20 نيسان 2021 | 08:27

أخبار لبنان

النزاع القضائي في الشارع وآلية أوروبية للعقوبات

كتبت صحيفة " النهار " تقول‎ : ‎إذا كان مجلس القضاء الأعلى آثر التريث الى اليوم ‏للاستماع الى القاضية غادة عون قبل اتخاذ قراره النهائي ‏في ظاهرة تمرد قضائي ‏تؤكد الوقائع ان القضاء لم ير مثيلاً لها حتى إبان حقبات الحروب، فهذا التريث ‏الذي لم ‏يستستغه الحرصاء على مهابة القضاء ومؤسسته الام، لم يحجب ابداً ‏الترددات البالغة الخطورة التي توالى ‏ظهورها لليوم الرابع في سياق هذا التطور ‏القضائي السلبي الذي قفز الى واجهة المشهد اللبناني.‏

‏ أولا بدت صورة ‏‏"النزاع القضائي" لا التمرد الفردي للقاضية عون على قرار ‏النائب العام التمييزي غسان عويدات كأنها احتلت ‏المشهد بما تسبب بمزيد من ‏تشويه لصورة السلطة التي يفترض ان تعالج أمورها الداخلية وفق النظام ‏والأحكام ‏والقوانين، اكثر من أي سلطة ومؤسسة أخرى، باعتبار انها القيمة ‏الحارسة على تطبيق القوانين واحكام العدالة. ‏ثانيا انزلق "النزاع القضائي" الى ‏الشارع بصورة شديدة السلبية مع تحزب فريقين متظاهرين احدهما عوني ‏الهوى ‏والتنظيم يهتف لغادة عون، والآخر مستقبلي الهوى والتنظيم يهتف لغسان عويدات، ‏وتحولت مستديرة قصر ‏العدل ساحة عزل وفصل وتحديات بين الفريقين اللذين ‏مهما تفننا في نفي الطابع الانقسامي عنهما، فان ايحاءات ‏تطييف مسألة قضائية ‏وإنزالها الى الشارع لا يمكن القفز فوق إيحاءاتها خصوصا متى بدا واضحا ان ‏النزاع ‏القضائي صار ترجمة إضافية للنزاع العوني - المستقبلي حول تاأليف ‏الحكومة الجديدة. ثالثا بدا العهد الذي يتحمل ‏أولا وأخيرا مع تياره السياسي برئاسة ‏النائب جبران باسيل تبعة استقواء صاحبة التمرد بمرجعيته كأنه بدأ يتلقى ‏ترددات ‏وتداعيات هذا التطور بانزلاق الأمور الى "بيت" العهد ذاته. فلم يكن تطوراً نافلاً ‏ان يطلق احد اقرب ‏الرموز من رئيس الجمهورية، نائب رئيس مجلس النواب ايلي ‏الفرزلي تلك الدعوة المدوية لتسلم الجيش كامل ‏السلطة بما فيها "ارسال رئيس ‏الجمهورية الى بيته" في معرض إطلاقه الإنذار الأقوى بازاء الانقلاب ‏القضائي ‏الامر الذي حدا بالمستشار الأكبر والأول للرئيس عون الوزير السابق ‏سليم جريصاتي الى الرد المباشر على ‏حليف الامس‎.‎

اذن الصورة التي تابعها اللبنانيون في تظاهرة قصر العدل، بدت صادمة، فلم يحدث ‏أن حصل اشتباك وهرج ‏ومرج بين مناصري قاضيين أمام العدسات، كما حصل ‏امس تزامناً مع انعقاد المجلس الأعلى للقضاء للنظر في ‏قضية القاضية غادة عون. ‏وفي الشكل، بدَت الدولة كأنها تتحلل فعلا في مشهد قصر العدل على عتبة ‏القضاء ‏المحتضر الذي انتهكت السياسة حرمته، علماً أن أي مراقب لتركيبة القضاء ‏والطريقة التي يعيّن بها القضاة كان ‏عليه توقع مشهد مماثل عند مفترق النزاعات ‏السياسية الماضية في كسر كل الحدود، اذ إن اخضاع القضاء أيضا ‏للمحاصصة، لا ‏يمكن أن ينتج إلا مشهداً منفرا كالذي حصل امس‎.‎

وعلى اثر اجتماعه في حضور جميع اعضائه للبحث في تمرّد القاضية عون على ‏قرار مدعي عام التمييز، لم ‏يحسم مجلسُ القضاء الاعلى خطوتَه المقبلة في حق ‏عون. وآثر التريث وإعطاء عون فرصة اضافية، علّها تمتثل ‏لقرار كفّ يدها، ‏ودعاها الى جلسة العاشرة صباح اليوم للاستماع اليها. وفي ضوء ما ستقوله، ‏سيصار الى تحديد ‏توجّه المجلس نحو إما عزلها - وهو خيار مستبعد - او إحالتها ‏الى التفتيش القضائي. ووفق المعلومات، أعرب ‏القضاة سهيل عبود وبركان سعد ‏وعويدات عن امتعاضهم لوزيرة العدل من أداء عون وأنهم مع إحالتها إلى ‏التفتيش‎.‎

