كتب جان الفغالي:
كم كان المشترع اللبناني “رؤيوياً” حين ضمَّن قانون الإنتخابات المعمول به بنداً عن “اقتراع المغتربين”! ربما بحدْسِه كان مُدرِكًا أنّ الناخبين في انتخابات 2022، إذا جرت، سيكونون في بلاد الإغتراب أو الهجرة أو النزوح أو اللجوء .
نعم، اللبنانيون الناخبون في الخارج صاروا أربع فئات:
المغتربون، وهُم المقيمون في الخارج وما زالوا محتفظين بجنسيتهم اللبنانية.
المهاجرون الذين سافروا قسراً.
النازحون واللاجئون الذين غادروا منذ بدء الإنهيار الراهن، وحالهم، لجهة الذل والمهانة، كحالِ النازحين السوريين منذ بدء الحرب السورية منذ عشرة أعوام، وكالنازحين الأفغان الذين كل همِّهم أن يخرجوا من جهنَّم، ويبدو أنّ جهنَّم لم تعد “معطًى إيمانيًا” بل أصبحت واقعاً على الأرض، ومثالٌ على ذلك لبنان وأفغانستان، واللائحة تطول .
هل يعرف المشترِع اللبناني، بحدْسِه الثاقب أنّ الناخبين النازحين واللاجئين اللبنانيين في الخارج، قد يصبح عددهم، وحتى استحقاق أيار 2022، إذا حصل، ما يوازي المقيمين أو مَن سيبقى منهم؟
هذا يعني قلب المعادلة، فبدل من أن يقترع المغتربون لستة نواب، يٌفترض أن يقترع المقيمون لستة نواب فيما يقترع المغتربون للعدد الباقي .
هذا ليس اقتراحاً سوريالياً ، بل هو اقتراح عملي إذا ما أصبح ناخبو الخارج أكثر من ناخبي الداخل.
هذه المرّة ستكون الإنتخابات فريدة من نوعها: الرشوة لن تكون شغَّالة، الناخب لن يكون تحت رحمة “الحصّة الغذائية” أو “كارت التشريج” أو المئة دولار للصوت أو الوعد بوظيفة. هذا الناخب الذي سيكون لاجئاً أو نازحاً في أي بلدٍ استطاع الوصول إليه، سيدرِك أنّه كان ضحية “نائب الحصة الغذائية” أو “نائب كارت التشريج” أو “نائب المئة دولار” أو “نائب الوعد بالوظيفة”.
الناخب النازح واللاجئ ستكون مقاربته للإنتخابات مختلفة هذه المرّة :
لن يقرأ برامج انتخابية معلَّبة وخشبية وينتهي مفعولها قبل فتح صناديق الإقتراع.
لن يضع لائحة بأسماء لا يعرفون ما معنى التشريع ومراقبة عمل السلطة التنفيذية.
لن يضع لائحة بأسماء مرشحي أو نواب الخدمات وإطلاق موقوفين وتغطية مخالفات ونواب الأفراح والأتراح، أمّا إذا انتخب هذا “الصنف” من المرشحين – وما أكثرهم – فإنه يكون بذلك قد مدَّد أمَد معاناته في الخارج فيما “المرشّح الفائز” سيجلس سعيداً على مقعده النيابي الوثير.
ميديا فاكتوري نيوز
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.