شوارع اجتاحتها السيول وطرق مقطوعة ومناطق معزولة وأشخاص يطلبون النجدة من السطوح، بينما تغرق سياراتهم تحت الماء والطين. هذه بعض مشاهد من أسوأ الكوارث الطبيعة التي ضربت ألمانيا وخلفت خسائر بشرية ومادية هائلة.
تواصل ألمانيا إحصاء موتاها، وتسترسل فرق الإنقاذ في البحث عن عشرات الأشخاص الذين لا يزالون في عداد المفقودين، في واحد من أعنف الفيضانات التي شهدتها البلاد منذ عقود.
وأسفرت السيول والفيضانات في ألمانيا عن وفاة 103 أشخاص حسب أحدث إحصائية السلطات وهي مرشحة للارتفاع، فيما تحولت قرى وبلدات في غرب البلاد إلى مناطق معزولة من جراء انقطاع طرقها وانهيار بنياتها التحتية.
ويرجح أن ترتفع حصيلة الوفيات خلال الساعات المقبلة، في ظل تواصل عمليات الإنقاذ للبحث عن مفقودين يعدون بالمئات، لا سيما في مناطق ستفاليا والراين وأرينلاند بفالس.
وغمرت مياه الأمطار والسيول المنازل والشوارع في العديد من البلدات والقرى المنكوبة، مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي عن عشرات الآلاف من السكان، علاوة على انقطاع الطرق وتوقف حركة القطارات وتضرر شبكة الهاتف.
وعلى غرار ألمانيا، فقد تسببت الأمطار الغزيرة التي طالت عددا من دول غرب أوروبا، في وفاة 14 شخصا في بلجيكا المجاورة، فيما ألحقت خسائر فادحة بالبنية التحتية في كل من هولندا ولوكسمبورغ.
لحظات الذعر والخوف
ويسود جو من القلق والفزع وسط أفراد الجالية العربية في ألمانيا وبلجيكا، وتتصاعد المخاوف من تكرار سيناريو الفيضانات المدمرة.
وتقول صوفيا مليري المقيمة في مدينة لييج البلجيكية، إن الأمطار الغزيرة استمرت في المدينة والمناطق المجاورة لأيام متتالية، وحاصرت السيول التي اجتاحت الشوارع الآلاف من السكان داخل منازلهم.
وتضيف صوفيا لموقع "سكاي نيوز عربية": "قبل ساعات من وقوع الكارثة أغلقت الشرطة المخبز التي أشتغل فيه. لقد تم إغلاق العديد من المرافق الاخرى تحسبا لأي خطر قد يطال السكان بعد تدهور أحوال الطقس بسبب الأمطار القوية".
وتؤكد المتحدثة أن الأمطار تسببت في تعطيل الحياة في لييج، حيث توقف النقل العمومي وتضررت البنية التحتية وانهارت شبكة الهاتف، وهو ما حرمهم التواصل مع ذويهم.
المنطقة تحولت لبحيرة
أما فاطمة، المهاجرة المغربية المقيمة في إقليم والونيا جنوبي بلجيكا، فقد وصفت الوضع بالمأساوي، وأكدت أن "المنطقة كلها غرقت تحت الماء وتحولت إلى بحيرة، حيث توفي حوالي 14 شخصا غرقا بعدما ظلوا عالقين وعاجزين عن الخروج من منازلهم".
وتضيف فاطمة: "إنها كارثة حقيقية. العديد من الأشخاص لم يجدوا أمامهم من مخرج سوى الصعود إلى أسطح المنازل والمرتفعات هربا من السيول والمياه الجارفة التي غطت كل أرجاء المدينة".
من جهة أخرى، أبدت السيدة امتنانها الكبير وتقديرها لأطقم الإنقاذ، وأشادت بالمجهودات التي بذلوها من أجل الوقوف إلى جانب المواطنين، وقالت: "لقد وظفوا كل الوسائل والإمكانات. أنهم يستخدمون القوارب الصغيرة والمروحيات ويبذلون مجهودات كبيرة (...)".
وتستطرد فاطمة: "كل ما نحتاجه حاليا حماية أطفالنا، ونريد مواد تموين جافة يمكن تخزينها على الأقل إلى حين انتهاء هذه المحنة بسلام. أتمنى ألا نشهد المزيد من الفيضانات خلال الساعات المقبلة".
ألمانيا تغرق
وانتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي صور ومقاطع فيديو توثق للوضع الذي آلت إليه العديد من شوارع مدن غرب ألمانيا، وتبرز حجم الأضرار التي طالت المباني والبنيات التحتية.
كما استخدم رواد المواقع على مدار الساعات الماضية وسم (هاشتاغ) "ألمانيا تغرق"، وشاركوا من خلاله آخر المستجدات المتعلقة بالمأساة غير المسبوقة.
وتقول المغردة هند ياقوب : "فوبرتا تم إخلاؤها من السكان بسبب المخاوف من انفجار السد. ليفركوزن غرقت تحت الماء، أما في مدينتي القديمة ستلولبيرج فقد اتصلت بجارتي التي تقول إنهم عالقون ولا يستطيعون الخروج من المنزل".
أما سارة العمري فكتبت قائلة: "للذين كانوا يقولون إن الاحتباس الحراري غير حقيقي والفيضانات تحدث فقط في الدول الفقيرة بسبب رداءة البنية التحتية، ها هي ألمانيا تغرق في أول كارثة لها مع الفيضانات".
وقبل أن يطمئن متابعيه على أحواله، ظهر منصف سليمي الصحفي المغربي المقيم في ألمانيا، متفائلا وكتب على "فيسبوك": "بعد يومين من الفيضانات التي خلفت ضحايا وأضرارا كبيرة خصوصا في بوليتنا نورد راين فستفاليا وولاية راينلاند بافلتس، يرتقب أن تتحسن أحوال الطقس".
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.