جورج بكاسيني

24 تشرين الأول 2021 | 08:59

أخبار لبنان

فائض القوة وفائض الوهم .. في الطيونة



————-جورج بكاسيني

في حيّ صغير من أحياء الطيونة اجتمع فائضان ، واحدُ من القوة وآخر من الوهم ، فاكتمل نصاب الإنهيار . خرجت الشعارات النائمة من أوكارها : " شارع مقابل شارع" و"سلاح مقابل سلاح" . ضاقت المحلّة بأوهام الرؤوس الحامية . بعضهم ظنّ أن طريق إسقاط طارق البيطار يمرّ من هناك ، وبعضهم الثاني أن فوزه في الانتخابات العتيدة ( النيابية واستطراداً الرئاسية ) يمرّ من الحيّ نفسه ، فاكتملت عدّة الإنتحار .

لم يكن ينقص اللبنانيين سوى غزوة ١٤ تشرين لتنبش من ذاكرتهم صور الحرب الأهلية وأدبياتها وأساطيرها الحبلى بالإنتصارات الوهمية . لم يكن ينقصهم بعد الإنهيار غير المسبوق وانفجار المرفأ وطوابير الذلّ على أنواعها سوى فتيل الطيونة .

رغم خسارته جمهوراً واسعاً من اللبنانيين والعرب والمسلمين عقب غزوةً ٧ أيار ، لم يتردّد " حزب الله" في تكرار الموقعة نفسها في ١٤ تشرين . ورغم خطابه الهادئ بعد غزوة الطيونة لم يتردّد السيد حسن نصرالله في استثارة مشاعر المسيحيين واللبنانيين عموماً مع إعلانه امتلاك تنظيمه العسكري مئة ألف مقاتل . ربما فات الحزب أن استخدام القوة ضد العدو يُصنّف في خانة الحلال ، أما اللجوء إليها مع الشركاء فهو حرام .

ورغم سعيه الدؤوب لنزع ثياب الحرب عنه خلال خمسة عشر عاماً ، لم يتردّد حزب " القوات اللبنانية" في العودة الى صورته السابقة خلال ساعات . عمّت الأناشيد العسكرية مواقع التواصل ، ومعها أدبيات الحرب والسلاح حتى بات اقتناء الأخير " مطلباً شعبياً". بروباغندا قديمة

- جديدة استعادت أدبيات " الكرامة الطائفية" . كما لم يتردّد الدكتور سمير جعجع في الإيحاء إما مباشرة أو عبر بعض المقالات أنه انتهى للتوّ من توجيه ضربة قاضية للشيعة وأنه يستعدّ الآن لأن يُتوّج " الزعيم الأول للسنّة" . ولئلا يلتبس الأمر على بعضهم سارع هو شخصياً لنعي تيار " المستقبل"وتصنيفه" خارج اللعبة"، مؤكِداً المؤكد أنه يقوم بما سمّاه "جهداً في طرابلس وعكار" ، لتثمر "جهوده" هذه استضافة اللواء المتقاعد أشرف ريفي مبايعاً .

مع انطلاق أعمال " القمة" بين جعجع وريفي في معراب ، بعد ساعات من غزوة الطيونة ، ظنّ اللبنانيون أن الساعة الصفر لاجتياح طهران قد حُدّدت ، خصوصاً أن للواء المتقاعد خبرات قتالية عابرة للقارات ، ما زالت راسخة في ذاكرة أهل بيروت منذ غزوة ٧ أيار ، عندما طلب حماية الجيش له ولمقرّ مديرية قوى الأمن الداخلي . لكن جعجع وريفي اللذين أطلقا إشارة الى اليمين ، فاجآ العدو متوجّهَين نحو اليسار ، فشَرعا بتركيب اللوائح الإنتخابية في " طرابلس وعكار".

خطة مُحكَمة و"ملعوبة" أعدّها الرجلان ، ظاهرها مواجهة " حزب الله" وإيران وباطنها مواجهة سعد الحريري ، مستعينةً أيضاً بالخبرات الإنتخابية للواء المتقاعد الذي لم يستطِع هو وأعضاء لائحته كلهم جمع حاصل انتخابي واحد في الإنتخابات النيابية الأخيرة .

نجح السيّد في تقديم " هدية" انتخابية مجانية لعدوّه المستجدّ جعجع . ونجح الحكيم في تذكير عدوّه التاريخي " التيار الوطني الحرّ" بماضيه العسكري الذي كان سبباً رئيسياً لتقدّم الأخير عليه . ونجح اللواء في العودة الى الشاشة ولو لبضعة شهور حتى إنجاز الإستحقاق الانتخابي . وخسر اللبنانيون ما تبقى من استقرار بانتظار ما ستؤول إليه التسويات القادمة الى المنطقة ، التي ستثبت مرة جديدة أن بعضهم توجّه الى الحجّ " والناس راجعة "..

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

جورج بكاسيني

24 تشرين الأول 2021 08:59