23 نيسان 2021 | 08:27

أخبار لبنان

البابا للحريري: حقوق جميع اللبنانيين وليس المسيحيين

كتبت صحيفة "النهار" تقول: ارتاح اللبنانيون امس من مسلسل "الكسر والخلع" الذي تمادى قرابة ‏أسبوع مفجرا ظاهرة غير مسبوقة في تاريخ "الممارسات" القضائية في انتظار ما سيقوم به ‏التفتيش القضائي لجهة بت وضع القاضية غادة عون بعد مخالفتها لقرار كف يدها عن ملفات ‏كانت تتولاها وإمعانها في تحدي قرار مجلس القضاء الأعلى. واذ انتقل الحدث اللبناني بكل ‏دلالاته رمزيا ومعنويا الى الفاتيكان حيث طبعت لقاءات رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري ‏بطابع بالغ الأهمية في هذا التوقيت ومن حيث المضمون الذي عكسه اجتماعه مع البابا فرنسيس ‏ومن ثم مع كبار المسؤولين الفاتيكانيين، بدا صعبا على العهد وتياره السياسي "هضم" هذا التطور ‏البارز وتركه يمر من دون تشويش. وهو الامر الذي ترجم أولا في تسريبات نسبت الى ‏البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي مواقف في لقائه مع النائب جبران باسيل مساء ‏الأربعاء تبين انها غير صحيحة. اما الإشارة الأخرى فبرزت مع تدبير اجتماع امني على عجل ‏في قصر بعبدا لم تنجح التبريرات التي سيقت حول مدى إلحاحه في حجب محاولة حرف ‏الأنظار عن لقاءات الحريري في الفاتيكان‎.‎

بذلك احتلت زيارة الحريري لروما بشقيها الفاتيكاني والإيطالي الواجهة الداخلية مجددا ولو ان ‏المواقف المعلنة للحريري من هناك ابرزت مجددا المدى العميق لازمة تشكيل الحكومة التي ‏شغلت معظم المحادثات التي اجراها مع البابا والمسؤولين الفاتيكانيين والإيطاليين. وابرز ‏الخلاصات التي انتهت اليها الزيارة عكست عمق القلق والاهتمام لدى الفاتيكان حيال لبنان ‏خصوصا عبر الموقف البارز الذي نقله الحريري عن البابا لجهة تأكيد عزمه زيارة لبنان وانما ‏بعد تشكيل الحكومة الجديدة بما ينطوي عليه هذا الموقف من تحفيز للقوى اللبنانية على تحمل ‏مسؤولياتها الانقاذية‎ .‎

ولم يخف الفاتيكان علنا هذا البعد اذ اعلن مدير المكتب الإعلامي للكرسي الرسولي ماتيو بروني ‏أن البابا التقى على انفراد بالرئيس المكلف سعد الحريري وإن اللقاء استمر حوالي 30 دقيقة، ‏‏"وقد رغب البابا مجددا في تأكيد قربه من شعب لبنان، الذي يمر بلحظة من الصعوبة الشديدة ‏وعدم الاستقرار وذكر بمسؤولية جميع القوى السياسية في التزامها بشكل ملح بما يعود بالنفع ‏على الوطن". وأضاف أن البابا فرنسيس أكد من جديد رغبته في "زيارة البلاد بمجرد أن تكون ‏الظروف مؤاتية‎ ".‎

ثم التقى الحريري مطولا أمينَ سر دولة حاضرة الفاتيكان الكاردينال بييترو بارولين وأمين سر ‏الدولة للعلاقات مع الدول المطران بول ريتشارد غالاغير‎.‎

