24 حزيران 2021 | 08:37

أخبار لبنان

الإنهيارات تهرول.. والإنسداد الى "حوار الحليفين"‏

‏كتبت صحيفة "النهار" تقول: قد يكون من المؤشرات المتقدمة جداً حول تسارع العد ‏العكسي لاقتراب لبنان من مرحلة انهيارية بالغة الخطورة، والتي باتت تسمى وفق ‏المصطلح الواسع النطاق بالارتطام، بروز ظاهرة لافتة في الأيام الأخيرة تمثلت ‏في كثافة تركيز الاعلام الغربي ولا سيما منه الأميركي على الازمات السياسية ‏والمالية والاقتصادية والاجتماعية في لبنان وما تنذر به من كوارث. يحصل ذلك ‏وسط تصاعد مخيف في وتيرتين كأنهما في سباق جهنمي بكل ما للكلمة من معنى ‏حقيقي وليس رمزياً".‏

وتيرة القصور الرسمي والسياسي الآخذ في الانكشاف حيال طبقة كرست نفسها ‏فعلاً انها الأسوأ اطلاقاً في تاريخ تعاقب العهود والسلطات والطبقات السياسية في ‏لبنان لاستسلامها او لتسببها او لعجزها او لتبعيتها او لتحكيم مصالحها وأهدافها ‏وسط أخطر مصير يواجهه لبنان. ووتيرة تلاحق مذهل يومي لشتى الازمات ‏المعيشية والخدماتية والمالية والاجتماعية التي تبدو كأنها تفلتت تماماً من أي ‏سيطرة او تحكم على الحد الأدنى من تداعياتها وبدأت تدفع لبنان نحو الإنزلاق الى ‏الانهيار الشامل. ولعله لم يكن أدل على الاستخفاف بخطورة تعطيل أي جهد انقاذي ‏لاخراج لبنان من هذا النفق القاتم المظلم سوى اللهو مجددا بأحاديث "الحوار ‏الثنائي" بين الحليفين الركنين لتفاهم مار مخايل بعدما عقد الاجتماع الأول بين ‏جبران باسيل ووفيق صفا ليل الثلثاء الماضي إيذانا ببدء الحوار التجريبي حول ‏نداء باسيل للحزب وسيده لتحكيمه في ملف النزاع الحكومي.‏

واما مفاعيل اليأس الخارجي من الطبقة الحاكمة، فبرزت مع ما نقل عن اوساط ‏فرنسية في قصر الاليزيه امس من ان ملف لبنان ليس مطروحاً في قمة الاتحاد ‏الاوروبي التي تعقد اليوم وغدا خلافا لانطباعات ومعطيات سادت غداة زيارة ‏الممثل الأعلى للشؤون الخارجية والأمن في الاتحاد الأوروبي جوزف بوريل ‏لبيروت. ومع ان هذه المعطيات تحدثت عن امكان طرح بعض القضايا المتصلة ‏بلبنان خلال مأدبة العشاء التي تقام للرؤساء المشاركين تبين ان البند الوحيد ‏المتصل بلبنان المطروح على جدول اعمال القمة يتعلق بالمساعدات الاوروبية التي ‏ستقدم لـ "المهاجرين- السوريين" بقيمة 5 مليارات دولار موزعة كالآتي: 2,3 ‏مليار دولار لتركيا و2,7 للبنان والاردن وسوريا.‏

حوار الحليفين

اما على الصعيد السياسي الداخلي، فلم يطرأ أي جديد حول الازمة الحكومية فيما ‏تحدثت معلومات عن لقاء اخر سيعقد (او ربما يعقد سراً) بين رئيس "التيار ‏الوطني الحر" جبران باسيل ومسؤول الارتباط في "حزب الله" وفيق صفا ‏لاستكمال البحث الذي بدأ بينهما حول مناشدة باسيل للسيد حسن نصرالله التوسط ‏في الازمة الحكومية. ووفق المعلومات الاولية التي توافرت لـ"النهار" فان الحزب ‏كان بعث بعد اقل من 36 ساعة من "نداء" باسيل بالرسل الى الأخير بغية التنسيق. ‏وفسر الامر بانه بهذه التلبية العاجلة للنداء يكون الحزب قد اسقط عن نفسه شبهة ‏الوقوع في الحرج والارتباك من جهة، ودحض عن نفسه تهمة عدم فتح بابه لباسيل ‏من جهة اخرى. وتحدثت المعلومات عن ان الحزب ينطلق في مسعاه من ‏اعتبارين:‏

البناء على التقدم الذي تحقق في اللقاءات الثلاثة السابقة بين الخليلين وباسيل وصفا ‏، والمواءمة بين مسعاه وبين مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري ولكنه ليس في ‏وارد ان يطلق أي توقعات من قبيل تحديد مهل زمنية ومن باب الوعد بان الانفراج ‏حتمي. ولخصت المعلومات موقفه بانه ليس في وارد ترك باسيل وحيداً، لكنه حذر ‏جدا من مغبة الانزلاق الى "نزاع " من اي نوع كان خصوصا مع عين التينة.‏

