12 آب 2021 | 07:46

أخبار لبنان

المحروقات بسعر السوق.. وإسقاط جلسة الحصانات

‎ ‎كتبت صحيفة "النهار" تقول: على وقع تصاعد مخيف في أزمات المحروقات ‏والكهرباء والدواء والاستشفاء، ينزلق معه لبنان بسرعة متناهية نحو مرحلة غير ‏مسبوقة في التداعيات والأخطار الاجتماعية والمعيشية والأمنية، بدا من غرائب ‏الزمن السياسي البائس الذي يعيشه اللبنانيون ان تبقى في أولويات العهد، ارتكاب ‏مزيد من الانتهاكات الدستورية في عز لقاءات "التشاور" في بعبدا لتأليف الحكومة، ‏كما تقدم على المشهد السياسي نفسه الصدام داخل مجلس النواب حول مسألة رفع ‏الحصانات في ملف انفجار مرفأ بيروت. ذلك ان الذين تساءلوا باستغراب قبل أيام ‏عن سبب عدم دعوة رئيس الجمهورية ميشال عون المجلس الأعلى للدفاع الى ‏اجتماع طارئ عقب اطلاق "حزب الله" صواريخ من الجنوب وردّ إسرائيل بقصف ‏مدفعي فوجئوا امس بانعقاد المجلس للبحث في تداعيات أزمة المحروقات وسط ‏مخالفة دستورية فاقعة تمثلت في دعوة رئيس الجمهورية للمجلس الى الانعقاد ‏وتجاهل غياب رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب الذي يمضي حجراً ‏صحياً بسبب مخالطته مصاباً بداء كورونا‎.‎

والواقع ان هذا التطور زاد غموضاً على غموض اللقاء السابع الذي انعقد بين عون ‏والرئيس المكلف نجيب ميقاتي بعد اجتماع المجلس الأعلى في بعبدا، اذ ان لقاء ‏الرئيسين لم يستمر اكثر من أربعين دقيقة، ولم تتسرب عنه معطيات توحي ‏بإيجابيات تتجاوز الشكليات التي يحرص الجانبان على الإيحاء بها، فيما لا يبدو ‏وفق المعطيات الحقيقية ان خطوات ملموسة جادة قد تحققت بعد على طريق ‏اختراق في التأليف. وفيما تسربت معلومات عن اتفاق على ابقاء القديم على قدمه ‏في التوزيعات الطائفية وعدم اعتماد المداورة، بدت معالم التحفظ واضحة امس ‏على ميقاتي اذ بعد انتهاء الاجتماع، وفيما كان يغادر بهو القصر الجمهوري، ‏استوقفه الصحافيون لطرح الاسئلة، فقال‎:‎

‎"‎لا ارغب في الوقوف والكلام، ونحن نتابع. الأمور تسير في المسار الصحيح، ‏وان شاء الله سأزور فخامة الرئيس بعد ظهر غد (اليوم‎).‎

وسئل: هل هناك من مسودة؟ أجاب: وصلنا اليها، صحيح".‏

خرق دستوري‎ !‎

ولكن العقدة الإضافية القديمة - الجديدة في ما سيواجهه ميقاتي اليوم في رحلته ‏التفاوضية الشاقة مع عون اثارها الرئيسان سعد الحريري وفؤاد السنيورة عقب ‏ترؤس عون المجلس الأعلى في غياب رئيس حكومة تصريف الاعمال فقال ‏الحريري: "ان الدستور ليس وجهة نظر لدى هذا الطرف او ذاك وما حصل اليوم ‏من انعقاد لمجلس الدفاع الاعلى بغياب رئيس الحكومة مخالفة دستورية اقدم عليها ‏رئيس الجمهورية. وان كتلة المستقبل تحذر من الامعان في مخالفة الدستور ‏وتطبيقه بشكل استنسابي ومحاولة فرض اعراف سبق وان اودت بالبلد الى الهلاك ‏والخراب والدمار"‏‎.‎

وبدوره أكد الرئيس السنيورة أن "انعقاد إجتماع مجلس ‏الدفاع الأعلى في قصر ‏بعبدا من دون حضور رئيس الحكومة لا يجوز وغير ‏دستوري." واختصر موقفه ‏بالقول: "رئيس الجمهورية أطاح بكل ما نصّ عليه الدستور‎".‎

لكن مكتب الاعلام في رئاسة الجمهورية اصدر بيانا أوضح فيه ان "الرئيس دياب ‏دعي الى حضور اجتماع المجلس الأعلى للدفاع، لكنه اعتذر عن عدم الحضور ‏بسبب الحجر الصحي الذي دخله قبل يومين، الا انه ابلغ رئيس الجمهوية موافقته ‏على عقد الاجتماع في موعده وبغيابه، مفضلاً عدم تأجيله. علماً ان الرئيس عون ‏كان تشاور مع الرئيس دياب في المواضيع المدرجة على جدول اعمال الاجتماع". ‏وأشار الى ان "اجتماع المجلس الأعلى للدفاع عقد وفق الأصول القانونية ‏والتنظيمية التي ترعى عمله‎".‎