واعلن الحريري انه "وجد ان قداسته يعرف المشاكل القائمة في لبنان الذي هو بحاجة لمساعدة ‏كل أصدقائه. وكان بدوره متفهما ومشجعا على أن نتمكن من تشكيل حكومة. كما كان حريصا ‏على زيارة لبنان ولكن فقط بعد ان تتشكل الحكومة. وهذه رسالة إلى اللبنانيين بأنه علينا أن نشكل ‏حكومة لكي تجتمع جميع القوى والدول لمساعدتنا ونتمكن من النهوض بلبنان مع أصدقائنا. كذلك ‏اجتمعت مطولا مع وزير الدولة ووزير الخارجية، وتحدثنا في كل المشاكل التي نعاني منها، وهم ‏يفهمون ويعرفون من يعطل ومن لا يعطل". وشدد على ان البابا "كان حريصا على وحدة لبنان ‏والعيش المشترك فيه، وقداسته ينظر إلى اللبنانيين كجسم واحد، وينظر إلى لبنان على أنه رسالة ‏ينبثق منها الاعتدال والعيش المشترك والواحد، وأن نكون كلبنانيين جسما واحدا‎ ".‎

وردا على سؤال قال " هناك مشاكل خارجية تتعلق بجبران وحلفائه، ولكن الأساس هو أن هناك ‏فريقا أساسيا في لبنان يعطل تشكيل هذه الحكومة، وهذا الفريق معروف من هو‎".‎

حصيلة اللقاءات

وأوضحت مصادر الرئيس الحريري انها لمست حرصا فاتيكانيا على مساعدة جميع الدول للبنان ‏وعدم تحويل الصراع السياسي الى صراع طائفي. ونقلت عن الوفد انه سمع من البابا تأكيده ان ‏الموضوع الآن ليس حقوق المسيحيين انما حقوق اللبنانيين ومن يساهم في تهجير المسيحيين هم ‏من يفتعلون المشاكل في لبنان. وقالت ان البطريرك الراعي لم يرسل اي رسالة سلبية الى ‏الفاتيكان، انما نقل الحرص على تأليف حكومة اختصاصيين بما يتلاءم مع المبادرة الفرنسية ‏ورؤية الرئيس الحريري‎.‎

وأشارت المصادر الى ان البحث مع امين السر دولة الفاتيكان كان في التفاصيل‎.‎

وتناول من يسمي الوزراء المسيحيين فاذا كانت حكومة اختصاصيين ويتم تسميتهم ضمن ‏الضوابط المقبولة بين الحريري ورئيس الجمهورية فيجب ان تمشي. وهنا قال الحريري انا ‏رئيس حكومة لبنان وليس للمسيحيين او المسلمين والفاتيكان متفهم هذا الموضوع . ولفتت الى ان ‏هناك تخوفا لدى الفاتيكان من ان الصراع الاقليمي يؤثر على لبنان وسيسعى بديبلوماسيته الى ‏توافق بين الدول على تحييد لبنان عن صراعات المنطقة. ولا يرى الفاتيكان ان المشكلة عند ‏المسيحيين فقط انما عند #جميع اللبنانيين وان انسداد الافق السياسي هو في عدم وجود حكومة ‏وان القوى المعطلة هي التي تتحمل مسؤولية هجرة المسيحيين‎.‎

وعقد الحريري لاحقا لقاء مع وزير الخارجية الإيطالي لويدجي دي مايو قبل ان يختم زيارته ‏بلقاء مع رئيس الوزراء الإيطالي ماريو دراغي في رئاسة الحكومة الإيطالية. ولخصت مصادر ‏الرئيس الحريري اجواء الاجتماع بين الحريري ووزير الخارجية الايطالي بانها تناولت تأليف ‏الحكومة والعقبات التي تعترضه وأبدى وزير الخارجية تأييده لقيام حكومة من اختصاصيين ‏تنجز الاصلاحات المطلوبة وبرنامج صندوق النقد الدولي وأعرب عن دعم ايطاليا للبنان في ‏مفاوضاته مع صندوق النقد الدولي. كما اعرب عن معارضة ايطاليا لفرض عقوبات على كل ‏الاطراف اللبنانيين دون تمييز باعتبار ان هذه العقوبات يجب ان تستهدف المعرقلين بالتحديد إذا ‏ثبت انها تعود بالفائدة‎.‎

وسأل الحريري عن رأيه في دور القوة الايطالية في اليونيفيل فاعرب الحريري عن شكره ‏لإيطاليا بالمساهمة في قوات اليونيفيل وخصوصا ان قائد قوات اليونيفيل هو ايطالي. كما اعرب ‏الحريري عن تأييده للدور الايطالي في لبنان والمساهمات المتعددة التي تقوم بها في المجالات ‏الثقافية والاقتصادية والاجتماعية وخصوصا بعد تفجير ? آب حيث ساهمت ايطاليا بمسح ‏الاضرار المتعلقة بالابنية التراثية في بيروت‎.‎

