18 تموز 2021 | 18:41

المنسقيات و القطاعات

نداء الى بشارة!

كتب عبد السلام موسى (*):

يصنف الزميل بشارة شربل، رئيس تحرير "نداء الوطن"، من صحافيي الدرجة الاولى في لبنان، وباعه طويل في العمل المهني المتميز في العديد من المؤسسات الاعلامية، وآخرها "نداء الوطن" التي اثبتت في ظل ادارته حضوراً سريعاً في الساحة الصحافية اللبنانية .

ولأن الزميل بشارة على هذا القدر من الوزن الصحافي، يعز علينا أن نرى في مقالته الأخيرة، يوم السبت الماضي، سقطة في غير محلها، ورسالة من مناخات ومواقع سياسية ارادت أن تستخدم قلمه الجميل في اطلاق حملة قبيحة تستهدف الرئيس سعد الحريري.

نحن نتفهم أن رئيس تحرير "نداء الوطن" محكوم بسياسة صحيفة تملك حق التسويق لجهة حزبية وتلميع السيرة الذاتية لقيادات أو تشوية سيرة قيادات اخرى، وكنا نفترض أن الصحيفة تحتوي على العديد من الاصدقاء الذين نلتقي معهم على قواسم وطنية مشتركة، ويجمعنا معهم تاريخ مشترك تحت سقف "ام الصبي" الذي جرى مع الاسف ذبحه من الوريد الى الوريد .


من المؤسف أن يكتشف اناس مثلنا أن حقول "نداء الوطن"، بدل أن تتكاثر فيها بذور الصداقة والحوار والتكامل، تقرر زرعها بمجموعة اقلام تنبت بين يوم وآخر مقالة تضمر "الحب المسموم" للرئيس الحريري، وتنافس في " محبتها" احياناً اقلام صحيفة "الاخبار".

اقول الحب المسموم، لانه ليس هناك ما يمكن أن يؤذي الانسان، أشد ألماً من طعنة أخ أو صديق، وليس هناك من كلمة يمكن ان تتحول الى خنجر مسنون، أعنف من كلمة يخطها قلم صحافي تشهد له الحقيقة في الدفاع عنها وعدم تسليمها للحظات التوظيف السياسي .


جارح كان كلام بشارة، أولاً لانه بقلم بشارة، وثانياً لانه ظالم بارتكاب الاذى الخاص والعام بحق الرئيس سعد الحريري.

لكن ربما يستحق الزميل بشارة شكراً كبيرة من "أهل السنة" على قوله "الحقيقة" التي كابر عليها كثيرون في مسألة انتخاب ميشال عون رئيساً للجمهورية، فما كتبه عن اعادة التجربة مع عون باعتبارها "أم الخطايا" يدين الخلية السياسية لادارة "نداء الوطن"، أي الجهة التي أعادتها وضربت لأجلها "أم الكؤوس" في "تفاهم معراب".

وربما كان الاجدر بالزميل العزيز أن يطل في مقالته على الجهة الحقيقية التي ارتكبت "أم الخطايا" بانتخاب العماد ميشال عون، وتركب يومياً موجات "نداء الوطن" وصفحاتها لقيادة "الثورة" على المنظومة السياسية، بدل أن يصب جام حبره على الرئيس سعد الحريري واتهامه بمسؤوليته عن اضاعة تسعة اشهر من عمر البلد .


فليس في رقبة الرئيس الحريري طوال تسعة أشهر، ايها الزميل العزيز، سوى السعي لإنقاذ البلد، بتشكيل حكومة مهمة، تحت سقف المبادرة الفرنسية، ومبادرات البطريرك مار بشارة بطرس الراعي والرئيس نبيه بري.


وهو لم يخطىء عندما رشح نفسه "بلا جميلة أحد"، بل مارس الواقعية السياسية التي جعلت كل الأطراف، بعد استقالته استجابة لارادة الناس في ثورة ١٧ تشرين، تمد له السجاد الأحمر، وتأتي له بـ"لبن العصفور"، وتحج إلى بيت الوسط كي يعود الحريري رئيساً للحكومة، أو يسمى من يراه مناسباً، انطلاقاً من التسليم بقوة تمثيله ومرجعيته وزعامته الوطنية.

العنجهية، يا زميل بشارة، هي سمة كل من تصاعد البخار على رأسه، ولم يحترم ما يمثله الرئيس الحريري في المعادلة الوطنية، حد الإنكار، وعدم تسميته، وخوض كل المعارك في وجهه، بدل أن تُخاض في وجه عهد ميشال عون، الذي ما كان ليكون، لولا عراضة "أم الكؤوس" مع "التيار الوطني الحر".


الحريري اعتذر بعدما استنفذ كل الفرص لتأليف الحكومة، ولو لم يُكلف، أو لو اعتذر في وقت سابق، لكان انهيار الليرة دراماتيكياً، ذلك أن الرئيس المكلف لم يكن مطلق اليد في التشكيل، في مقابل رئيس الجمهورية الذي كان مطلق اليد وسيد القرار في تعطيل التشكيل والسيطرة على حكومة تصريف الأعمال واتخاذ قرارات السطو على الودائع وعدم دفع "اليوربوند" وتحويل المجلس الأعلى للدفاع الذي يرأسه إلى الحاكم بأمر البلاد والعباد.


غريب أن لا يرى الزميل بشارة كل ذلك، في مقاله بعنوان "أم المقابلات"، وأن يتحامل على سفرات الرئيس الحريري ليصفه ب"ابن بطوطة"، ويغيب عن باله أن كل سفراته كانت للحصول على "ترياق" ينقذ لبنان، وأنه وجمهوره وأهله من "أهل مكة" الأصليين، والأدرى بشعابها، أكثر بكثير من بعض الطارئين وغير الحافظين عن ظهر قلب لما فعله الحريري "الله يوفقه" من أجلهم!.

أما أن يُحرم الزميل العزيز على الرئيس الحريري ما يحلله للآخرين، ففي ذلك نقاش آخر، ما دام أيضاً لم ير كل "العروض المحدودة" و"دم" البعض الذي لم يغلِ الا ضد الرئيس الحريري، وبمجرد أن استقال في المرة الاولى فُتحت كل الطرق التي كانت تقطع بـ"عرض محدود"، ولم يواصلوا قطعها لإنقاذ لبنان من المنظومة الفاسدة والذهاب الى بعبدا لاسقاط "بي الكل"، وبمجرد أن اعتذر في المرة الثانية، "لحسوا" مطالبهم بالانتخابات النيابية المبكرة، وباتوا يريدون حكومة سريعاً. "سبحان مغير الأحوال" في لعبة الأنانيات والمحاصصات التي يتقنها البعض ويسقطها على الآخرين.


فليطمئن الزميل العزيز بشارة، الرئيس الحريري دائم المراجعة، و"نظرية التضحية" التي دعاه للإقلاع عنها في ختام مقاله، هي نفسها التي أكد تطبيق الحريري لها من موقعه ك"أم الصبي" في بداية المقال، ولعلها دعوة صادقة، لا بل "أم الدعوات"، للزميل العزيز، بأن يقلع أقله عن هذا الانفصام في "نداء الوطن"، ويمتنع عن "كلام الباطل" الذي يراد منه "الباطل"، وعن التذاكي في تحوير موقف "ابن شهيد" في قضية انفجار مرفأ بيروت، التي يعتبرها قضيته لاحقاق الحقيقة والعدالة.


(*) منسق الاعلام في "تيار المستقبل"

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

18 تموز 2021 18:41