27 تشرين الأول 2021 | 08:42

أخبار لبنان

‎"‎تسوية" الراعي بري تسابق التأزّم الكبير

‎

كتبت صحيفة " النهار " تقول : ‏‎إذا صح الكلام عن حلحلة إيجابية في ملف ما، وسط تفاقم التأزم ‏الداخلي منذراً بتصعيد ‏خطير على وقع تطورات استدعاء رئيس حزب القوات اللبنانية سمير ‏جعجع للاستماع إلى ‏افادته صباح اليوم في فرع التحقيق في مديرية مخابرات الجيش حول ‏احداث الطيونة وعين ‏الرمانة وقضية المحقق العدلي في ملف انفجار مرفأ بيروت القاضي ‏طارق البيطار، فإن ‏الحلحلة الوحيدة سجّلت في تعليق "يوم الغضب" النقابي الذي كان قطاع النقل ‏والاتحاد ‏العمالي العام يزمعان تنفيذه اليوم إلى اشعار اخر. أما ملف المواجهات السياسية -‏‏ ‏القضائية فظل متوهجاً ومنذراً بتفاقم التوترات لا سيما في موضوع استدعاء جعجع ‏بحيث ‏سجلت الساعات الأربع والعشرون الأخيرة تصاعد الاستنفارات القانونية الاعتراضية ‏والتعبئة ‏الحزبية والسياسية إلى ذروتها قبيل الموعد الذي حدد لحضور جعجع إلى اليرزة، فيما ‏بات ‏من المؤكد انه من غير الوارد ان يحضر جعجع لموانع دفع بها وكلاؤه قانونيا إلى ‏المرجع ‏القضائي المختص. ولكن العامل اللافت والطارئ الذي اخترق مشهد التأزيم تمثل ‏في ‏التحرك العاجل الذي قام به البطريرك الماروني الكاردينال بشارة بطرس الراعي بجولة ‏على ‏الرؤساء الثلاثة بما عكس في ذاته الطابع الاستثنائي لخطورة دوافع هذا التحرك. ومع ‏ان ‏البطريرك تعمد اظهار تفاؤل واسع بالتوصل إلى حل "سياسي دستوري" يخرج الوضع ‏من ‏إختناقاته، لم يتضح تحديداً ما الذي ركز عليه أكثر سواء في موضوع جعجع الذي بدا ‏محورياً ‏في مبادرة الراعي إلى التحرك نحو الرؤساء او في موضوع التحقيق العدلي ‏ومعاودة ‏جلسات مجلس الوزراء، علما ان موضوع جعجع بدا الملف الاشد سخونة في التحرّك‎.‎‎

ذلك ان استدعاء جعجع للاستماع إليه أمام مخابرات الجيش اليوم، تقدم إلى واجهة ‏الحدث ‏الداخلي. وإذ بات بحكم المؤكد ألا يلبيّ جعجع الدعوة لاسباب سياسية وقانونية ‏تشوبها، ‏تقدم وكلاؤه بواسطة المحامية إيليان فخري بمذكرة إلى مفوض الحكومة لدى ‏المحكمة ‏العسكرية فادي عقيقي يظهرون فيها "بالحيثيات القانونية والوقائع الميدانية ‏والمخالفات ‏القانونية الجسيمة أن تبليغ الدكتور جعجع غير قانوني". كما تقدم وكلاء عدد من ‏الموقوفين ‏بطلب تنحي عقيقي والذي رفض تسجيل طلب التنحي الأمر الذي يعد مخالفا ‏للأصول ‏القانونية مما دفع بوكلاء هؤلاء الموقوفين بطلب رد القاضي أمام محكمة استئناف ‏بيروت ‏التي ستنظر بالطلب خلال الأيام المقبلة‎.‎

وبرزت استعدادات لتحركات احتجاجية عبر دعوات إلى تظاهرة سيارة من بكركي إلى ‏معراب ‏اليوم "ضد استدعاء الضحية لا المعتدي وتضامنا مع رئيس القوات". وأفادت ‏معلومات بأن ‏الطرق من كازينو لبنان وحريصا وبكركي وصولاً إلى معراب قد تقفل صباح ‏اليوم من قبل ‏محتجين على استدعاء جعجع. كما دعت القوات اللبنانية في بشري إلى ‏الاقفال العام اليوم تضامنا ‏مع ابن المدينة رئيس حزب القوات سمير جعجع تحت شعار ‏‏"رفضا للظلم‎".‎

