17 نيسان 2021 | 11:33

أخبار لبنان

وحده الحريري خارج العزلة

‏ ليبانون ديبايت - علي الحسيني




يرى البعض في لبنان راهناً، نموذجاً أقرب إلى السجن منه إلى الوطن، سواء بالنسبة للشعب ‏اللبناني، العاجز عن إستعادة حريّة كان مارسها طيلة عقود من الزمن قبل أن يخسرها بسبب ‏الوضع المعيشي أوّلاً، والوضع الصحّي ثانياً، أو بالنسبة إلى المسؤولين السياسيين، الذين سُحب ‏منهم شرف تمثيل بلادهم في العديد من دول الخارج، إمّا بسبب فسادهم وما أكثره، وإمّا بسبب ‏تقديمهم مصالحهم الشخصية والحزبية والطائفية على مصلحة البلد، وأخذهم البلد وحكومته ‏رهينة، إلى حين الإفراج عن هذه المصالح‎.‎

وحده الرئيس المُكلّف سعد الحريري خارج هذه العزلة، فعلى الرغم من عدم تأليفه الحكومة بعد ‏لأسباب لم تعد تغيب عن أي مواطن لبناني، فهو ما يزال يُمارس نشاطه السياسي في الداخل ‏والخارج، كما لو أنه السياسي الوحيد الذي يُتابع بجهد واهتمام، مسؤولياته الوطنية أولاً، وثانياً ‏واجباته السياسية إنطلاقاً من موقعه المُتميّز سواء كرئيس مُكلّف تُحجب الموافقة عن تشكيلته ‏الحكومية بفعل الكيدية السياسية، وكرئيس كتلة برلمانية وازنة في مجلس النواب، وأيضاً كزعيم ‏لتيّار سياسي يُمثّل واحدة من أكبر الطوائف اللبنانية ومؤثّر في الحياة السياسية‎.‎

ومن ضمن الإستراتيجية نفسها التي كان يتبعها والده الشهيد الرئيس رفيق الحريري من خلال ‏تطويعه الفضاء لرحلاته المكّوكية بين دول العالم طالباً مساعدة لبنان في كافة المجالات، يسير ‏الحريري الإبن اليوم، باحثاً عن حلول سياسية ـ إقتصادية تُعيد لبنان إلى موقعه السابق بين هذه ‏الدول، وعن حلول طُبيّة ترفع عن وطنه حجم الكارثة الصحية التي تعاظمت بفعل سوء إدارة ‏المسؤولين لهذا الملف. ففي الوقت الذي سعى فيه الحريري لتأمين أعداد من اللقاحات ضد ‏فيروس "كورونا"، كان هذا اللقاح يُباع في السوق السوداء، ويُهرّب من لبنان تحت أعين سلطة ‏لم يرفّ لها جفن ولم تجرؤ، لا على مُحاسبة المُرتكبين، ولا على السؤال‎.‎

في موسكو كما في دول أوروبية وعربية، كان استقبال الرؤساء والزعماء للحريري، دليلاً قاطعاً ‏على مكانته ودوره الفاعل، ورسائل أكثر من واضحة وصريحة لكل "سجناء" السلطة في ‏الداخل، بأن زمن الحريري السياسي لم ينتهِ كما يُحاول البعض إظهار الأمور أو السعي لتحقيق ‏هذا الأمر، وأن للرجل حاجة أساسية في أي عملية إصلاح سياسية أو اقتصادية، تماماً كما أنه ‏محل ثقة لدى هذه الدول، وهو السياسي اللبناني الوحيد الذي تراجعت ثروته منذ دخوله المُعترك ‏السياسي، علماً أن هذا الأمر لا يشفع له ولا يعفيه من مسؤوليات ترتّبت عليه خلال وجوده في ‏السلطة‎.‎

كل ما سَلف، هو مؤشر واضح لعمق الأزمة التي تعيشها السلطة بكل تكاوينها الحزبية ‏والسياسية، وإذا وجبت المقارنة بين العزلة الدولية التي تُعاني منها هذه السلطة بثلاثيتها الرئاسية، ‏وبين حركة الحريري المكّوكية ومسابقته للمسافات الزمنية، يظهر للعيان أن ما يعيشه لبنان في ‏الوقت الحالي من عزلة بين الأشقاء قبل الغرباء، هو أسوأ ما مرّ عليه لدرجة جعل البعض يترحّم ‏على زمن الرئيس إميل لحود، إذ أنه في تلك الفترة، ظلّت بعض الدول "فاتحة" أبوابها أمام أهل ‏السلطة، بينما اليوم كل الأبواب الخارجية موصدة بوجهها ويتم تجاهلها حتّى في أقل المؤتمرات ‏الدولية شأناً‎.‎

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

17 نيسان 2021 11:33