3 تموز 2021 | 12:32

أخبار لبنان

الناس‎ ‎بالناس‎ ‎و ‎"‎الحكيم"‏‎ ‎‏ بالنفاس

معروف‎ ‎الداعوق‎ ‎‏ - اللواء ‏



يطمح‎ ‎رئيس‎ ‎‏"حزب‎ ‎القوات"‏‎ ‎اللبنانية‎ ‎سمير‎ ‎جعجع‎ ‎للفوز‎ ‎بأكبر‎ ‎كتلة‎ ‎نيابية‎ ‎بالانتخابات‎ ‎المقبلة، كما‎ ‎اعلن‎ ‎مؤخرا‎ ‎بصراحة، ولذلك‎ ‎يلاحظ‎ ‎أنه‎ ‎وضع‎ ‎في‎ ‎سلم‎ ‎أولوياته‎ ‎المطالبة‎ ‎بتقصير‎ ‎ولاية‎ ‎المجلس‎ ‎النيابي،‎ ‎لاتاحة اجراء‎ ‎الانتخابات‎ ‎النيابية‎ ‎قبل‎ ‎موعدها‎ ‎في‎ ‎شهر‎ ‎أيار‎ ‎المقبل، معللا‎ ‎اصراره‎ ‎على‎ ‎هذا‎ ‎المطلب، بأن‎ ‎الانتخابات‎ ‎هي‎ ‎مدخل‎ ‎لتغيير‎ ‎الواقع‎ ‎السياسي‎ ‎المتردي‎ ‎وبدء‎ ‎مرحلة‎ ‎جديدة‎ ‎واعدة‎.‎

لم‎ ‎يقتصر‎ ‎الامر‎ ‎عند‎ ‎هذا‎ ‎الحد، بل‎ ‎حث‎ ‎نواب‎ ‎كتلة‎ ‎القوات‎ ‎على‎ ‎تقديم‎ ‎هذا‎ ‎المطلب‎ ‎على‎ ‎ماعداه‎ ‎والاضاءة‎ ‎عليه‎ ‎في‎ ‎كل‎ ‎اطلالاتهم‎ ‎ومواقفهم،بالمجلس‎ ‎النيابي‎ ‎وغيره،بينما‎ ‎لوحظ‎ ‎انحسار‎ ‎التركيز‎ ‎على‎ ‎مأزق‎ ‎تشكيل‎ ‎الحكومةالجديدة‎ ‎،والجهات‎ ‎المسؤولة‎ ‎عن‎ ‎التعطيل‎ ‎والتجاوزات‎ ‎الدستورية،ومشاكل‎ ‎اكثر‎ ‎أهمية‎ ‎في‎ ‎هذاالظرف‎ ‎الصعب‎ ‎الذي‎ ‎يمر‎ ‎به‎ ‎البلد‎.. ‎