في جانب آخر من الترددات فجر نائب رئيس مجلس النواب ايلي الفرزلي قنبلة ‏سياسية مدوية لدى تكراره امس ‏دعوة الجيش الى "تسلم السلطة في لبنان وتعليق ‏الدستور" في مواجهة الانقلاب القضائي الحاصل. وقال "حاول ‏البعض ان يحصر ‏هذا بالامر برئيس الجمهورية ليعمر بعض التعاطف عليه، عندما تحصر برئيس ‏الجمهورية انا ‏الحصن الحصين للدفاع عنه. انا احكي عن كل مؤسسات الدولة. ‏يتسلم الجيش السلطة ويزيل هذا الواقع الذي ‏نعيشه، هذه الفوضى، الاسفاف ‏والابتذال والشتائم. كل انواع الحياة الضارة التي نعيشها على صحة لبنان ‏ودوره ‏وسمعته ومستقبله ومستقبل الأجيال". وجاء موقفه الجديد غداة إدلائه بحديث ‏ذهب فيه الى التشديد على "ضرورة ‏استلام قيادة الجيش للسلطة وتعليق الدستور، ‏حل مجلس النواب ومجلس الوزراء و"تبعت رئيس الجمهورية على ‏البيت‎."‎

وردّ الوزير السابق سليم جريصاتي على الفرزلي قائلا : "خفف من غلوك، ولا ‏تقحم الجيش في ما ليس فيه، في ‏حين أنّك تنزه النفس عن إقحام القضاء في ‏السياسة والسياسة في القضاء… جيشنا ليس جيش النظام، بل جيش ‏الشرعية ‏الدستورية، ودستورنا لا يتم تعليقه عند كل مفترق أو مفصل قاس من حياتنا العامة، ‏ورئيس الجمهورية ‏يبقى طيلة ولايته رئيس الدولة ورمز وحدة الوطن، ولا نغالي ‏إن قلنا أنه يبقى الركن إن خانتنا أركان‎".‎

آلية متدرجة للعقوبات‎

وسط هذه الأجواء افاد مراسل "النهار" في باريس سمير تويني ان الاتحاد ‏الأوروبي بدأ بدفع فرنسي وضع ‏الأسس لآلية عقوبات خاصة بلبنان كإنذار متقدم ‏للضغط في اتجاه تشكيل حكومة جديدة. واعلنت الخارجية ‏الفرنسية في بيان صدر ‏عنها امس "انه استكمالا لاجتماع مجلس الشؤون الخارجية الذي عقد في 22 ‏اذار ‏الماضي، ذكر الوزير جان ايف لودريان نظراءه الاوروبيين بالضرورة ‏الملحة لمساعدة لبنان على الخروج من ‏المازق السياسي والاقتصادي، من خلال ‏تسريع وتيرة الجهود الاوروبية الرامية الى الضغط على المسؤولين ‏اللبنانيين عن ‏التعطيل الراهن. وفي هذا السياق عرض مجلس الشؤون الاوروبية الوضع في ‏لبنان خلال اجتماعه ‏امس فوزع الممثل الاعلى للاتحاد الاوروبي للسياسة ‏الخارجية والامنية جوزيب بوريل على الدول الاعضاء ‏ورقة الخيارات التي اعدها ‏جهاز العمل الخارجي داخل الاتحاد الاوروبي بناء لطلب فرنسي والماني. ‏وخلاصة ‏مضمون الخيارات المطروحة امام وزراء خارجية الاتحاد الاوروبي ‏تحدد شروط تشكيل حكومة تنخرط مع ‏صندوق النقد الدولي لتنفيذ الاصلاحات ‏المطلوبة باسرع وقت. اما في حال عدم تشكيل حكومة سيتم وضع ‏‏العقوبات على ‏مرحلتين اولا وضع نظام عقوبات خاص بلبنان وثانيا ادراج الاسماء المستهدفة ‏والتي تعطل ‏عملية التاليف على لائحة العقوبات‎.‎

وتامل مصادر ديبلوماسية في ان "يؤدي وضع نظام العقوبات دوره وان يتراجع ‏السياسيون عن التعطيل" اي ‏استجابة الطبقة السياسية للمطالب الدولية وتشكيل ‏حكومة فاعلة قبل ادراج الاسماء لان هذه المرحلة ستؤدي الى ‏نقاش داخل ‏المجموعة الاوروبية مضمونه "في حال وضع عقوبات على شخصيات تعطل ‏تشكيل الحكومة ‏ستطالب دول اوروبية وضعت "حزب الله" بشقيه العسكري ‏والمدني على لائحة الارهاب بتنفيذ عقوبات عليه." ‏واي قرار اوروبي يحتاج الى ‏اجماع الدول داخل الاتحاد الاوروبي واي خلاف سيعطل المبادرة الفرنسية ‏التي ‏رمت كرة نار العقوبات في بروكسيل‎."‎

وتشير المصادر الى "ان بعض الدول الاوروبية تقول عمليا ان الفترة الفاصلة عن ‏الانتخابات النيابية المقبلة لم تعد ‏بعيدة، فاذا تعذر تشكيل حكومة يمكن اعادة احياء ‏الحكومة المستقيلة وتفعيل عملها بانتظار الانتخابات البرلمانية ‏المقبلة لان البلد لم ‏يعد بامكانه الاستمرار بدون حكومة وهو مهدد بالزوال‎."‎

يشار في هذا السياق إلى ان رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب توج ‏زيارته لقطر مساء امس بلقاء امير ‏دولة قطر الشيخ تميم بن حمد بن خليفة ال ‏ثاني‎.‎




النهار ‏

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

20 نيسان 2021 08:27