28 آب 2021 | 19:53

أخبار لبنان

هل بات فصل تشكيل الحكومة عن باقي الأزمات مستحيلا؟‎!‎

هل بات فصل تشكيل الحكومة عن باقي الأزمات مستحيلا؟‎!‎

جــورج شـاهـين




تعتقد مصادر سياسية وديبلوماسية على تماس مع مختلف الاتصالات المفتوحة ‏والجهود المبذولة من أجل تسهيل الولادة الحكومية ومواجهة سلسلة الأزمات ‏المتناسلة التي تتوسع من قطاع الى آخر حتى شملت مختلف وجوه حياة اللبنانيين ‏ان مشروع الفصل بين عملية التاليف ومجموعة الأزمات المستفحلة ليست سهلة ‏على الإطلاق. معبرة عن اعتقادها بأن مثل هذا الفصل أمر مرغوب ومطلوب ‏لتقديم ملف التاليف على باقي العناوين لانه يشكل في المطلق أولى خطوات خريطة ‏الطريق الى الخروج تدريجيا من مختلف المشاكل المطروحة واحدة بعد أخرى‎.‎

ومن هذه المنطلقات تعترف هذه المصادر عبر "المركزية" لتقول انه من الطبيعي ‏جدا ان تكون عملية تأليف الحكومة هي الاكثر الحاحا ليس لأن وجودها يمكن ان ‏يؤدي الى ما يطمح اليه اللبنانيون من انفراجات ينتظرونها بفارغ الصبر بل لأنها ‏الآلية التي تستخدم لولوج المعابر الاجبارية المؤدية الى وقف النزيف الداخلي ولجم ‏الانهيارات التي أصابت العديد من القطاعات الحيوية والشلل الذي تمدد في ‏الوزارات والمؤسسات الحكومية واكتمال عقد المؤسسات والسلطات الدستورية التي ‏تفتقر اليها اي دولة كاملة المواصفات. وإن من يمنن النفس بأن مجرد تشكيل ‏الحكومة يمكن ان يحقق الانفراجات المنتظرة دفعة واحدة فهو واهم ومخطئ و ‏سيكتشف خطأه في وقت قريب‎.‎

وتضيف هذه المصادر ان الربط الحاصل اليوم بين العقد الحكومية ومعظم المشاكل ‏التي فشل اهل الحكم في مواجهتها على مدى السنوات الماضية يعد خطأ كبيرا لا ‏يمكن الاستناد إليه على أنّه قاعدة ثابتة. فالسياسات الجامحة التي قادت الى ‏محاولات التفرد بالسلطة، والسعي الى قلب التوازنات الداخلية المشكوك بديموتها لا ‏يمكن الزج بها في عملية التاليف. وان حصل ذلك فهو خطأ استراتيجي كبير يقود ‏الى مزيد من التعثر ويرفع المتاريس المتقابلة بين الفئات اللبنانية ويزرع العقبات ‏والالغام امام الولادة المنتظرة . لا بل هو ما أدى إلى دفن الجهود التي بذلت في ‏الكثير من المحاولات في مهدها وطوى سلسلة من المبادرات الهادفة الى توفير ‏فريق عمل حكومي متجانس من أصحاب الكفاءة والاختصاصيين الذين يمكنهم ‏سلوك الطريق المؤدي الى فكفكة العقد والمشاكل القائمة واحدة بعد اخرى وفق ‏برنامج أولويات يتصل بمعالجة الأسباب لكل منها قبل مظاهر الازمة والنتائج ‏المترتبة عليها‎.‎

وتعترف هذه المصادر ، واستنادا الى وقائع المفاوضات الاخيرة ان المخاوف ‏تعززت حيال عدم وجود النية بتشكيل هذا الفريق الحكومي المتجانس المتحرر من ‏المناكفات الداخلية والانقسامات وهو ما سيؤدي الى المزيد من التأزم بعد مرور ‏عام و18 عشر يوما على استقالة "حكومة مواجهة التحديات" وفشل اكثر من ‏محاولة لعملية التاليف بعد التكليف الثالث في ظروف تنامت لاسباب قد تكون واحدة ‏رغم الفوارق في هوية المكلفين وأدوارهم ومواقعهم‎.‎

على هذه الخلفيات، وانطلاقا من الاعتراف الذي لا نقاش فيه بأن السلطة التنفيذية ‏باتت منوطة بالحكومة مجتمعة، فإن النظر الى عملية تشكيلها تخرج من نطاق ‏القضايا الآنية المطروحة الى ما عداه من قضايا وطنية كبرى. ومن المفترض الا ‏يؤدي الخلاف على هذه المعضلة او تلك الى فتح معركة حول هذه الحقيبة او تلك. ‏فمهمة الحكومة لا تهدف الى تسوية هذه المعضلة فحسب، ولا تتوقف مهمة الوزير ‏عندها فكيف بالنسبة الى حجم القضايا التي يعانيها لبنان والتي تستدعي وجود ‏حكومة قادرة وفاعلة لاستعادة علاقات لبنان الطبيعية بالدول العربية والغربية ‏واحياء المفاوضات الجارية مع صندوق النقد الدولي كمدخل الى احياء الثقة ‏المطلوبة خارجيا قبل ان تستعيد شيئا مما هو مفقود في الدخل بكامل أفراد المنظومة ‏السياسية والحكومية والادارية ولولا الثقة بالجيش والاجهزة العسكرية والامنية ‏الاخرى ثبت لدى اللبنانيين انهم يعيشون في دولة فاشلة ومارقة ومن الواجب ان ‏تدار من بعيد‎.‎

ولتعزيز هذه النظرية التي عكستها الآليات المعتمدة في عملية التاليف لا يرى ‏المراقبون املا في امكان تأليف حكومة تحاكي هواجسهم وحاجة البلاد الى مثل هذه ‏المؤسسة الدستورية التي عليها مواجهة الاستحقاقات الداخلية والخارجية بالقدر ‏الكافي من القدرات المفقودة ان بقيت المناكفات قائمة بالشكل الذي نشهده والسعي ‏الى وضع اليد على هذه الحقيبة او تلك، وهو ما ترجمته المزاجية التي تتلاعب بين ‏مرحلة وأخرى بالتشكيلات الحكومية التي طرحت ولم تصل بعد الى خواتيمها ‏السعيدة حتى اليوم باعتراف كثر بوجود بعض الفرص الجدية التي ضاعت مع ما ‏بني عليها من احلام‎.‎

وبناء على ما تقدم، لا بد من ان تتوفر الاجابة على مجموعة من الاسئلة التي لم ‏يجب عليها اي مسؤول حتى اليوم ومنها: هل هناك فعلا من يعتقد ان البلاد لا ‏تحتاج إلى حكومة وأن هناك آليات دستورية وإدارية كافية لمعالجة ما هو قائم من ‏ازمات؟ وهل صحيح ان هناك من يريد الاستئثار بالسلطة وتجاهل حاجة البلاد الى ‏مؤسسات بالمواصفات الدستورية؟ وهل صحيح ان هناك من يعتقد ان بقدرته ‏تطويع اللبنانيين بمختلف فئاتهم وخصوصا الرافضين لكل ما يجري من اجل تحقيق ‏مصالح ضيقة وآنية ايا كانت الكلفة المقدرة لتحقيقها على كل صعيد؟ ومن قال انها ‏مهمة مضمونة النتائج؟ وكيف السبيل الى تصويب البوصلة من جديد؟‎!‎

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

28 آب 2021 19:53