9 آب 2021 | 09:09

أخبار لبنان

النهار: مواجهات دائرية لـ"حزب الله" بين الجنوب والداخل

كتبت صحيفة النهار تقول: تقدمت المواجهات "الدائرية" الداخلية التي يخوضها ‏‏"حزب الله" في اتجاهات متعددة في مواكبة المواجهة العسكرية المحدودة التي ‏خاضها مع إسرائيل قبل أيام واجهة المشهد الداخلي بحيث طغت على "نومة اهل ‏الكهف" المتصلة بملف تشكيل الحكومة التي تنتظر مزيدا من الجولات المتهادية ‏على إيقاع الهبات الباردة والحارة المملة في "مفاوضات بعبدا‎" .‎

واذا كانت جولة تبادل القصف بين إسرائيل و"حزب الله" أدت الى تفتق ظاهرة ‏الاعتراض الأهلي في شويا على القصف الصاروخي للحزب وقيام عدد من أهالي ‏البلدة بمصادرة راجمة الصواريخ بما تسبب بتداعيات مباغتة وذات دلالات بارزة ‏لهذه الجهة فان كلمة الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله غداة هذا الحادث ‏اسفرت عن واقع ان الحزب يواجه مجموعة إشكالات بل مواجهات داخلية دفعة ‏واحدة الامر الذي يوجب معاينته بدقة نظرا للتداعيات التي ستترتب عليها‎.‎

فالحزب الذي يقلل من حجم الاعتراض الذي واجهه في شويا انبرى عبر سيده الى ‏تسديد "صليات" جديدة من الاتهامات بالتسييس للمحقق العدلي في انفجار مرفأ ‏بيروت ابرزها عدم اتباع معايير موحدة والغمز من قناة الاتهام بالتواطؤ مع ‏شركات التأمين أيضا . واذا تجاوزنا مسالة خلدة على رغم دلالات عودة السيد ‏نصرالله اليها في عز حمأة الاحتدام حول اخطار المواجهة مع إسرائيل فسيكون من ‏غير الممكن تجاهل الهجمة اللاذعة والعنيفة لانصار الحزب امس على البطريرك ‏الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي بعد وقت قصير من عظته التي ‏رفض فيها توريط لبنان في حرب مع إسرائيل ودعا الجيش اللبناني الى منع اطلاق ‏الصواريخ من الجنوب‎ .‎

ووسط نومة اهل الكهف في الدولة وتعاميهم عن مجريات بالغة الخطورة تجري ‏تحت أنظارهم ومن دون أي تأثير لوجودهم ، بدا من الصعوبة الكبيرة اطلاق ‏التوقعات حول عملية تاليف الحكومة وما اذا كان كلام الإيجابيات الذي انتهت عليها ‏لقاءات الرئيس المكلف نجيب ميقاتي مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ‏سيكون قابلا عمليا للترجمة القريبة ام ان مماحكات التاليف قد عادت الى سابق ‏عهدها كما انتهت اليه قبيل اعتذار الرئيس سعد الحريري . وفي اعتقاد أوساط ‏متابعة ووثيقة الصلة بالأجواء التي واكبت اللقاءات الستة بين عون وميقاتي ان ‏أسبوعا على الأكثر سيكون فترة كافية وحاسمة لاستكشاف ما اذا كان قرار الحكم ‏قد تغير مع ميقاتي وتاليا فان حلحلة العقد تغدو معقولة وواردة بما يفصح عن كلمة ‏سر من شانها ان تطلق الحكومة الجديدة من أسرها‎ .‎

او ان تمضي الفترة ولا يسجل أي جديد إيجابي فعلا وتبقى عملية التأليف قيد ‏الشروط والعقد والمطالب المتشددة وعندها سيحصل التثبت اكثر من توزيع إدوار ‏بين العهد وحزب الله لدوافع تتقاطع عند تعطيل تاليف الحكومة الجديدة كما فعلوا مع ‏سعد الحريري . ومع ان أي جديد معلن لم يبرز في الملف الحكومي يبدو ان عدم ‏الاتفاق بعد على موعد اللقاءالجديد بين الرئيسين عون وميقاتي لا يشكل مؤشرا ‏عاجلا على تحرك استثنائي للسلطة وربما تتفاقم الأمور في اتجاهات اكثر سلبية‎ .‎