بدا‎ ‎موقف‎ ‎جعجع‎ ‎هذا‎ ‎مستغربا‎ ‎ونافراً،‎ ‎في‎ ‎ظل‎ ‎تدحرج‎ ‎المشاكل‎ ‎والازمات، وليس‎ ‎مقنعا‎ ‎للكثيرين، وعما‎ ‎إذا‎ ‎كان‎ ‎توقيت‎ ‎هذا‎ ‎الطرح‎ ‎ملائما أم‎ ‎لا‎ ‎،‎ ‎لا‎ ‎سيما وانه،‎ ‎عندما‎ ‎حدث‎ ‎الانفجار‎ ‎المدمر‎ ‎في‎ ‎مرفأ‎ ‎بيروت،‎ ‎قبل‎ ‎ما يقارب‎ ‎العام‎ ‎،حاول‎ ‎رئيس‎ ‎حزب‎ ‎القوات‎ ‎اللبنانية‎ ‎ركوب‎ ‎موجة‎ ‎تداعياته‎ ‎الماساوية، فلوح‎ ‎مرارا‎ ‎باستقالة‎ ‎نواب‎ ‎كتلته،‎ ‎حمّس‎ ‎بعض‎ ‎النواب‎ ‎المستقلّين،‎ ‎الذين‎ ‎تجاوبوا‎ ‎بالفعل‎ ‎ولكنه‎ ‎كعادته،‎ ‎وضع‎ ‎استقالات‎ ‎نوابه‎ ‎في‎ ‎جيبه‎ ‎كما‎ ‎اعلن،‎ ‎وقطع‎ ‎بازار‎ ‎المساومات‎ ‎الطريق‎ ‎على‎ ‎اي‎ ‎محاولةللاستقالة،‎ ‎لانهاء‎ ‎ولاية‎ ‎المجلس‎ ‎وإجراء‎ ‎انتخابات‎ ‎مبكرة،‎ ‎وترك‎ ‎النواب‎ ‎المستقيلين‎ ‎يحصدون‎ ‎نتائج‎ ‎الاستقالةالسياسية‎ ‎لوحدهم‎ . ‎التغيير‎ ‎السياسي‎ ‎الذي‎ ‎يسوّق‎ ‎جعجع‎ ‎لحدوثه‎ ‎الان‎ ‎من‎ ‎خلال‎ ‎اجراء‎ ‎الانتخابات‎ ‎النيابية،وهمُ‎ ‎و‎ ‎غير‎ ‎ممكن،‎ ‎في‎ ‎ظل‎ ‎الواقع‎ ‎السياسي‎ ‎الداخلي‎ ‎المعقد‎ ‎و‎ ‎المرتبط‎ ‎بالصراع‎ ‎الاقليمي‎. ‎

حتى‎ ‎ولو‎ ‎فازت‎ ‎القوات‎ ‎بأكبر‎ ‎كتلة‎ ‎نيابية‎ ‎مسيحية‎ ‎بالانتخابات‎ ‎المقبلة، لماذا؟‎ ‎ببساطة‎ ‎لان‎ ‎المشكل‎ ‎الأساس‎ ‎الذي‎ ‎يقبض‎ ‎على‎ ‎انفاس‎ ‎البلد‎ ‎في‎ ‎مكان‎ ‎آخر‎ ‎،‎ ‎يصرُ‎ ‎جعجع‎ ‎على‎ ‎تجاهله‎ ‎اوالتغاضي‎ ‎عنه‎ ‎وهو‎ ‎استمرار‎ ‎ميشال‎ ‎عون‎ ‎بسدة‎ ‎الرئاسةلماتبقى‎ ‎من‎ ‎ولايته‎ ‎المشؤومةوموكلا‎ ‎جانبامن‎ ‎مهامه‎ ‎الدستورية‎ ‎لصهره‎ ‎النائب‎ ‎جبران‎ ‎باسيل، خلافا‎ ‎

