لم يكد المجتمع السوري يفيق من حادثة مقتل طفلة عمرها عامان على يد زوج الأم، وبالاشتراك معها، بسبب بكاء طفلتها المستمر ليلاً، والتي روعت الجميع الشهر الماضي، حتى هيمنت على اهتمام السوريين حادثتين مروعتين بحق 3 أطفال.
الحادثة الأولى وقعت في ألمانيا، حيث نقلت صحيفة "بيلد" الألمانية جريمة إِقدامَ لاجئة سورية في منطقة بافاريا الألمانية على رمي طفليها من شُرفة منزلها في الطابق الأول.
وقالت الصحيفة، إن خدمة الطوارئ نقلت الطفلين، اللذين يبلغ عمر أحدهما عشرين شهراً، والآخر ثمانية أعوام، إلى المستشفى وهما مصابان بكسور شديدة وكدمات.
وأشارت "بيلد" أن مكتب المدعي العام وجّه للأم البالغة من العمر 30 عاماً تهمة الشروع بالقتل غير العمد، دون توضيح الأسباب الحقيقية وراء محاولة السيدة السورية قتل طفليها.
كما هزّت وفاة طفلة في الخامسة من عمرها، تدعى نهلة العثمان، المجتمع السوري، وذلك نتيجة الجوع والإهمال من قبل والدها في أحد مخيمات بلدة "كلي" شمالي مدينة إدلب.
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان، إن الطفلة عنُّفت من قبل والدها الذي كبّلها بالسلاسل الحديدية وحجزها لفترات طويلة دون طعام في قفص حديدي.
وطالب المرصد المنظمات والجهات المعنية بإنقاذ الأطفال السوريين بعد أن تحولت وفاة الطفلة، بحسب المرصد، لقضية رأي عام رغم تعدّد الروايات عن ضلوع والد الطفلة بوفاتها بشكل غير مباشر أو مباشر، بعد أن تداولت منصّات التواصل الاجتماعي مقطع فيديو مصورا للطفلة نهلة، صوره أحد النشطاء قبل وفاتها، تظهر فيه الراحلة وهي تمدُّ يدها مطالبة بالطعام.
جرائم طي الكتمان
وتتصاعد حدّة جرائم القتل ضد الأطفال لاسيما في الآونة الأخيرة، كما يشير بهيج إبراهيم، وهو اسم مستعار لناشط مدني من مدينة إدلب لسكاي نيوز عربية، مضيفاً أن انتشار السلاح وتعاطي المخدرات وانتشار البطالة والفقر والعوز والإرهاب وغياب القانون رفع من معدلات العنف ضد الصغار.
وأكد الناشط أن الشهر الواحد يشهد أحياناً أكثر من 10 عمليات قتل ضد الأطفال، لأسباب سطحية على يد ذويهم، الذين يلقون بالمسؤولية على ارتكابها للعوامل المادية والنفسية، والادعاء أنهم يعانون من مشكلات نفسية.
والعديد من تلك الجرائم تُرتكب في الليل، وغالباً ما يقوم الآباء الجُناة بدفن جثث أولادهم والادعاءَ أنهم خُطفوا، وأضاف إبراهيم "قبل شهور قليلة، عاقب أب في مدينة اعزاز طفلته فقتلها خنقاً لأنها سرقت بعض النقود من جيبه، وآخر قتل ابنه من زوجته الأولى حين طلب الطفل من والده أن يعيش مع أمه".
وكشف في حديثه لسكاي نيوز عربية، أن مزارعين عثروا على جثث عائدة لأطفال مجهولين مدفونة في أراضيهم والغالبية تُرجّح أنهم قُتلوا على يد آبائهم، ودُفنوا على عُجالة قبل افتضاح أمرهم.
ارتفاع معدلات الجرائم
وتعتقد المتخصصة في الشؤون القانونية، سناء عويس، أن جرائم قتل الأبناء على يد الآباء والأمهات مستهجنة في المجتمع السوري الذي يشعر بالهشاشة أمام تفاقم وقائع العنف الممارس ضد الأطفال، لاسيما من قبل المقربين منهم، وأكدت عويس في حديثها لسكاي نيوز عربية سهولة إخفاء مثل هذه الجرائم، وكتمان أسرارها، بسبب صغر سن الضحايا.
وأشارت عويس أن العام الماضي شهد تزايد نسبة جرائم قتل الآباء لأبنائهم، وكان بينهم أشقاء، وقد حدثت في مناطق متفرقة من سوريا، مشيرة إلى أنهم قضوا إما خنقاً أو طعناً بآلات حادّة أو بالرصاص، وفي فترات متقاربة.
وغالبية الأسباب بحسب تحقيقات الجهات المعنية، تُرجّح لحالات غضب دفعت أحد الأبوين أو كلاهما لقتل فِلذَة أكبادهم، أو لأسباب اقتصادية تعود للتدهور المعيشي.
كما لعب العامل النفسي دوراً كبيراً في تلك الجرائم، حيث قالت عويس: "لم تخل عناوين الأخبار شبه اليومية العام المنصرم من حوادث تقشعر لها الأبدان، ففي يوم واحد وقعت في مدينة حماة جريمتا قتل، الأولى في منطقة مصياف، حيث باغت أب ولديه، صبيُّ وصبية يبلغان من العمر 12 و14عاما، بطلقات نارية أثناء نومهما، كما قتل أب أطفاله الثلاثة في ريف دمشق بمساعدة زوجته الثانية بعد رفض أمهم حضانتهم، وتزامن ذلك مع انتحار مدرس رياضيات بعدما قتل بناته الثلاث في مدينة طرطوس".
عقوبة الإعدام
وحول عقوبة جريمة قتل الأبناء من قِبل الآباء، بيّنت المتخصصة القانونية أن "قانون العقوبات السوري بحسب المادة 535 يُعاقب بإعدام كل من قتل أحد أصوله وهم الأبناء، وفروعه وهم الأحفاد، لكن سلطة القانون مغيبة في عدد من المناطق السورية الواقعة تحت سيطرة الميليشيات الإرهابية".
وعن الأرقام الحقيقية لجرائم قتل الآباء لأبنائهم، استبعدت عويس وجود إحصائية دقيقة لها وقالت إن "المنظمات المعنية بشؤون الأطفال لا تتواجد في عموم أنحاء البلاد لتَحصي هذه الجرائم، كما أن انعدام الأمان في العديد من المناطق السورية ساهم في كتمان العديد من الجرائم في ظل انعدام سلطة القانون فيها".
المصدر: سكاي نيوز عربية
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.