نصرالله

في غضون ذلك ملأت المشهد الداخلي تداعيات المواقف التي اعلنها السيد نصرالله ‏في كلمة القاها لمناسبة حرب تموز 2006 اذ ابدى أسفه "لمساعدة بعض اللبنانيين ‏لتحقيق العدو اهدافه لجهة سعيهم لاضعاف لبنان وقوته " وتطرق الى ما حصل قبل ‏ايام، واصفا إياه بالخطير جدا، وقال "أن العدو شن غارات جوية على منطقة ‏الشواكير قرب مخيم الرشيدية وفي الجرمق في منتصف الليل لإرعاب الناس، ظنا ‏منه أن الغارات ستمر من دون رد وهذا يعني تغيير قواعد الاشتباك، ولذلك كان لا ‏بد من أن نرد". وأضاف: "لو تأخر ردنا على غاراتهم الجوية لكان بلا معنى، ‏ولذلك قررنا أن يكون ردنا سريعا" .وقال ان " ما قامت به إسرائيل من عدوان قبل ‏أيام خطير جداً ولم يحصل خلال 15 عاماً وقررنا الرد فوراً ، أردنا بالفعل في ‏الميدان أن أي غارة جوية لسلاح الجو الإسرائيلي سيتم الرد عليها حتما ولكن ‏بشكل مناسب ومتناسب" . وقال مخاطبا إسرائيل "لا تراهن يا عدو على تشرذم ‏بيئة "حزب الله" وكل المساحة اللبنانية ممنوع أن تتعرض لها بغارة جوية حتى في ‏الأرض ، "تقصف بنقصف". نحن لا نبحث عن حرب ولكننا جاهزون لها واكبر ‏حماقة يرتكبها العدو عندما يقرر الحرب مع لبنان والرد ليس محصوراً في مزارع ‏شبعا . ووصف الحادثة في شويا لانها " كانت مشينة وخطيرة وشبابنا التزموا ‏الصبر وهم ضمانة لبنان ومن اعتدوا عليهم هم من غير عالم وما حصل لم يكن ‏شيئا بسيطا ولا عابرا وله دلالات خطيرة‎ ".‎

الراعي .. والحملة‎!‎

وجاء الرد الأبرز على القصف الصاروخي للحزب من الجنوب على لسان ‏البطريرك الراعي امس اذ قال : "إننا نقف إلى جانب أهلنا في الجنوب لنشجب ‏توتر حالة الأمن. وقد سئموا -والحق معهم- الحرب والقتل والتهجير والدمار. وفيما ‏ندين الخروقات الإسرائيلية الدورية على جنوب لبنان، وانتهاك القرار الدولي ‏‏1701، فإننا نشجب أيضا تسخين الأجواء في المناطق الحدودية انطلاقا من القرى ‏السكنية ومحيطها. كما لا يمكننا القبول، بحكم المساواة أمام القانون بإقدام فريق ‏على تقرير السلم والحرب خارج قرار الشرعية والقرار الوطني المنوط بثلثي ‏أعضاء الحكومة وفقا للمادة 65، عدد 5 من الدستور‎" .‎

وأضاف "صحيح أن لبنان لم يوقع سلاما مع إسرائيل، لكن الصحيح أيضا أن لبنان ‏لم يقرر الحرب معها، بل هو ملتزم رسميا بهدنة 1949. وهو حاليا في مفاوضات ‏حول ترسيم الحدود، ويبحث عن الأمن، والخروج من أزماته، وعن النهوض من ‏انهياره شبه الشامل، فلا يريد توريطه في أعمال عسكرية تستدرج ردودا إسرائيلية ‏هدامة. ونهيب بالجيش المسؤول مع القوات الدولية عن أمن الجنوب بالسيطرة على ‏كامل أراضي الجنوب وتنفيذ دقيق للقرار 1701 ومنع إطلاق صواريخ من ‏الأراضي اللبناني لا حرصا على سلامة إسرائيل، بل حرصا على سلامة لبنان. ‏نريد أن ننتهي من المنطق العسكري والحرب واعتماد منطق السلام ومصلحة لبنان ‏وجميع اللبنانيين‎ ".‎

