زياد سامي عيتاني*
نستكمل في جزء ثان إستعراض مشاهدات فناني الزمن الجميل حول كيفية إنصرافهم خلال شهر رمضان المبارك للعبادة والإلتزام بالفرائض، إستناداً لما كانت تنشره صحف ومجلات ذلك الزمان:
**
•نعيمة عاكف تزور مساجد الأولياء الصالحين:
الفنانة الاستعراضية الجميلة نعيمة عاكف كانت تحرص على الصيام منذ كان عمرها 8 سنوات.
وكشفت النجمة الاستعراضية أن والدها كان يقدم مكافأة قدرها 20 قرشاً لكل إبنة من بناته تصوم رمضان، مؤكدة أنها كانت تقوم ببطولة فيلم، وصادفت أيام التصوير شهر رمضان وطلب منها المخرج أن تفطر لتتمكن من العمل لكنها رفضت وأصرت على الصيام وطلبت تأجيل التصوير.
وكانت الفنانة نعيمة عاكف تحتفل بشهر رمضان المبارك إحتفالاً طيباً، فتنصرف إلى المداومة على تأدية الفرائض، حيث كانت تقضي ساعات النهار في قراءة القرآن وكتب التفسير، رافضة أن يكون لها أيّ علاقة بالتمثيل على مدار 30 يوماً هم عمرُ رمضان.
وكانت ترفض دوماً أن يتم تصويرها على سجادة الصلاة، لكن استطاع أحد المصورين ذات مرة أن يختلس لها صورة وهى تنوي الاتجاه للصلاة.
وتتحول نعيمة عاكف إلى واعظة في شهر رمضان، والويل للمفطر الذي تعرف عنه نعيمة ذلك، فإنها تنهال عليه بأقصى النعوت، وقد علمت أن صديقة لها مفطرة فأصرت نعيمة على ألا تتناول تلك الصديقة الإفطار، وقد حدثت بينهما جفوة بسبب عدم التزام صديقتها بفريضة الصوم في شهر رمضان.
ومن أهم العادات التى تحرص عليها فى رمضان بعد الإفطار زيارة مساجد الأولياء الصالحين.
**
•ليلى مراد شهرت إسلامها في الأزهر:
إعتادت ليلى مراد أن تحتفل بشهر رمضان منذ زواجها بالفنان أنور وجدي وحتى بعد انفصالها عنه، ومن المعروف أن ليلى دخلت الإسلام بمحض إرادتها وعن قناعة تامة منها. ففي إحدى الليالي أيقظت أنور وجدي بعد أن "إستمعت إلى آذان الفجر، وسألته: سامع يا أنور صوت الآذان"؟ وتعجب أنور وجدي من إيقاظها له عند الفجر ولسؤالها الذي يحمل في طياته الكثير من الغموض، وقال لها: "معقولة يا ليلى تصحيني من عز النوم لتسأليني عن صوت الآذان"؟ فبادرته بسؤال جعله ينتفض من فراشه: "إنت ليه يا أنور ما طلبتش مني أكون مسلمة من ساعة ما طلبتني للجواز"؟ إعتدل أنور وشعر ببشرى بين طيات السؤال، وأجابها أنه تزوجها لشخصها وأن اعتناق الدين حرية شخصية. فقالت وهي في حالة من الخشوع والقناعة: "أنور أنا عاوزة أبقى مسلمة، من زمان وأنا بفكر في الموضوع ده، وكل يوم أسمع صوت الآذان، وأحس أني قربت خطوة من القرار ده، والليلة دي قررت أبقى مسلمة"...
تهللت أسارير أنو وجدي وعن قناعة وإرتياح نطقت ليلى الشهادتين، وقامت وتطهرت وتوضأت وصلت مع أنور لأول مرة ركعتين لله وأتبعتهما بصلاة الفجر، ومع شروق الشمس إستدعت أحد علماء الأزهر وهو الشيخ محمود أبو العيون وأسرت إليه بما حدث وأعادت نطق الشهادتين أمامه وطلبت منه أن يعلمها أصول الدين وكيفية أداء العبادات، وواظب الشيخ وعلمها أيضاً أصول التلاوة والترتيل.
