كما في زمني " التحرير" و"الإلغاء"كذلك في زمن "الإنهيار" ، رفع ميشال عون شارة "النصر"فوق أطلال الجمهورية.
قد يكون ذلك غريباً بالنسبة إلى اللبنانيين لكنه طبيعيّ جداً بالنسبة إلى صاحب النصر المزعوم، الذي يفاخر بضمّه إلى لائحة إنتصاراته الوهمية.
هو رفع شارة النصر الأولى عندما انتهت حرب"التحرير"،التي أطلقها العام 1988،إلى دخول القوات السورية إلى ما تبقى من "المناطق المحرّرة"(المسيحية) . كما رفع الشارة الثانية عندما تُوّجت"حرب الإلغاء" التي خاضها ضدّ "القوات اللبنانية"ب"إلغاء"نفسه من المعادلة السياسية لمدة 15عاماً. واليوم لا يتورّع هو وتياره السياسي عن التباهي بنصرٍ وهميّ جديد فوق ركام الجمهورية وأوجاع اللبنانيين غير المسبوقة.
أما المثير للسخرية في"الإنتصار"الأخير، فهو الإيحاء بأن المنتصر هو ميشال عون وأن الخاسر هو سعد الحريري. ببساطة شديدة يريد عون ومعه جبران باسيل خلق إنطباع لدى الجمهور بأن رئيس الجمهورية"انتصر"على الرئيس سعد الحريري.
بدأ تسويق هذا الإنطباع مع اعتذار الحريري عن عدم تشكيل الحكومة. ثمّ جرى الإمعان في ترسيخ هذا الإنطباع مع تكليف الرئيس نجيب ميقاتي تشكيل الحكومة، قبل أن يُتوّج "النصر المُبين"مع ولادة هذه الحكومة، التي أعقبها كمٌّ هائل من الشائعات بلغت حدود"نعي"الحريري سياسياً :"الحريري يهاجر سياسياً".."إقفال بيت الحريري السياسي".."الحريري إنتهى سياسياً وشعبياً "..
هذا التسويق"الدونكيشوتي"تجاهل عن قصد جملة بديهيات معروفة للقاصي والداني: أولها أن الحريري اعتذر بملء إرادته، وثانيها أنّه هو من رشّح الرئيس ميقاتي لتشكيل الحكومة، وثالثها أنه أعلن مراراً وتكراراً دعمه لحكومة ميقاتي وقراره بمنحها الثقة كما سيفعل يوم الاثنين المقبل.
لكن المشكلة أن "دون كيشوت" القصر لم يتعلّم لا من تجارب الآخرين ولا من تجاربه هو نفسه أن لا جدوى من ثقافة " الإلغاء" ،الأحبّ الى قلبه ، في هذا الكيان ، وأن النظام السوري الذي حاول إلغاءه من المعادلة السياسية صباح ١٣ تشرين الأول ١٩٩٠ سَحب جيشه من لبنان وعاد إليه ميشال عون العام ٢٠٠٥ . كما أن محاولة الأخير " إلغاء" " القوات" في ١٩٩٠ باءت هي الأخرى بالفشل .
لإنعاش ذاكرة القصر ومن فيه ومن يدور من حوله أن أنظمة ومحاور وميليشيات عابرة للإقليم وأفراداً تناوبوا على السعي ل" إلغاء" سعد الحريري ولم يفلحوا .
أما " دون كيشوت " القصر فلا يقوى إلا على إلغاء نفسه .. وقد فَعَل .
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.