9 نيسان 2021 | 15:28

أخبار لبنان

السنيورة: عون وجماعته رفضوا التدقيق الجنائي منذ 14 عاماً

أكد الرئيس فؤاد السنيورة أن مصر والجامعة العربية تلعبان دوراً هاماً في دعم ‏استقرار لبنان وصموده والتأكيد على استقلاله وسيادته واستمراره في الحفاظ على ‏نظامه الديمقراطي وعلى حرياته العامة. ‏

ولفت السنيورة، الى أن "لبنان اصطدم عملياً باستعصاءين: الاستعصاء الأول ‏ويتمثل بما يمارسه رئيس الجمهورية وإلى جانبه صهره رئيس التيار الوطني الحر ‏واللذان يصران على أن تكون الحكومة ممثلة من مختلف الأحزاب الطائفية ‏والمذهبية. والاستعصاء الآخر وهو الطرف الذي يتلطى وراء رئيس الجمهورية ‏وهو حزب الله الذي لديه أهداف أخرى ويريد أن يستمر بإمساكه بهذه الرهينة التي ‏هي لبنان والدولة اللبنانية من أجل ان يستعملها كوسيلة ضغط لكي تزيد من القدرة ‏التفاوضية لإيران.‏

وشدد على أن "المشكلة ليست في اتفاق الطائف بل في تلك الممارسات التي لا ‏تستند الى الدستور اللبناني وبالتالي تحاول هذه الأطراف أن تحرف نظر الناس ‏عن جوهر المشكلات التي يعاني منها لبنان.‏

الى ذلك، قال السنيورة إن "عون وجماعته رفضوا ما تقدمت به حكومتي للتدقيق ‏المالي منذ 14 عاماً بمشروع قانون من أجل إخضاع جميع ما يتعلق بمالية الدولة ‏اللبنانية في إداراتها ومؤسساتها للتدقيق الخارجي الذي تجريه شركات عالمية ‏مرموقة". ‏

كلام السنيورة جاء خلال حوار أجراه مع تلفزيون "الشرق" حول الاوضاع الراهن ‏في لبنان وابعاد التحرك العربي الراهن وفي ما يلي نصه:‏

س: كيف تقرأ المساعي العربية وهل ستنجح هذه المساعي؟

ج: بدايةً مساء الخير لك ولجميع المشاهدين.‏

مما لا شك فيه ان هذه الزيارات التي حصلت البارحة واليوم من قبل وزير ‏الخارجية المصري ومن نائب الأمين العام لجامعة الدول العربية هي محاولات ‏مشكورة ومقدّرة. إذ لطالما كانتا ولا تزالان مصر والجامعة العربية تلعبان دوراً ‏هاماً في دعم استقرار لبنان وصموده والتأكيد على استقلاله وسيادته واستمراره في

الحفاظ على نظامه الديمقراطي وعلى حرياته العامة. وهما اليوم يقفان معه ‏ويدعمانه، ولاسيما وأنّ لبنان يمرّ بظروف شديدة الصعوبة، وحيث تشتد عليه ‏المخاطر بسبب تراكم وتعاظم الاستعصاء لعدم القيام بالإصلاحات التي طال ‏تأخيرها، وكذلك بسبب ما يعانيه لبنان من عدم التجاوب مع ما يطلبه اللبنانيون من ‏اجل ان تتألف حكومة إنقاذ ذات مهمة محددة تحظى بثقة اللبنانيين وبثقة المجتمعين ‏العربي والدولي.‏

هذه الحكومة هي التي تمثلها المبادرة الفرنسية التي تقدم بها الرئيس الفرنسي ‏ماكرون، والذي حضر الى لبنان مباشرة بعد الانفجار المريب الذي حصل في مرفأ ‏بيروت. وهو اجتمع بالعديد من اللبنانيين واستمع لما يقوله اللبنانيون الشباب الذين ‏طالبوا بحكومة من الاختصاصيين الكفوئين المستقلين غير الحزبيين وبضرورة أن ‏تسود وجهة نظر وممارسة جديدة في عملية تأليف الحكومة الجديدة تختلف عن ‏الممارسات السابقة في تأليف الحكومات، والتي كانت تستند الى التحاصص بين ‏الأحزاب على الحقائب وعلى المراكز في الحكومة. وهي الممارسات التي اثبتت ‏فشلها على مدى السنوات الماضية والتي أوصلت لبنان إلى ما وصل إليه من ‏الانهيارات الحاصلة كبيرة أسهمت فيها انهيارات في آليات المساءلة والمحاسبة ‏على أساس الأداء، والتي هي جوهر النظام الديمقراطي في تحقيق التغيير المنشود.‏

الوضع الذي أصبحنا عليه الآن، هو أنّ لبنان اصطدم عملياً باستعصاءين: ‏الاستعصاء الأول ويتمثل بما يمارسه فخامة الرئيس وإلى جانبه صهره رئيس ‏التيار الوطني الحر، واللذان يصران على أن تكون الحكومة ممثلة من مختلف ‏الأحزاب الطائفية والمذهبية، وهي عندما تؤلف على هذا الأساس فإنها تخالف ‏المبدأ الذي انطلقت منه المبادرة الفرنسية ومخالفة للقاعدة التي طالب باعتمادها ‏اللبنانيون الذين يطالبون أن تتألف هذه الحكومة من اختصاصيين كفوءين