اما العنوان المعلن لاجتماع المجلس الأعلى للدفاع فكان درس "الأوضاع الأمنية ‏والمعيشية وأزمة الدواء والمحروقات، في ضوء التقارير الادارية والأمنية، ومنها ‏واقع مبنى الاهراءات في مرفأ بيروت، والمواد الكيميائية في منشآت النفط في ‏طرابلس والزهراني، والمنشآت المخصصة لتزويد الطائرات الوقود في مطار ‏رفيق الحريري الدولي". وأفاد البيان المقتضب عن الاجتماع ان "المجتمعين اتخذوا ‏سلسلة قرارات وتوصيات لمعالجة هذه المسائل، استناداً إلى القوانين المرعية ‏الاجراء، ومنها الطلب الى قادة الأجهزة العسكرية والأمنية تكثيف الاجتماعات ‏الدورية التنسيقية لمتابعة الأوضاع الأمنية ومعالجتها". وبدا واضحاً ان المعطيات ‏المقلقة حول تداعيات أزمتي المحروقات والكهرباء وما بدأتا بإثارته من ‏اضطرابات امنية واجتماعية أملت اجتماع المجلس الأعلى للدفاع واتخاذ إجراءات ‏استباقية تحسبا لكل الاحتمالات خصوصاً ان حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ‏ابلغ المجلس الأعلى بأنه لم يعد قادراً على فتح اعتمادات للمحروقات ودعم شرائها. ‏وعلم ان اجتماعا امنيا تقرر عقده الجمعة في وزارة الدفاع لقادة الأجهزة الأمنية ‏لمتابعة تنفيذ الإجراءات المقررة لمواجهة تداعيات ردود الفعل على فقدان ‏المحروقات وارتفاع أسعار المواد الحياتية الأساسية‎.‎

ولكن التطور الأبرز الذي سجل في هذا السياق تمثل في اعلان مصرف لبنان مساء ‏امس انه سيقوم اعتباراً من اليوم بتأمين الاعتمادات اللازمة المتعلقة بالمحروقات ‏معتمداً الالية السابقة نفسها ولكن باحتساب سعر الدولار على الليرة اللبنانية تبعاً ‏لاسعار السوق ويعود لوزارة الطاقة تحديد الأسعار الجديدة للمحروقات‎.‎

المقاطعة النيابية

اما على صعيد الجلسة النيابية التي دعا اليها رئيس مجلس النواب نبيه بري اليوم ‏للبت في موضوع الحصانات فبدا واضحاً ان مواقف الكتل النيابية الوازنة الرافضة ‏للجلسة قد تمكنت مسبقاً من اسقاط الجلسة بسلاح إفقاد النصاب. واتسع حجم ‏مقاطعة الكتل للجلسة فشملت كتلة "الجمهورية القوية" و"تكتل لبنان القوي" وكتلة ‏‏"اللقاء الديموقراطي" وكتلة "ضمانة الجبل" وافيد ان كتلة النواب الأرمن ستعلن ‏اليوم المقاطعة أيضا الى عدد من النواب المستقلّين‎.‎

وعقب اجتماع لكتلة "الجمهورية القوية" في معراب، اعلن رئيس حزب "القوات ‏اللبنانية" سمير جعجع مقاطعة الجلسة اليوم معتبرا ان "هناك محاولة لعرقلة ‏التحقيق". وقال "العريضة النيابية عرقلة مباشرة للتحقيق العدلي ولا يحق لبرّي ‏الدعوة إلى جلسة للبحث في عريضة نيابية بعد أن طلب المحقق العدلي رفع ‏الحصانات". وإذ قال "ما شفت أكثرية نيابية بتغشّ شعبها بهيدا الشكل"، اعلن ان ‏‏"تكتل الجمهورية القوية سيقاطع الجلسة وأدعو النواب الأحرار في الكتل كافة ‏للانضمام لنا ومقاطعة جلسة الغد وإذا عقدت الجلسة فستكون عاراً‎".‎

اما رئيس "لبنان القوي" النائب جبران باسيل فقال أن "جلسة مجلس النواب اليوم ‏غير شرعية لأنه لم يتم التقيد بالآلية القانونية المنصوص عنها في المادة 93 من ‏النظام الداخلي لمجلس النواب والمادة 20 و22 من قانون أصول المحاكمات أمام ‏المجلس الأعلى، ما ينزع عن الجلسة قانونيتها ويجعل من جميع إجراءاتها غير ‏قانونية‎.‎

وأعلنت كتلة "اللقاء الديمقراطي" اننا كنا ننتظر عقد جلسة نيابية عامة للنظر في ‏طلب المحقق العدلي حول رفع الحصانات، فاذ تأتي الجلسة المرتقبة وعلى جدول ‏أعمالها بند واحد هو النظر في طلب الاتهام الموقع من عدد من النواب بما يؤدي ‏الى قيام هيئة محاكمة الرؤساء والوزراء للنظر في هذه القضية بما يعيق مهمة ‏المحقق العدلي ويعيق الوصول الى الحقيقة‎".‎

وإزاء المواقف التي صدرت تجاه الجلسة رد الرئيس بري سائلا :" ماذا كنتم ‏تفعلون عندما انتخبتم، إضافة الى ثمانية قضاة برئاسة رئيس مجلس القضاء ‏الأعلى، سبعة نواب أعضاء أصيلين في هذا المجلس وبالتالي قيام المجلس الاعلى ‏لمحاكمة الرؤساء والوزراء، الا اذا كنتم على إستعداد لالغاء هذه المواد طالما لستم ‏بحاجة لها كما تفعلون. وانتم لا تدرون ماذا تفعلون‎".‎

اما الرئيس الحريري فدعا النواب الى "السير دون ابطاء او تأخير باقتراح وضع ‏جميع الرؤساء والوزراء والنواب والقضاة والمحامين والمديرين العامين والامنيين ‏دفعة واحدة وفوراً في تصرف المحقق العدلي والحقيقة في هذه القضية". وقال انه ‏‏"يضع الكتل النيابية المتلكئة امام مسؤولياتها: اما ان يعلق تطبيق مواد من القوانين ‏والدستور على الجميع في هذه القضية التي لا تحتمل اي تذاك او تلاعب او ‏تطييف، او ان يطبق القانون والدستور كاملا بحذافيره على الجميع".‏



النهار ‏

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

12 آب 2021 07:46