اجتماع بعبدا

اما في ما يتعلق بالاجتماع الأمني الذي عقد امس في بعبدا فقال وزير الداخلية في حكومة ‏تصريف الاعمال محمد فهمي ل"النهار ": إن الاجتماع كان هادئاً وتوجيهياً بالتوازن بين العمل ‏الامني في حفظ الممتلكات الخاصة كما العامة وحماية التظاهر السلمي." ونفى كل ما اشيع عن ‏حدّة في المواقف ازاء ما جرى في عوكر أمس بين المتظاهرين والقوى الامنية‎.‎

وفي المعلومات، ان رئيس الجمهورية انطلق في الدعوة الى الاجتماع الامني من فيديوهات نقلت ‏اليه بشكل مجتزأ لاظهار قوى الامن الداخلي تعتدي على المتظاهرين بالضرب في حين لم ‏يعرض عليه اعتداء المتظاهرين على القوى الامنية والياتها العسكرية ولم يتم التطرق الى مشاهد ‏الاقتحام بالكسر والخلع على ممتلكات خاصة‎.‎

ونقل عن رئيس الجمهورية قوله في الاجتماع "ان القضاء يقوم بعمله ونحن لا نتدخل مع فلان ‏او فلان، ولا أريد الدخول في قضية القاضية غادة عون، وإذا كانت محقة أم مخطئة فالمرجع ‏الصالح لمحاسبتها هو مجلس القضاء الأعلى. الا أننا لا نريد ان تعتدي القوى الامنية على ‏المتظاهربن السلميين أياً كانوا‎".‎

واستوضح عون وزير الداخلية حول ما جرى من مواجهات بين القوى الامنية والمتظاهرين في ‏عوكر فقال فهمي : المتظاهرون خلعوا الباب الحديد في املاك خاصة وقوى الامن الداخلي ‏تدخلت ومنعت هذه الممارسة. كما جرى الاعتداء من بعض المتظاهرين على القوى الامنية ‏وكانت ردة فعل القوى الامنية دفاعاً عن النفس. والاعتداء على الاعلام وعلى مراسلة تلفزيونية ‏شاهدناه مباشرة على الهواء". وشدد رئيس الجمهورية على التوازن بين العمل الامني والحفاظ ‏على التظاهر السلمي‎.‎

جعجع: "النازيون‎"‎

وبرز وسط هذه الأجواء الهجوم العنيف الذي شنه رئيس حزب "القوّات اللبنانيّة" سمير جعجع ‏على الممارسات الأخيرة ل"التيار الوطني الحرّ" معتبرا انه " قام بإدخال مفاهيم جديدة إلى ‏قاموس السياسة في لبنان. فحماية حقوق المسيحيين تكون بمهاجمة وتكسير شركات خاصة، ‏ومحاربة الفساد تكون بتجهيل الفاعل في الكهرباء، الاتصالات، الجمارك، على المعابر غير ‏الشرعيّة وممارسة الزبائنيّة في الدولة، وتسليط الضوء على تفاصيل صغيرة مقارنة بالجرائم ‏الكبيرة تلك، وبطرق استنسابية غير محقّة وخارج كل قانون ". وقال أن "ما نشهده في الآونة ‏الأخيرة في لبنان يذكرنا تماماً بما كان يقوم به النازيون في ألمانيا حيث كانوا يقومون بعمليات ‏إلهاء جانبيّة، لمجرّد حرف الأنظار عن المشاكل الأساسيّة الجوهريّة الفعليّة التي تعاني منها ‏البلاد ولحرف الأنظار عن المجرمين الحقيقين وعن طريقة إدارتهم للأمور" محذرا من أن "كل ‏هذه الخزعبلات والمسرحيات والأساليب الملتوية لن تؤدي إلا إلى تعميق الأزمة في البلاد"‏‎.‎




النهار

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

23 نيسان 2021 08:27