22 نيسان 2021 | 18:42

كتب أسعد حيدر

مفاوضات على "نار حامية"!

ليس مهما كيف تبدأ المفاوضات بين دولتين متعارضتين او مختلفتين او حتى متحاربتين ، المهم ان تبدا وتدخل في مسار صحيح ومفتوح على الرغبة او الإرادة وحتى النية بالتوصل الى اتفاق ، ايضا ليس مهما اسم الوسيط ولماذا يقوم بوساطته المهم ان ينجح في تمرير الرسائل والمساهمة في توصيلها تحت بند الإيجابية والحيادية والطموح بتحقيق النجاح الذي يكسبه الاحترام وربما اكثر ، وليس مهما مكان المفاوضات ولا شكل الطاولة التي سيجلس عليها المتفاوضون سواء كانت مستطيلة او مربعة او حتى مستديرة المهم ان يجلس المتفاوضون بهدؤ ورغبة بالنجاح وليس التفاوض من اجل التفاوض او حتى قتل الوقت بالوقت … عادة الرسائل التمهيدية والسرية تضع اطارا للرغبات والطموحات وحتى انها ترسم خريطة أولية بكل خطوطها العريضة مما تفتح الآفاق نحو المفاضات الجدية سواء كانت مباشرة او غير مباشرة … يبقى ان نوعية الوفود وشخصياتها تلعب دورا في تحديد الرغبات والإرادات بالحجم المأمول  للنجاح او الفشل.

        المفاوضات في فيينا سبقتها مفاوضات تمهيدية ناجحة ، يستطيع ان يقول الرهبر اية الله علي خامنئي انه لن تجري اي مفاوضات بين بلاده والولايات المتحدة الاميركية ، ولكن ما يجري هو مفاوضات جدية حققت نجاحات واضحة .القلق من ان تطول المفاوضات لتشكل استنزافا يتكامل مع نتائج العقوبات على الاقتصاد والاهم اليوميات المعيشية للايرانيين هو ما يقلق القيادة الايرانية ، يضاف الى ذلك ان ايران تعيش على وقع أزمات داخلية وخارجية واستحقاقات مفصلية لا يمكن فصلها والتعامل معها وكان الوقت ليس سوى نهر  يعبر امامها .  الرئيس الاميركي يعرف جيدا تفاصيل هذا الوضع وهو رغم رغبته بتحقيق التوصل الى عودة ناجحة للاتفاق لانه يشعر انه مسؤول عن ذلك فهو عمليا "الاب الاميركي الشرعي " للاتفاق الذي فاوض عليه ووقع عليه الرئيس باراك اوباما والى جانب ذلك الاعتقاد "البايديني" العلني بان "الانسحاب من الاتفاق لم يجعلنا اكثر امنا، وان المسار الدبلوماسي في صالحنا وصالح المجتمع الدولي "  . لكن هذه الرغبة لا تمنع او لا تحول بين بايدن والعمل للحصول على تنازلات ايرانية تسجل في خانته وهو بالكاد لم يمض عليه مائة يوم في البيت الابيض . ولا شك ان تكليف  بوب مالي المعروف بتقاربه الشديد مع الموقف الايراني الى درجة القول بانه راس "اللوبي الايراني " في ادارة بايدن بالمفاوضات هو ورقة اعتماد بحسن النوايا في المفاوضات … بهذا كله يبدو بايدن وقد رمى الكرة بعيدا في الملعب الايراني.


      القيادة الايرانية ليست مستعجلة فقط  للحل من اجل الحصول على أموالها المجمدة  ،وانما ايضا  لانها تواجه اسرائيل الرافضة  باي ثمن للتوصل الى اتفاق اميركي_ ايراني  والتي تكثف عمليات الاختراق والضرب ومن ذلك ضرب مفاعل نطنز للمرة الثانية وجاء هذا بعد الاغتيال العلني للمسؤول عن المشروع النووي العميد العالم فخري زادة ،اضافة الى الغارات اليومية تقريبا على المواقع الايرانية في سوريا . واذا صح انه جرى اطلاق صاروخ على موقع ديمونا مع التعمد بعدم إصابته فان "الرسالة "قد وصلت بالبريد المضمون الى اسرائيل بوجوب التوقف عن القيام بعمليات ضد الداخل الايراني من جهة والى الرئيس بايدن بان السلاح الصاروخي هو جزء من الدفاع عن ايران.


     وفي محاولة لاستكمال ايران لمصادر قوتها في المفاوضات فانها داخليا سربت بان السيد حسن الخميني حفيد الامام الخميني والمعروف بتوجهه الاصلاحي والمعتدل يمكن ان يكون المرشح للرئاسة في ايران وليس فقط جنرالات الحرس المتشددين … علما ان قلقا حقيقيا وعميقا بان الانتخابات الرئاسية معرضة لان تكون في ١٨حزيران المقبل كارثة سياسية وشعبية في حال لم يقع الإقبال على صناديق الاقتراع حتى مع التحايل بدمج الانتخابات البلدية مع الرئاسية ولذلك قال الرئيس حسن روحاني : "اذا سقطت الانتخابات من اعين الناس فان ذلك سيعني نهاية الحركات والثورات ". ومن جهة اخرى فان ايران التي لا تريد ان تصبح تهدئة الوضع في المنطقة مطلبا دوليا وخصوصا اميركيا سعت الى اعادة مد الجسور مع محيطها.


  منطقة الشرق الاوسط كلها مقبلة على متغيرات وتغييرات عميقة تعمل مختلف الأطراف ومنها مصر وتركيا على الاستعداد لمواجهة استحقاقاتها التي قد تكون باهظة ما عدا للأسف لبنان الذي ما زال المسؤولين قيه وقياداته مختلفين كما يقال على جنس الملائكة والأحرى الشياطين …   

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

22 نيسان 2021 18:42