في غضون ذلك برزت مفارقة في مخاطبة جنبلاط لـ"حزب الله" حيث اعتبر أن الموقف الايراني سبباً رئيسياً في المأزق ‏الراهن، لكن الوزير الأسبق غازي العريضي قدّم أسباباً تخفيفية لتغريدة عبدالأمير اللهيان ‏في مقابلته التلفزيونية الاخيرة . ‏

‏ وبدا أن الموقف من إيران والتشدد حيال مواقف السيد حسن نصرالله، لا تحول دون التقاء جنبلاط مع الأخير على حكومة تكنوسياسية من 24 وزيراً .‏

لا يختلف إثنان على ان رئيس الحزب "التقدمي الاشتراكي" وليد جنبلاط يقرأ جيداً في المتغيرات ، ‏والانطباع السائد لدى كثيرين ان إشهار مخاوفه ناجم عن قراءته ومتابعاته وقلقه على الأوضاع ‏في الجبل . ‏

لكن في المقابل، هناك من يرى أنه يصعب على حلفاء جنبلاط قبل خصومه ، أن يقرأوا ‏بوضوح قراءاته المتعددة والمتغيّرة خلال فترات زمنية قصيرة ، الأمر الذي جعله محل تعريض ‏بكفاءته وخبرته وحسن تقديره ووصفه بما لا يليق به ولا يستحقّه حتماً ، بأنه متقلّب المزاج ‏والآراء . ‏

ما يستدعي هذه المصارحة مع وليد جنبلاط ، أنه زعيم وطني وأكثر السياسيين اللبنانيين حنكة ‏وثقافة ، وانه تحمّل تبعات مرحلة سياسية شديدة الخطورة بعد اغتيال الرئيس الشهيد رفيق ‏الحريري . ‏

منذ ما بعد اتفاق الدوحة والانقلاب الذي شارك فيه على حكومة الرئيس سعد الحريري ، ثمة ما هو غير سويّ في العلاقة بين الرجلين ، اشتغل الأخير حسب علمنا ، على استيعابها وتقديم ‏العلاقة التاريخية مع المختارة والمحبة الشخصية على ما عداها من أمزجة سياسية ومحاولات ‏بعض المحيطين التحريض في هذا الاتجاه أو ذاك . ‏

‏ لكن مسار المواقف في الأشهر الاخيرة ، أعاد تسليط الاضواء على حركة التنقلات السياسية ‏التي يقوم بها جنبلاط ، والتي حيّرت جميع المعنيّين حول أي اقتراح يريد من ‏الرئيس المكلّف أن يرسو عليه : اقتراح الخصومة مع جبران باسيل أو الاتفاق معه؟ صيغة الـ18 ‏وزيراً أو 20 أو 24؟ حكومة اختصاصيين أو "تكنو سياسية ؟ صيغة الـ "3 ثمانات" أو "3 تسعات" أو "3 عشرات" أو غيرها؟ ‏

الى أين؟ ‏

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

جورج بكاسيني

31 آذار 2021 12:13