كتب علي الشاهين (*) :
تساؤلات و تكهنات حول رؤية مستقبلية لدور و مكانة العشائر في لبنان؟
هل ستأخذ العشائر حيزا جديدا من الساحة السنية تسهم فيه بتعزيز وحدة الصف والمصلحة العليا لهذه الطائفة و ذلك تحت عناوين و مضامين وثيقة الثوابت الإسلامية _ الوطنية التي أعلنتها دار الفتوى في العام ٢٠١١ ؟ و هل من تمني أو رغبة سعودية في ذلك ؟
حول هذه التساؤلات أعلاه، ، ليس في حوزتنا معلومات أو معطيات دقيقة أو كاملة، انما ننطلق من زوايا المراقبة الحيادية و اعتماد غربال المنطق و اسلوب الموضوعية و التحليل العلمي و المسؤول، ، بالإضافة إلى مناخات و أجواء الناشطين و المعنيين لدى العشائر و هي التي توحي أنه و ربطا بالتطورات و التحولات و تعامل و تفاعل هذه الشريحة اللبنانية معها يرى المراقب بأنه هناك دور و حيز مسووليات ستتحملها العشائر على خريطة هذا الوطن ، هذا من جهة العشائر ذاتها ، أما من جهة المملكة العربية السعودية ، و هي التي نحتاج لصفحات هائلة لتناول علاقتها مع لبنان منذ خمسينيات القرن الماضي وصولا إلى المرحلة الحساسة والمصيرية الحالية التي يمر بها الاثنان غلى السواء( لبنان و السعودية ) مرورا بدور المملكة المحوري بكثير من المحطات السياسية و الاقتصادية اللبنانية ( مؤتمر الطائف ) ، يرى المراقبون أن صناع القرار في السعودية و كأنهم هم في وضع الانكفاء و الترقب الحذر لما يحصل على الساحة اللبنانية ، حيث يكتنف هذه السياسة السعودية الكثير من الصمت والتروي و ذلك لحسابات معقدة محليا و اقليميا.
و تأسيسا على كل ذلك أعلاه، يرى كاتب السطور انه و من خلال اللقاء بناشطين لديهم الدراية و المتابعة يعملون على مسرح العشائر ، وباعتماد منطق الفهم السليم لمصلحة الدول ، و بعد أن وصل المشهد اللبناني الداخلي إلى درجة عالية من الانسداد و التعقيد و ما له من شظايا عديدة على العلاقات بين البلدين و حتى على حرارة و ودية و خصوصية هذه العلاقة ....و انعكاس كل ذلك على الأمن المعيشي و الاقتصادي فيما يتعلق بلبنان ، و أيضا فيما يتعلق بالأمن القومي الاستراتيجي للمملكة( وجود و مصير الجالية اللبنانية في السعودية ، تهريب المخدرات إليها، سياسة حزب الله تحاه الخليج، تحديات وصعوبات تواجهها الطائفة السنية عموما و الرئاسة الثالثة خصوصا في السنوات القليلة الأخيرة ) و انعكاس كل ذلك على المشهد العام و الحيوسباسي للعلاقات بين البلدين ) يرى كاتب السطور انه في هذا الجانب هناك نقطتان هما البوصلة فيما يتعلق بالدور القادم للعشائر .
أما النقطتان فهما على الشكل التالي :
النقطة الاولى ، و تتعلق بالمملكة السعودية ،،لا شك أن السعودية " مشغولة " و منهمكة كثيرا في ملفات اقليمية عديدة ( اليمن ، الوضع مع إيران ، العراق ، عملية السلام في الشرق الأوسط ) و انعكاس كل ذلك على أمنها الاستراتيجي و دورها الإقليمي، حيث بالتاكيد هي الان في إعادة بناء استراتيجية شاملة و أحد جزئياتها هي العلاقة مع لبنان ...و هو البلد المازوم سياسيا و اقتصاديا و يمر في مأزق تاريخي ، حيث تأمل المملكة أنفراجات على هذا الصعيد ، و ساعتئذ ستعتمد خارطة طريق مع كل تشعباته و منها دور وحجم و فعالية كل مكونات و شرائح و الأطراف في لبنان ، و منها بالطبع العشائر العربية و هي التي كما ذكرنا في مطلع هذا المقال انها تشكل ثلث الطائفة السنية، إذن من منطلق كل هذا نتوقع و باعتماد الحدس السياسي أنه هناك دور نوعي و جديد للعشائر في لبنان في المستقبل المنظور على مستوى إلمشاركة السياسية و الوطنية في البلد و ذلك تحت سقف الدستور .
.أما النقطة الثانية، و هي تتعلق بالعشائر ذاتها ، في هذا الجانب الأمر يتوقف على مدى الجهوزية الاستراتيجية لما وصلت إليه هذه العشائر، حيث يرى أحد وجهاء العشائر، بانه " بقدر ما نتزود بمتطلبات و مستلزمات الدور الناجح و تمنعنا بقيادات مؤهلة و مثقفة و واعية للعبة الإقليمية في المنطقة و تداعياتها على الوضع الداخلي في لبنان ، و بقدر ما نحسن إدارة و استثمار و توسيع حجمنا السياسي و الجغرافي و الثقافي و الديمغرافي و فهمنا السليم للتركيبة اللبنانية ، بقدر كل هذا يعطينا فرصة أكبر و مصداقية أكثر في المشاركة السياسية على مستوى الوطن. " .
هنا يتلمس كاتب السطور وذلك من خلال تصريحات و آراء ناشطين من العشائر انه قد طرحت مؤخرا أفكارا كثيرة في العديد من النقاشات داخل الديوانيات و المجالس و الجلسات الضيقة لهذه الديوانيات ، و من هذه الأفكار أن تعطى فرصة ما للعشائر على مستوى مسؤوليات الطائفة السنية، في إطار عبارة " لنجرب" هذه الشريحة في عملية القيادة و المسؤولية، خصوصا في السنوات القليلة الماضية، انما لا شك هذه الأفكار تحتاج لدراسة معمقة.
تأسيسا على كل ذلك أعلاه ؛ يتوقع المراقبون بأن هناك دوراً جديداً للعشائر في لبنان ، و خصوصا ان العمل الحزبي فيه يمر في أزمة وجود و دور و مصداقية ، ناهيك أنه من جانب آخر، أنه على مستوى العالم العربي قد تلاشى الفكر القومي و رافق ذلك أيضا مصاعب جمة يعاني منها الإسلام السياسي، فهل فرصة العشيرة قادمة و تأخذ الدور؟ .
الإجابة في طيات الأيام القادمة ، و هي ايضا في ملعب الشخصيات و النخب الواعية و المخلصة و المثقفة عند العشائر و أيضا هي في ملعب النوايا الحقيقية و سلامة التفكير و المنهج السلبم و الحضاري عند دوائر صنع القرار لدى المرجعيات السنية السياسية و الروحية على السواء ،و في طليعتها طبعا الشيخ سعد الحريري، و هو الذي حمل في مضامين و سطور خطابه الأخير مؤشرات و مبشرات تشير إلى تطور منهجي سياسي جديد في التعامل مع الملفات الحساسة و المصيرية ..
للإطلاع على الجزء الأول إضغط (هنا).
(*) إعلامي ومتخصص بقضايا العشائر العربية في لبنان
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.