وفي جلسة بالمحكمة الشرعية في ديسمبر (تشرين الثاني) 1947 وثقت ليلى تلك المرحلة النورانية في حياتها وكان الإعلان الرسمي لإسلامها، وكان معها فقط محرر جريدة البلاغ وأبعدت أنور وجدي عن المشهد لدرء أي شبهة تقول أن إسلامها كان سببه زوجها أو أي شخص آخر.
يذكر أن ليلى مراد قبل أن تشهر إسلامها، كانت تحب سماع القرآن الكريم، وكانت تحب السيدة نفيسة والسيدة زينب.
**
•زينب صدقي سيدة أخرى:
الفنانة زينب صدقي التي كانت الفتاة المرحة اللعوب، كانت في رمضان سيدة أخرى من طراز جديد، فكانت تضرب فى شهر رمضان عن كل ما يقلل من شأن العبادة وتنصت لآي الذكر الحكيم، وتستوعب ما فيها من حكمة وما تضمنته من سمو المعنى وجمال المبنى.
ولا تهتم زينب صدقي بمائدتها فى رمضان اهتماماً يذكر، بل تدع لوصيفتها "الست أم محمد" أمر تنظيمها واختيار ما يحلو لها وليس على زينب إلا أن تأكل دون إعتراض.
**
•سليمان نجيب لا يفارق القرآن:
ولا تحل التقوى فى قلب الممثل الكبير والموظف الكبير أيضاً سليمان نجيب إلا في شهر رمضان، ولا ينقصه إلا العمامة فى هذا الشهر حتى يصبح شيخ طريقة، وكل من كان يذهب لزيارته في منزله في أي وقت من النهار، بعد إنصراف الدواوين، يراه جالساً على الأريكة "الكنبة" فى هيئة المقرئين وبين يديه المصحف الشريف يتلو منه الآيات خاشعاً تقياً نقياً لا شأن له بذلك "الخلبوص" سليمان نجيب.
**
•وداد حمدي تتحول "درويشة":
وكانت هناك "درويشة" من أهل الفن، وهي النجمة وداد حمدي والتى تنهمك فى شهر رمضان الكريم فى تأدية السنن والفرائض، والقيام بالصلوات فى مواقيتها وأداء الزكاة، والعطف على ذوي الحاجات، حتى إنها قالت فى حديث صحفي معها، إنها ترى فى الصيام خيراً وبركة لا يمكن حصرهما.
**
•حسين رياض يتنقل بين المساجد:
وإختلفت عادات الفنان الكبير حسين رياض في رمضان عن باقي زملائه حيث كان يقضي أغلب أوقات النهار متنقلاً بين المساجد ليصلي كل وقت من الأوقات في مسجد مختلف.
**
•هدى سلطان في الحرم:
حرصت الفنانة الكبيرة هدى سلطان على حضور شهر رمضان المبارك بمكة المكرمة في آخر 15 عاماً قبل رحيلها، وكانت تجلس بين عمودين مطلين على الكعبة المشرفة وهي تقرأ القرآن الكريم.
**
•فردوس محمد تنصرف للعبادة:
فردوس محمد كان لها عدد من الطقوس المعينة خلال حياتها، ولأن فردوس كانت تعمل قدسية لبيتها وتحترمه بشدة حتى أنها كانت ترفض التصوير فى شهر رمضان، وإن حدث فيكون بعد الافطار ليلا وان يتم الانتهاء منه قبل السحور على الأقل بساعة، لأنها كانت ملتزمة دينيا وبشدة وكانت تواظب على الصلاة والصوم وقراءة القرآن الكريم، وهى الطقوس التي حرصت فردوس محمد على أدائها طوال مسيرتها الفنية وحتى اللحظات الأخيرة من عمرها.
**
•شاديا ساعدت مريم فخر الدين في ختم القرآن:
في مراهقتها بدأت مريم فخر الدين علاقتها بالنجمة الراحلة شادية وشقيقتيها فاطمة وسعاد، وتقول مريم: انتميت لهن واعتبرتني خديجة هانم أمهما أختا لبناتها، ولم تنقطع علاقتي بهم، وشادية هي التى علمتني الصلاة، وفي شهر رمضان بفضلها استطعت أن أختم القرآن الكريم لأول مرة في حياتي ولم أكن أحفظ سوى الفاتحة فقط من قبل.
**
*إعلامي وباحث في التراث الشعبي.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.