1 حزيران 2021 | 22:29

المنسقيات و القطاعات

"عهد" الكارثة الوطنية.. بإمتياز! - محمود القيسي

كتب محمود القيسي(*) :

"أشد الناس تعاسة أولئك الذين لا حق لهم في اللاوعي.

امتلاك وعي يقظ دائماً، فذلك يعني إعادة تعريف الصلة بالعالم بدون توقف، يعني أيضاً الإقامة الأبدية في توتر المعرفة، وهو ما يعني كذلك الضياع في الحياة.

المعرفة آفة، والوعي جرح مفتوح في قلب الحياة."

— إميل سيوران / من كتاب: على مرتفعات اليأس

يقول شاعر الوجود والعزلة ألإنسانية الفرنسي برنار نويل في نص "صورة عبقري" من "هسيس الهواء" :

‏"حياة

‏ما معنى حياة..

‏للميتين كل الموت

‏ونحن ليس لنا

‏سوى حياة واحدة"

‏عذراً ايها "الراحل" الكبير، عذراً شاعر الجسد.. نحن في لبنان "الكبير"، في "عهد" كله موت.. وليس لنا فيه حياة، حياة واحدة، حياة الروح، أو حياة الجسد.. أو، حياة الروح والجسد! نعم، كل نفس بما اكتسبت رهينة. ونحن رهائن فخ السلطة، أو رهائن فخ الحياة مع هذه السلطة.. أو بالأحرى رهائن الحياة نفسها، الحياة في صندوق السلطة، أو في تابوت سلطة بلا كفن.

‏من جائحة العهد المستجد إلى جائحة العهد المتحور لبنان يعيش عهد الوباء السياسي وما تبقى من أوكسجين سياسي ملوث في مواجهة كورونا العهد السياسي الملوث.. في مواجهة شبح "الباسيل" المستجد في شرايين السلطة السياسي المتحور.. عهد الكوفيد الوبائي، والموت الوطني.. موت لبنان المستجد، وموت لبنان المتحور. عهد الثقب الأسود المثقوب ذات اليمين، وذات اليسار.ثقب التهريب والفوضى الغير خلاقة.. عهد "بطاقة الإعاشة" والنزوح داخل الدوائر المغلقة، أو الموت على طريق اللجوء الى وطن. عهد آخر زمان، عهد تقاسم "حبة" البانادول وتقاسم لقمة الخبز والموت وقوفاً، كي نختبر القيامة.. كي نختبر الاسم والمسمى، وسقوط الاقنعة.

عهد كسر كرامة الناس والخراب الأعمى والأطرش والأخرس.. عهد ترتيب الأولويات وتخيير المواطنين بين تقاسم رمق الهواء ورمق الدعم مع تجار السوق السوداء، او مع جمعية دفن ما تبقى من الأحياء.. عهد ما تبقى من ودائع الناس المودوعة في حسابات أهل الحل والربط في حسابات أهل الذمة الواسعة .. عهد قطار الشرق السريع الى الجحيم، الى جحيم ما تبقى من عهد جهنم. نحن في لبنان "نعيش" عهد الأرق اللامنقطع بإمتياز.. نعيش عهد الكارثة بإمتياز آخر أكثر شراسة واستبداد.. نعيش هذا العدم المستبد من دون هدنة. نعيش حقيقة الأرق اللامنقطع في عهد الكارثة الوطنية المستمرة والعدم بإمتياز. نحن في عهد المنعزلون المحترفون، المنعزلون "المثاليون"، امام الغياب المجرم للسلطة عن ممارسة السلطة.. نحن في مرحلة الغياب المستبد، والأرق المستمر امام هذا الغياب المجرم للنسيان. هذ العدم المستبد والمستمر، المستمر دون توقف..

اعتقد فيلسوف العزلة والأرق وشاعر الغضب صاحب كتاب "رسالة في التحلّل" إن "ساعات الأرق في عمقها هي نبذ لا نهائي للتفكير بالتفكير، هي الوعي الساخط على نفسه، إعلان حرب، إنذار شيطاني من الذهن لنفسه، يمنعك السير من تجنب أسئلة بلا أجوبة وترديدها، بينما من الممكن على السرير ان نظل نجتر كل ما هو معقد الى درجة الدوار.. والسقوط من الدوار!!! 


(*) عضو المكتب التنفيذي في "تيار المستقبل"

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

1 حزيران 2021 22:29