طعام رمضان (٥):
زياد سامي عيتاني*
"المُغربيّة" بالدجاج أو باللحم أو بالاثنين معاً، طـبـق شائـع في لبنان، يُحضّر في معظم المناسبات، خاصّةً خلال شهر رمضان المبارك المبارك كـوجبـة أساسية على الإفطار أو خلال الولائم ودعوات الغداء عند العائلات البيروتية.
وبالرغم من أن "المُغربيّة" من الأكلات اللبنانية التراثية التي يفتخر بها المطبخ اللبناني الغني بتنوع وتعدد مكوناته، فإنها في الواقع هي أكلة وافدة من بلاد المغرب، كما يلاحظ من تسميتها، حيث يرجح أن العائلات البيروتية ذات الجذور المغاربية التي توطنت في بيروت هي من أدخلت هذا الطبق إلى قائمة المأكولات اللبنانية.
**
يجمع طبق "المُغربيّة" بين الطعم اللذيذ والغذاء الكامل، فهو يحضّر من "المُغربيّة"، وهي عبارة عن عجينة كروية صغيرة بحجم حبيبات العدس أو أكبر بقليل، والبصل، والدجاج، والحمص، وبهارات الكراوية والزيت النياتي أو الزبدة، القرفة، البهارات والملح ولا يتطلّب وقتاً طويلاً للتحضير. وتصنع حبيبات "المغربية" من طحين القمح أو الذرة بشكل حبيبات صغيرة، وهي المكونات الأساسية لمادة "الكسكس" (لكن حجم حبوبها أكبر)، الطبق الشهير في المغرب العربي.
**
بما أن "المُغربيّة" اللبنانية هي إستنساخ بتصرف عن "الكسكس" المغاربية، لا بد للوقوف على أصل وتاريخ هذه الأكلة، التعرف عن كل ما يتعلق بطبق "الكسكس":
يعتبر "الكسكس" المغاربي من أشهر الأطباق الشعبية المتكاملة والعريقة، فإلى جانب اعتباره من النشويات.
يُطبخ "الكسكس" بالبخار، حيث يتم وضعه على آنية فوقية تسمى "كسكاسا"، يتم شدها بإحكام مع الآنية السفلى التي تسمى "برمة"، على أن تتضمن السفلى مكونات المرق الممزوج بالخضراوات واللحم والفول الأخضر والحمص، مقابل تسمية الآنية ككل والمتكاملة "مقفول" نتيجة حسن قفل الآنية الفوقية، مع السفلى حتى لا يتم ترك فراغ يخرج منه البخار.
يعدّ "طبق الكسكس" من أشهر الأطباق العريقة التي تتميز بها تونس ومختلف البلدان المغاربية، مع بروز عنصر الاختلاف البسيط في طرق وأساليب إعداده، وفي بعض مكوناته من بلد إلى آخر، فهو ثلاثة أصناف، ومنها الذي يعتبر عادياً ويتم تحضيره بالمرق واللحم أو السمك والخضراوات، ومنها "المسفوف" الذي يعتبر صنفاً رقيقاً يتم إعداده بـالزبيب والفواكه الجافة والحليب، في حين أن الصنف الثالث يسمى "المغموم" الذي يتم إعداده بالبهارات والبصل والفلفل الحار.
**
وبحكم أن لكل أكلة أصولها، فإن "الكسكس" هو أمازيغي الجذور، وظهر في البلدان المغاربية، (ليبيا وتونس والجزائر والمغرب) خلال الفترة بين 202 و148 قبل الميلاد، حيث تم العثور على أواني طبخ تشبه تلك المستخدمة في تحضير "الكسكس" في مقابر تعود إلى فترة الملك ماسينيسا البربري الذي وحد مملكة نوميديا، التي كانت تضم مناطق من تونس وشمال الجزائر ومناطق من ليبيا.
**
كلمة "كسكس" قد يكون أصلها في كلمة "سكسو" البربرية. وقد يكون أصلها الكلمة العربية "أسكاري" التي تعني التكسير إلى قطع صغيرة. وقد تكون نسبة لقدر التبخير الذي يُطهى فيه هذا الطبق أو نسبة للصوت الذي يحدثه التبخير الصاعد خلال الطهي.
**
*باحث في التراث الشعبي.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.