مستقلين غير حزبيين. وبناء على ذلك، فإنها تستطيع أن تمارس الدور التي ‏عجزت عنه الحكومات الماضية في القيام بالإصلاحات.‏

ليس هذا هو الاستعصاء الوحيد الذي يمارسه رئيس الجمهورية. إذ أنّ الاستعصاء ‏الآخر، وهو الطرف الذي يتلطى وراء رئيس الجمهورية، وهو حزب الله الذي لديه ‏أهداف أخرى. إذ أنه من جهة أولى يريد أن يستمر بإمساكه بهذه الرهينة التي هي ‏لبنان والدولة اللبنانية من أجل ان يستعملها كوسيلة ضغط لكي تزيد من القدرة ‏التفاوضية لإيران في مفاوضاتها القادمة مع الولايات المتحدة.‏

ليس ذلك فقط بل هو قد أوصل الأمور تدريجيا إلى أن تصبح عملية تأليف الحكومة ‏وكأنها جزءاً من عملية الاستحقاق الرئاسي القادم بالنسبة لرئاسة الجمهورية. هذا ‏هو الامر الذي يريده حزب الله، وهو الإمساك بمسألة تأليف الحكومة العتيدة من ‏اجل ان يحفظ لنفسه الدور المقرر بالنسبة للحكومة اللبنانية وفي لبنان في الفترة ‏القادمة، وذلك بما يتعلق باختيار رئيس الجمهورية الجديد بعد سنة ونصف. هذا هو ‏حقيقة الوضع الذي يعاني منه لبنان الآن وهذه الزيارات تحصل اليوم ولا يزال ‏رئيس الجمهورية على استعصائه.‏

س: في ظل استعصاء رئيس الجمهورية الى اين تتوقع ان تصل مبادرة الرئيس ‏بري؟

ج: لا شكّ ان الرئيس بري قدم أفكاراً وهي منطلقة أساسا من فكرة الرئيس ‏ماكرون في أن تكون حكومة من الاختصاصيين الكفوئين المستقلين، وأيضاً أن ‏تكون الحكومة الجديدة قادرة على أن تتولى عملية الإصلاح المنشود وبكافة أشكاله. ‏وهي التي من المفترض أكانت بعددها الذي لا يزيد عن ثمانية عشرة عضواً أو ما ‏يقول الرئيس بري أن يصار الى زيادتها الى ان تكون 20 او 24.‏

الحقيقة في هذا الامر، أنه لا يمكن البت بأمر العدد إلاّ في ضوء التصور الكامل ‏لتأليف الحكومة، وذلك أن لا يكون هناك محاصصة داخل مجلس الوزراء ولا أن

تبنى الحكومة على قاعدة الثلث المعطّل. إذا كانت المحاصصة سوف تسري في ‏عملية التأليف فإنّ معنى ذلك ان هذه الحكومة سوف تولد ميتة لان ما يعانيه لبنان ‏هو في استمرار المحاصصة.‏

الآن يجب ان يكون واضحاً أمام الجميع أنّ هناك انهياراً كبيراً وساحقاً في ‏مستويات الثقة ما بين اللبنانيين من جهة، والدولة اللبنانية والمنظومة السياسية ‏وأيضاً برئيس الجمهورية، وكذلك الامر ينطبق على المجتمعين العربي والدولي ‏الذين فقدوا الثقة بهم. وإذا كان تأليف الحكومة سوف يستمر على ذات النمط الذي ‏مارسه السياسيون اللبنانيون خلال السنوات الماضية، فسوف تولد الحكومة ميتة ‏ولن تستطيع ان تقدم شيئا للبنانيين وسوف تزداد الأمور اهتراء. ما نراه اليوم أن ‏هناك عمليات إلهاء للبنانيين ولحرف انتباههم عن المشكلات الأساس التي هي ‏مشكلات تتعلق بممارسات رئيس الجمهورية المخالفة للدستور، والتسلط الذي ‏يمارسه حزب الله والهدف منه إبقاء سلطتهما على الدولة اللبنانية وعلى قرارها ‏الحر. ولذلك، فإنّ الرئيس وحزب الله يلهون اللبنانيين ساعة في موضوع التدقيق ‏الجنائي وساعة في موضوع الدعم، بحيث حولوا اللبنانيين إلى متسولين للمواد ‏المدعومة. هناك مزيد من الالهاء في مشكلات جانبية، وكذلك إن لم تعالج ‏المشكلات الأساسية، إذ أنه لا تعالج الامراض بمظاهرها بل يجب أن تعالج في ‏جوهرها.‏

س: عند الحديث عن مأزق تشكيل الحكومة وعن اتفاق الطائف هل اتفاق الطائف ‏في مأزق اليوم؟