تسوية الراعي - بري؟‎

في غضون ذلك، حمل البطريرك الراعي قضية استدعاء جعجع وجال بها على عين ‏التينة ‏فالسرايا فبعبدا، رافضا الاستنسابية وسياسة الكيل بمكيالين في حوادث الطيونة. ‏واتخذت ‏زيارة الراعي لرئيس مجلس النواب نبيه بري دلالة خاصة اذ أقام الرئيس بري مأدبة ‏غداء ‏على شرفه واتسم اللقاء بدفء وتوافق تام في الآراء حول سبل الخروج من المآزق ‏القائمة ‏بالانطلاق من مخرج عبر مجلس النواب لقضية التحقيق العدلي في انفجار مرفأ ‏بيروت. ‏ويبدو ان الراعي ابلغ إلى بري موافقته على ان يعمد مجلس النواب إلى الادعاء ‏على ‏النواب والوزراء السابقين المدعى عليهم من المحقق العدلي بإحالتهم على المجلس ‏الأعلى ‏لمحاكمة الرؤساء والوزراء فيما يبقى المحقق العدلي في مهمته لملاحقة الاخرين، ‏وهذا ‏أساساً موقف بري. وذكر انه وعد الراعي بإمكان طرحه في جلسة الخميس للمجلس. ‏وهذا ‏الحل يضع البيطار امام احتمال رفضه، والتمسك بصلاحياته، واعتبار ملاحقة النواب ‏من ‏صلاحياته حصراً. كما اثار الراعي مع بري تسييس القضاء في إشارته إلى طلب ‏استدعاء ‏جعجع. وأوضح الراعي ان "لدى الرئيس بري اقتراحات وحلول مهمة وسأعمل مع ‏المراجع ‏عليها لأن الوضع لا يمكنه الاستمرار على النحو نفسه فيما لبنان وشعبه ‏يموتان ‏والمؤسسات تتحلل". وأضاف: "نريد أن يكون القضاء حراً ومستقلاً لا قضاءً مسيّراً ‏تحت ‏الضغط الحزبي والطائفي". واكد انه "يستهجن استدعاء جعجع لان هناك أشخاصا ‏تابعين ‏لحزب هو مسؤول عنه‎".‎

وأشار الراعي من بعبدا إلى "سعادته وفرحه داخليا بوجود حلول، واعتقد انها ستنفذ، ‏وعندها ‏بإمكاننا ان نخرج رويدا رويدا من المأساة التي نعيشها اكانت تعطيل الحكومة، او ‏نتائج الاحداث ‏الأخيرة المؤلمة او غيرها من المشاكل التي يعيشها الناس على كل ‏المستويات". وأضاف: "ان ‏زيارتي ليست قضائية بل هي زيارة إلى المعنيين مباشرة ‏بالعمل السياسي، لأؤكد ان السياسة ‏يجب ان تسبق الاحداث لا ان تلحق بها. العمل السياسي ‏هو عبر استباق الاحداث وإيجاد طريقة ‏لمعالجتها قبل ان تتفاقم". وقال انه تكلم مع رئيس ‏الجمهورية عن الحل الذي تم الاتفاق عليه مع ‏الرئيسين بري وميقاتي، "وانا مقتنع به، ‏انطلاقا من الدستور، والرئيس عون رحب بهذا الحل ‏كونه دستوريا. ولست الآن مخولاً ‏لأكشف عنه، وعلينا ان ننتظر المسؤولين لتنفيذه. ويجب ان ‏يحصل ذلك في أسرع وقت ‏ممكن، وآمل ان يكون ذلك غدا‎".‎

‎‎وسئل عن تحرك مناصري "القوات اللبنانية" اليوم في معراب، وهل من محاولة لاحتواء ‏هذا ‏الموضوع؟ فأجاب: "يجب ان يحصل ذلك. انا كنت غائبا عن بكركي منذ الصباح، وحين ‏اعود ‏سأجري الاتصالات اللازمة‎".‎

