بدلاً من أن تتوقف الوكالة المذكورة أمام السبب قفزت من فوقه مباشرةً الى النتيجة. فهي اعترفت أن "الأزمة اشتدت بعد الانفجار الرهيب لمرفأ بيروت "، أي قبل عام ونيف . لكنها بدلاً من أن تعزو السبب الى عرقلة حليفها الرئيس ميشال عون تشكيل حكومة منذ ذلك التاريخ حتى اليوم، حمّلت المسؤولية لرياض سلامة ومصرف لبنان الذي يدفع ثمن الفراغ الحكومي. تكفي العودة الى التحسن الملحوظ في سعر الصرف مع الحديث عن اقتراب موعد ولادة حكومة الرئيس سعد الحريري ومن ثم حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، للتأكيد على ذلك.
من نافل القول أن انهيار العملة الوطنية بدأ مع الغزوات المتلاحقة التي شنّها حليف طهران الثاتي، أي "حزب الله"، ضد المصارف التي اضطرت الى اقفال أبوابها لأسابيع، ما أقلق المودعين ودفعهم الى الاكتظاظ أمام المصارف لسحب ودائعهم.
هذان السببان ، ومعهما عشرات الأسباب، كانا كفيلين بضرب العملة الوطنية وبنسف ما تبقى من مداميك الجمهورية، التي تنتظر منذ عام ونيف ولادة حكومة تضع الحجر الأساس لخروج البلاد والعباد من نفق الانهيار.
وفوق كل ذلك لم تكتفِ إيران بإيصال اللبنانيين الى الهاوية التي وقعوا فيها، إنما وضعت نفسها في موقع الحسيب والرقيب، تسائل وتحاكم وتحاسب من تشاء ، كما لو أنها سلطة تشريعية رقابية لبنانية بصلاحيات غير محدودة.
أما الأفظع من كل ذلك أن انهيار العملة الايرانية يفوق بأضعاف المستوى الذي بلغه تدهور العملة اللبنانية، كما بلغ الاقتصاد الايراني حدودًا غير مسبوقة من التراجع والتأزم ، وسط أزمات معيشية واجتماعية معروفة للقاصي والداني.
أفلم يكن من الأجدى بوكالة "مهر" أن توجه النصائح الى السلطات الايرانية لمعالجة ازمات الداخل ، بدلاً من ارسال الصواريخ والسلاح والمازوت الى لبنان؟
أليست إيران "أولى بالمعروف "بتشخيص أسباب أزماتها والمتسببين بها، سواء كانوا سياسيين أم مصرفيين أم غيرهم، بدلاً من التدخل في شؤون دول أخرى وتحميل مسؤولية أزماتها للعنوان الخطأ وللمرجع الخطأ؟
حبّذا لو تهتم ايران بشؤون شعبها وشجونه وتسعى الى معالجة أزماته ونسبة التضخم وسعر صرف العملة الى ما هنالك من مشكلات مستعصية، بدلاً من اعطاء اللبنانيين دروسًا حول أزماتهم، وتطلق الأحكام المسيّسة جزافًا ضد هذا المسؤول أو ذاك، فنكون لها من الشاكرين.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.