ج: في هذا الشأن، هناك أيضاً عملية تجهيل وإلهاء. فالمشكلة ليست في اتفاق ‏الطائف، بل في طريقة ممارسته وفي عدم استكمال تطبيقه. اتفاق الطائف أنهى ‏الحرب، وهو أنهى مشكلة سياسية أساسية في لبنان. إذ أنه قدم الحل الصحيح لما ‏يسمى المجتمعات المتنوعة بموضوع حسم هوية لبنان العربية وفي نهائية الكيان

اللبناني. وهذه جميعها تقوم على تثبيت فكرة العيش المشترك. وبالتالي الاعتراف ‏والتأكيد على احترام الدولة اللبنانية وسلطتها واحترام الشرعيتين العربية والدولية. ‏ولذلك، فإنّ ما يحاول البعض بأن يسلط الضوء على ان المشكلة هي في النظام ‏اللبناني او في اتفاق الطائف هو غير صحيح. المشكلة ليست في اتفاق الطائف بل ‏في تلك الممارسات التي لا تستند الى الدستور اللبناني. وبالتالي، تحاول هذه ‏الأطراف أن تحرف نظر الناس عن جوهر المشكلات التي يعاني منها لبنان. ‏المشكلة ليست في اتفاق الطائف وهذا ما عبر عنه غبطة البطريرك عندما قال ان ‏المشكلة ليست في الدستور. المشكلة في من يطبق ويقوم بممارسات مخالفة ‏للدستور. المشكلة في عملية الاستيلاء على لبنان ومنعه من ممارسة سيادته الكاملة ‏على أرضه ومصادرة قراره الحر.‏

س: هل المساعي العربية اليوم فرصة لبنان الأخيرة؟

ج: لا شك اننا نقترب من الارتطام الكبير ولا شك ان هذا الاستعصاء الذي مارسته ‏المنظومة السياسية في لبنان والمتمثل بالامتناع عن اجراء الإصلاحات، وهو الأمر ‏الذي نتج عنه اهتراء وتدهور أكبر، وحيث بدأ اللبنانيون يعانون من ذلك من خلال ‏انهيار الثقة وانهيار الاقتصاد وانهيار المؤسسات التي يقوم عليها لبنان على شكل ‏انهيار المؤسسات المصرفية والاستشفائية والتعليمية وكل ما له علاقة بحياة ‏الانسان، ولاسيما عندما انخفض سعر صرف العملة اللبنانية بنسبة 90% من ‏قيمتها قبل بدء الانهيار في تشرين الأول 2019، ولاسيما خلال الأشهر القليلة ‏الماضية. هنا يمكن أن تتصوري كيف سيكون عليه مستوى معيشة الناس. وبالتالي، ‏فقد تحول قسم كبير جداً من اللبنانيين الذي أصبحوا تحت خط الفقر. وهذا يؤدي الى ‏مزيد من المشكلات المعيشية من جهة كذلك المشكلات الأمنية. وبالتالي ها نحن ‏نرى ما يعاني منه اللبنانيون وما يتألمون منه. في

المقابل، نجد أنّ رئيس الجمهورية يتحدث للبنانيين البارحة ويتناسى مشكلة ‏الاستعصاء عن تأليف الحكومة ليحصر حديثه بالتأكيد على التدقيق الجنائي.‏

يا سيدتي، يؤسفني في هذا الامر أن أقول أنّ رئيس الجمهورية وجماعته، هم الذين ‏كانوا يرفضون ما تقدمت به حكومتي منذ 14 عاماً بمشروع قنون من أجل إخضاع ‏جميع ما يتعلق بمالية الدولة اللبنانية في إداراتها ومؤسساتها للتدقيق الخارجي الذي ‏تجريه شركات عالمية مرموقة ولها الصدقية الدولية من أجل تعزيز مستويات ‏الحوكمة لدى الدولة اللبنانية وفي أوضاعها المالية. هم الذين كانوا هم ضده ووقفوا ‏ضده وفجأة نراهم يتحدثون الآن عن التدقيق الجنائي وفي مقدمهم رئيس ‏الجمهورية.‏

الباب الصحيح الآن للولوج الى البدء باعتماد الحلول هو في البدء في استعادة الثقة. ‏ويكون ذلك في تأليف الحكومة العتيدة على الأسس التي تحدثتا عنها. وعندما تتألف ‏الحكومة أستطيع أن أراهن معك بأنه لن يستطيع أي مسؤول او أي سياسي لبناني ‏أن يرفض مبدأ إخضاع المؤسسات اللبنانية الى التدقيق الجنائي والتدقيق العادي، ‏وهو الذي جرى إقراره بقانون في مجلس النواب ووافقت عليه جميع الأطراف ‏السياسية. يجب إعادة الاعتبار عندها لقاعدة أساسية وهي أنه لا يجوز أن يكون ‏هناك أحد بمعزل عن المساءلة وعن المحاسبة. هذه قاعدة يجب ان تنطبق على ‏الجميع من أجل حماية المال العام.‏

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

9 نيسان 2021 15:28