للدستور‎ ‎لتقرير‎ ‎مصير‎ ‎الحكومةالجديدة‎ ‎والبت‎ ‎بالأمور‎ ‎المهمة‎ ‎للرئاسة‎. ‎يتجنب‎ ‎جعجع‎ ‎توجيه‎ ‎الانتقاد‎ ‎المركز‎ ‎والهادف‎ ‎لتصرفات‎ ‎وممارسات‎ ‎رئيس‎ ‎الجمهورية‎ ‎وصهره‎ ‎التي‎ ‎اوصلت‎ ‎البلد‎ ‎الى‎ ‎حالة‎ ‎الانهيار‎ ‎المدمر،الا‎ ‎بالمناسبات‎ ‎لرفع‎ ‎العتب‎ ‎امام‎ ‎الرأي‎ ‎العام‎ ‎من‎ ‎وقت‎ ‎لآخر‎.‎‏ بينما‎ ‎يلاحظ‎ ‎ان‎ ‎عون‎ ‎المستند‎ ‎الى‎ ‎تفاهم‎ ‎معراب،الموقّع‎ ‎مع‎ ‎جعجع،لايبدو‎ ‎منزعجا‎ ‎من‎ ‎معارضة‎ ‎القوات‎ ‎الخجولة،‎ ‎يغطي‎ ‎من‎ ‎موقعه‎ ‎الرئاسي،‎ ‎استمرار‎ ‎حزب‎ ‎الله‎ ‎بسلاحه‎ ‎غير‎ ‎الشرعي،‎ ‎قابضا‎ ‎على‎ ‎مفاصل‎ ‎الدولة‎ ‎ومتحكما‎ ‎بالوضع‎ ‎السياسي‎ ‎فيها‎ .‎قبلها‎ ‎جرّب‎ ‎رئيس‎ ‎حزب‎ ‎القوات‎ ‎مع‎ ‎تحالف‎ ‎قوى‎ ‎‏١٤‏‎ ‎آذار‎ ‎سابقا،‎ ‎وكان‎ ‎لديهم‎ ‎الاكثرية‎ ‎النيابية،‎ ‎تغيير‎ ‎الواقع‎ ‎السياسي‎ ‎نحو‎ ‎الافضل‎ ‎واصطدموا‎ ‎بجدار‎ ‎السلاح‎ ‎غير‎ ‎الشرعي،‎ ‎المعطل‎ ‎لكل‎ ‎محاولات‎ ‎التغيير‎ ‎والانتقال‎ ‎الى‎ ‎مرحلة‎ ‎اكثر‎ ‎اشراقا‎ ‎يتمناها‎ ‎معظم‎ ‎الناس‎. ‎‏ ‏