وعلى الأثر شنّ أنصار "حزب الله"، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، حملةً واسعة ‏على البطريرك الماروني الراعي، لإدانته في عظته بقداس الأحد، "تَسخينَ الأجواءِ ‏في المناطق الحدوديّة انطلاقًا من القرى السكنيّةِ ومحيطِها"، وعدم قبوله "بحكم ‏المساواة أمام القانون، إقدامَ فريقٍ على تقريرِ السلمِ والحربِ خارجَ قرارِ ‏الشرعيّة‎".‎

وغرّد ناشطون عبر استخدام هاشتاغ "راعي_الانحياز" "وراعي_الاستسلام"، ‏حيث اعتبر بعضهم أنّ مواقف رأس الكنيسة المارونيّة لا تختلف عن مواقف الدولة ‏العبريّة. كذلك، اصدر الحزب السوري القومي الاجتماعي بيانا اعتبر فيه "أن ‏الراعي يتعامى عن مئات المجازر والاعتداءات المتكررة من العدو، ويضع الحجة ‏على من حمل السلاح لرفع الظلم وتحرير أرضه من رجس عصابات الاستيطان ‏والاقتلاع وتزوير التاريخ والدين". وأشار الى أن "لا الهدنة مع العدو أتت بحماية ‏للبنان، ولا الحياد خيار أصحاب الحق، بل خيار المستسلمين. وبلا شك، فإن رعاية ‏الفساد والتنعم بالمغانم بينما تئن الرعية تحت نير الجوع والعوز، لا تنقذ البلاد من ‏نير التبعية، ولا الاستثمار بدماء أبرياء المرفأ يعيد الى لبنان دوره وحيوته. بل ‏قوته، وقوته فقط هي السبيل الوحيد لاستعادة السيادة والدور والوصول إلى التطور ‏والرقي‎".‎

غير أن الرئيس ميشال سليمان رد على المتحاملين عبر صفحته على "تويتر" ‏قائلا: "الاساءة الى البطريرك الراعي ترتد على اصحابها، ولن تؤدي الا الى مزيد ‏من التأييد له خارجياً وداخلياً من المواطنين الشرفاء الذين يؤمنون بلبنان فقط وقبل ‏كل شيء

مسيرة

وسط هذه الأجواء نظّم أهالي ضحايا انفجار مرفأ بيروت مسيرة احتجاجية تحت ‏عنوان "كلنا ضحايا والمجرم واحد"، انطلقت من أمام مبنى صحيفة "النهار" بإتجاه ‏مدخل رقم 3 للمرفأ، للمطالبة بكشف الحقيقة ورفع الحصانات، وجدّدوا المطالبة ‏بتحقيق العدالة ومحاسبة المتسبّبين بالفاجعة. وخرجت نعوش من حرم مرفأ بيروت ‏في المرحلة الثانية للمسيرة التي نظمها الاهالي وتوجهوا بها بإتجاه منطقة مار ‏مخايل‎.‎

وعبّر أهالي الضحايا عن "إصرارهم على المطالبة بتسليم قتلة ضحاياهم إلى ‏القضاء"، سائلين المحقق العدلي القاضي طارق البيطار "عدم الخوف أو التراجع ‏والمضيّ قدماً في سبيل إظهار الحقّ وإجلاء الحقيقة‎".‎

وتطرّق محتجون شاركوا الأهالي مسيرتهم إلى مواضيع عدّة أبرزها الفساد وسرقة ‏أموال المودعين والهدر في وزارة الطاقة وغيرها. كما طالبت لجنة عائلات ‏المخطوفين والمفقودين في لبنان قضية المفقودين في السجون السورية‎.‎

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

9 آب 2021 09:09