كتب وسيم وليد دلي (*):
في المفاهيم الاقتصادية المتطوّرة والمنفتحة على تبادل الاستثمارات والتجارة الحرة لا بد دائماً من الانفتاح على جميع الدول في العالم للاستفادة قدر الإمكان من إمكانيات هذه الدول ودعمها شرط إعلاء المصلحة الاقتصادية الوطنية العليا في اي حل اقتصادي وعدم الشروع في اللعب الأممية بين الدول الكبيرة كي لا تُمعِن بدورها باستخدام اقتصادنا بتوجيه رسائل سياسية او تكبّدنا الخسائر بسبب انحيازنا لجهةٍ ما، بدل حيادنا للحفاظ على وطننا ونأيِهِ عن هذه المعارك الاقتصادية الطاحنة .
اليوم وفي القرن الواحد والعشرين اصبح من الواضح منهجيّة اتّباع الحروب الاقتصادية بين الدول الكبيرة متّبعين سياسة التركيع الاقتصادي الذي يُوفّر خسارة البشر والسلاح والعناء على الشعب بدلاً من الحروب العسكرية . من هنا بدأت هذه السياسة تتبلور شيئاً فشيئاً مع بعض دول الشرق الاوسط مؤخراً بسبب انحياز بعض من هذه الدول لمحورٍ ما على حساب محور آخر يُمسك بمفاصل العالم الاقتصادية من العملات الصعبة للتطور والتكنولوجيا الحديثة التي ستكون مستقبل العالم أجمع وإن لم نجاريها فلا قيامة لنا كلبنان اولاً وكشعب ومجتمع ثانياً .
في ظلّ التخبّط الحكومي الحاصل يسعى الرئيس المكلّف جاهداً من هنا وهناك في جولاته الدولية للملمة هذه العزلة المترافقة مع الاهتراء الاقتصادي الحاصل في البلد متسلحاً بفكرة الاختصاصيين المحايدين اللا مستفزّين متّكلاً على علاقاته الدولية ومعايير المبادرة الفرنسية الحاصلة على دعم دولي كافٍ للبدأ بخطة اقتصادية واضحة المعالم إن من جهة التعاون مع صندوق النقد الدولي ووضع خطط قريبة وبعيدة المدى وإن من جهة الإصلاح في هياكل الدولة المتصدّعة بمكافحة الفساد والعمل على انعاش مؤتمر سيدر وتفعيله كي نستحصل على أولى الرزمات المالية موازاةً مع الخطة التقشفية الاصلاحية التي لا بد منها للرجوع الى السكّة الصحيحة ووقف الانهيار ، وقد لاقى دولته كل دعم في هذا الإطار من دول الخليج ، لمصر ، لفرنسا والولايات المتحدة وآخرها روسيا ، وهذا إن دلّ على شيء يدل على مدى ثقة المجتمع الدولي بالرئيس الحريري لقيادة السفينة الى بر الأمان واقتناعهم بعناوين خطته وجهده للبدأ بالحل بمساعدتهم .
من هنا على جميع الأفرقاء استدراك هذه الفرصة الذهبية الأخيرة كي ننقذ ما تبقّى ونحاول استرجاع ما خسرناه من مكانة عالمية اقتصادية مهمّة وهذا لا يتم الا بالرجوع للمواطنية وتغليب مصلحتها على اي مصلحة أُخرى فالخلافات الأممية ومصالحها المتقاطعة لسنا في موضِع الدخول بها ولا يمكننا فيجب أن ندرك حجمنا ودورنا المتمثّل فقط بالحفاظ على البلد من خلال علاقات شفافة واضحة وجيدة مع العالم أجمع من دون المواربة من البعض بغية الحفاظ على المصالح الطائفية والمشاريع الفئوية الضيقة او تلك المرتبطة بمصالح دول تبيعنا عند اول اتفاق دولي يخدمها، فحين يقع الهيكل نهائياً سيقع على الجميع .
(*) منسق قطاع الشباب في "تيار المستقبل" في البقاع الأوسط
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.