الآن‎ ‎يحاول‎ ‎جعجع‎ ‎الهروب‎ ‎إلى‎ ‎مطلب‎ ‎إجراء‎ ‎الانتخابات‎ ‎النيابية‎ ‎اليوم‎ ‎قبل‎ ‎الغد،‎ ‎مسددا‎ ‎سيل‎ ‎الاتهامات‎ ‎للمنظومة‎ ‎الفاسدة،وكأنه‎ ‎اتٍ‎ ‎مع‎ ‎بعض‎ ‎قواته،‎ ‎من‎ ‎المدينة‎" ‎الفاضلة‎"‎،ولم‎ ‎يشارك‎ ‎في‎ ‎السلطة‎ ‎في‎ ‎وزارات‎ ‎بصماتها‎ ‎ماثلة‎ ‎في‎ ‎الصحة‎ ‎على‎ ‎سبيل‎ ‎المثال‎ ‎اوماقبلها‎ . ‎يريد‎ ‎الهاء‎ ‎ألناس‎ ‎بالانتخابات‎ ‎عوضا‎ ‎عن‎ ‎مساءلته‎ ‎عن‎ ‎ادائه‎ ‎الملتبس‎ ‎في‎ ‎الواقع‎ ‎السياسي،‎ ‎وما‎ ‎يقوم‎ ‎به‎ ‎من‎ ‎دور‎ ‎وجهود‎ ‎للبحث‎ ‎بمطالب‎ ‎أكثر‎ ‎أهمية‎ ‎يعانون‎ ‎من‎ ‎ويلاتها‎ ‎كل‎ ‎ساعة،‎ ‎ولا‎ ‎يجدون‎ ‎من‎ ‎هو‎ ‎قادر‎ ‎على‎ ‎انهاء‎ ‎هذه‎ ‎المعاناة‎ ‎او‎ ‎ايقافها‎ ‎عند‎ ‎حدود‎ ‎معينة‎. ‎يهرب‎ ‎جعجع‎ ‎إلى‎ ‎الانتخابات‎ ‎،لتجنب‎ ‎مساءلته‎ ‎عن‎ ‎دوره‎ ‎ومسؤوليته‎ ‎بتسهيل‎ ‎وصول‎ ‎عون‎ ‎،احد‎ ‎اسباب‎ ‎المشكل‎ ‎الحالي‎ ‎بالبلد‎ ‎الى‎ ‎رئاسة‎ ‎الجمهورية،‎ ‎نكاية‎ ‎بكل‎ ‎من‎ ‎طرح‎ ‎اوسوّق‎ ‎لترشيح‎ ‎خصمه‎ ‎السياسي‎ ‎،رئيس‎ ‎تيار‎ ‎المردة‎ ‎سليمان‎ ‎فرنجية‎ ‎للرئاسة‎ ‎ولقطع‎ ‎الطريق‎ ‎نهائيا‎ ‎على‎ ‎اي‎ ‎مرشح‎ ‎محتمل،‎ ‎لايرضى‎ ‎عنه‎ ‎او‎ ‎يماشيه‎ . ‎هروب‎ ‎رئيس‎ ‎حزب‎ ‎القوات‎ ‎الى‎ ‎الانتخابات‎ ‎النيابية،‎ ‎برغم‎ ‎مايحدث‎ ‎بالبلد،لاحداث‎ ‎التغيير‎ ‎الذي‎ ‎يروج‎ ‎له،‎ ‎طامعا‎ ‎بوراثة‎ ‎تركة‎ ‎التيار‎ ‎الوطني‎ ‎الحر‎ ‎الموعودة،‎ ‎وهي‎ ‎التي‎ ‎تدغدغ‎ ‎طموحاته‎ ‎منذ‎ ‎زمن،‎ ‎بعد‎ ‎ظهور‎ ‎بوادر‎ ‎تفرق‎" ‎العشاق‎ ‎عن‎ ‎دف‎ "‎العونية‎ ‎المثقوب‎ ‎،ليصبح‎ ‎رئيس‎ ‎أكبر‎ ‎كتلة‎ ‎نيابية‎ ‎مسيحية‎ ‎بالبرلمان‎ ‎المقبل‎ ‎ومن‎ ‎خلالها‎ ‎الى‎ ‎نعيم‎ ‎الكرسي‎ ‎البراقة،‎ ‎قد‎ ‎يكون‎ ‎ممكنا‎ ‎او‎ ‎محفوفا‎ ‎بصعوبات‎ ‎وعوائق‎ ‎غير‎ ‎متوقعة،‎ ‎ولكن‎ ‎تحقيق‎ ‎طموحه‎ ‎،في‎ ‎الطريق‎ ‎إلى‎ ‎حلمه‎ ‎الأساس‎ ‎والابدي،‎ ‎بالرئاسة‎ ‎الاولى‎ ‎في‎ ‎ظل‎ ‎انعدام‎ ‎كل‎ ‎التحالفات‎ ‎السياسية‎ ‎مع‎ ‎حزبه‎ ‎،‎ ‎وبعدما‎ ‎جرب‎ ‎حظه‎ ‎سابقا‎ ‎وفشل،يبدو‎ ‎مستحيلا‎ .‎ولكن‎ ‎كل‎ ‎ذلك‎ ‎سابق‎ ‎لاوانه، وهو‎ ‎مرتبط‎ ‎بظروف‎ ‎اجراء‎ ‎الانتخابات‎ . ‎الا‎ ‎إن‎ ‎طرحها‎ ‎كاولوية‎ ‎على‎ ‎ماعداها‎ ‎من‎ ‎مشاكل‎ ‎وازمات،‎ ‎في‎ ‎هذا‎ ‎الظرف‎ ‎بالذات‎ ‎وعلى‎ ‎انقاض‎ ‎الانهيارالمتواصل‎ ‎،تظهر‎ ‎بوضوح‎ ‎ان‎ ‎جعجع‎ ‎وحزبه،‎ ‎في‎ ‎مكان‎ ‎والناس‎ ‎في‎ ‎مكان‎ ‎بعيد‎ ‎جدا‎ ‎،وليس‎ ‎اقطاب‎ ‎السلطة‎ ‎لوحدهم‎ ‎في‎ ‎مكان‎ ‎والشعب‎ ‎في‎ ‎مكان‎ ‎ثان‎ ‎فقط،وهذا‎ ‎اكبر‎ ‎دليل‎ ‎على‎ ‎أن‎ ‎مايعانيه‎ ‎الناس‎ ‎يبقى‎ ‎آخر‎ ‎همومهم‎..‎

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

3 تموز 2021 12:32