وفي أي حال سيبرز موقف الحزب عبر كلمة يلقيها أمينه العام السيد حسن نصرالله ‏في الخامسة والنصف بعد ظهر غد الجمعة .‏

مسار الاختناقات

ووسط هذه الأجواء تصاعدت وتيرة تفاقم الازمات المعيشية والخدماتية الخانقة، ‏وبلغت ازمة فقدان مادة المازوت تحديداً مرحلة تنذر بتداعيات مؤذية للغاية سواء ‏لجهة توقف معظم المولدات الكهربائية الخاصة او لجهة دورة العمل العامة في ‏المؤسسات العامة والخاصة، فيما لم يسجل أي انفراج على صعيد البنزين والأدوية ‏وسواهما من أزمات. وأفادت معلومات مساء ان اجتماعا سيعقد اليوم في قصر ‏بعبدا برئاسة رئيس الجمهورية ميشال عون ويضم رئيس حكومة تصريف الاعمال ‏حسان دياب ووزيري الطاقة والمال وحاكم مصرف لبنان لاتخاذ قرار بفتح اعتماد ‏لاستيراد المحروقات بسعر مدعوم على 3900 ليرة للدولار.‏

وبقيت الاهتمامات ترصد مسار إقرار مسألة البطاقة التمويلية الذي يتسم ببطء ‏سلحفاتي نيابياً وحكومياً. وعقدت امس جلسة للجان النيابية المشتركة برئاسة نائب ‏رئيس المجلس ايلي الفرزلي الذي اعلن ان قانون البطاقة التمويلية "بدأ النقاش به ‏وأرجئت الجلسة الى اليوم" . وقال "كان النقاش حول موضوع مصادر التمويل ‏ومنصة البيانات وحول القانون الذي سيرعى هذا الموضوع ، وسيكون هناك نقاش ‏غدا (اليوم) بعد الظهر او الاسبوع المقبل". وأوضح ان "مجلس النواب ليس بصدد ‏النقاش حول رفع الدعم، او ان يكون رأس حربة رفع الدعم. لكن هناك ازمة ‏حقيقية في البلد تحتاج الى بطاقة تمويلية وهذا هو موضوع النقاش، والمجلس ‏يحاول ان يساعد في السبل التي تؤدي الى اقرار هذه البطاقة التمويلية كمصادر ‏دعم وكمنصة بيانات".‏

كما رأس رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب في السرايا اجتماعًا حول ‏البطاقة التمويلية بحضور الوزراء زينة عكر، راوول نعمة ورمزي المشرفية الذين ‏اطلعوا دياب على ما وصلت إليه مناقشات اللجان النيابية المشتركة بشأن البطاقة ‏التمويلية. كما جرى البحث في التعديلات المقترحة من النواب على المشروع الذي ‏أرسلته الحكومة.‏

ولكن عضو "تكتل الجمهورية القوية" النائب جورج عقيص سارع بعد جلسة ‏اللجان الى التحذير من ان "تكتلنا لن يسير في اي مشروع مجتزأ يحول البطاقة ‏التمويلية بما تبقى من وقت الى بطاقة انتخابية"، معتبرا ان النقاشات التي حصلت ‏امس تحت قبة البرلمان "معيبة حقا بحق الشعب اللبناني وبحق النواب، فاننا نبحث ‏بين 93 دولارا و107 دولارات تعطى للاسرة. اين أصبح الشعب اللبناني المسؤول ‏عما فعلته به الطبقة السياسية. لقد آن لهذه الطبقة السياسية ان تعترف بفشلها ‏وترحل ونذهب الى انتخابات نيابية مبكرة تأتي منها سلطة جديدة تتصدى لهذه ‏المشاكل. لذلك، نقول للشعب اللبناني لا تقبل بمسكنات تأتيك من هنا وهناك، وانت ‏معك مرض عضال شبيه هذه الطبقة السياسية. اذهب وعالج هذا المرض العضال.‏

في مقابل هذا الواقع القاتم والضاغط انبرت حكومة تصريف الاعمال مجددا ، للمرة ‏الثانية في 3 ايام، الى نفضَ يدها من اي مسؤولية تتحمّلها في الانهيار الحاصل. ‏واصدر المكتب الاعلامي في رئاسة الحكومة بيانا جاء فيه "فعلا من المعيب أن ‏تنقلب المعايير وأن تتغير المفاهيم وأن تطمس الحقائق. واذا كنا نعمل بصمت، ‏ونحرص على عدم الدخول في سجالات مع أحد، وخصوصا في ظل الأزمة الحادة ‏التي يمر بها الوطن، فذلك لا يعني أن نسكت عن التزوير الذي يحاول رمي ‏المسؤوليات وتحميل هذه الحكومة عبء الممارسات السياسية والكيدية والشخصية ‏والميليشياوية التي تسببت أو ساهمت بهذا الانهيار الذي يدفع اللبنانيون ثمنه اليوم". ‏وأكد البيان "ان الحكومة، قبل وبعد الاستقالة، تلملم الركام الذي تركته السياسات ‏المالية التي شاركتم فيها لسنوات طويلة، ولا يشفع لكم أنكم تحاولون التبرؤ منها بعد ‏أن كنتم جزءا منها".‏



النهار

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

24 حزيران 2021 08:37