‎‎‎‎مواقف من الاستدعاء‎

وسجلت امس مواقف سياسية من استدعاء جعجع، كان ابرزها للرئيس سعد الحريري الذي ‏عبر ‏حسابه على "تويتر" قائلا "الاعلان عن تبليغ الدكتور سمير جعجع لصقاً للمثول امام ‏مديرية ‏المخابرات، يقع ايضاً في خانة العبثية ويستدعي البلاد إلى مزيد من الانقسام ‏وتوظيف ادارات ‏الدولة في خدمة سياسات الانتقام، والمطلوب تبليغ كافة المعنيين، ‏شفاهة او لصقاً، بوجوب ‏المثول أمام مقتضيات المصلحة الوطنية وعدم التفريط بما تبقى ‏من مقومات السلم الاهلي"‏‎.‎

‎من جانبه، كتب رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط عبر "تويتر": "من اجل ‏تحقيق ‏شفاف وعادل ومن اجل عدالة شاملة بعيدا عن الانتقائية ومن اجل اعطاء بعض من ‏الامل ‏للمواطن الذي لا دخل له في صراع المحاور المحلية من الافضل توقيف جميع مطلقي ‏النار ‏في حادثة الطيوًنة دون تمييز ووقف هذا السجال السياسي العقيم والمدمر‎".‎‎

أما رئيس حزب الكتائب سامي الجميل فقال"موقف حزب الكتائب لجهة وجوب ‏تحصين ‏استقلالية القضاء وعدم الانصياع للابتزاز الأمني والسياسي الذي يتعرض له لبنان ‏موقف ‏ثابت وواضح ومستمر. أمّا فيما خص المحكمة العسكرية فقد طالب حزب الكتائب ‏مراراً ‏وتكراراً بحلّ هذه المحكمة الاستثنائية، وتقدم باقتراح لتعديل قانون القضاء العسكري ‏وحصر ‏صلاحياته بالعسكريين، بسبب الانتقائية التي يتعامل بها القضاء العسكري مع ‏المدنيين ‏وعدم احترامه لشروط الملاحقة والمحاكمة العادلة وقيامه باستدعاءات وتوقيفات ‏موجّهة‎."‎

اللجان ترد‎

على صعيد أخر توهجت المنازلة الجارية بين رئيس الجمهورية ميشال عون وتياره ‏‏"الوطني ‏الحر" من جهة ومعظم الكتل النيابية من جهة حول تعديلات قانون الانتخاب. فقد ‏صوتت ‏اللجان المشتركة، على رد ردّ رئيس الجمهورية لقانون الانتخاب وتعديلاته، فأبقت، ‏على ‏موعد اجراء الانتخابات مع شطب عبارة "27 اذار" وترك تحديد التوقيت للهيئة العامة ‏او ‏لمرسوم يصدر في مجلس الوزراء. كما صوتت اللجان على إبقاء القانون كما أُقر في ‏الهيئة ‏العامة لناحية تصويت المغتربين لـ128 نائباً. واذ ألغت اللجان عبارة "المزمع إجراؤها ‏بتاريخ ‏‏27 اذار " الواردة في الفقرة الثالثة من المادة 35 الجديدة" وذلك لمخالفتها القانون ‏لان ‏تاريخ اجراء الانتخابات يعود إلى السلطة التنفيذية ويصدر في مرسوم لوزارة ‏الداخلية، ‏اعتبرت مصادر متابعة ان اسقاط التاريخ يمكن ان يشكل مقدمة لتسوية تقضي ‏بتأجيل ‏الانتخابات إلى 15 ايار في مقابل عدم اجراء اي تعديل في انتخاب المغتربين. وفي ‏سياق ‏الجلسة اعتبر نواب كتلة التنمية والتحرير عدم عرض قانون الإنتخاب على مجلس ‏الوزراء ‏قبل رده إلى المجلس النيابي مخالفة دستورية من رئيس الجمهورية كما أيدهم في ‏ذلك ‏نواب "المستقبل". وشهدت الجلسة مواجهة حادة على الأثر اذ تولى النائب ابرهيم كنعان ‏الرد ‏على مطالعات عدد من النواب واتهامهم رئيس الجمهورية بمخالفة الدستور. وسأل ‏كنعان "كيف ‏يخالف الدستور الرئيس المتمسك باجراء الانتخابات في مواعيدها القانونية ‏وبالحفاظ على الحقوق ‏الدستورية للناخبين، انطلاقاً من المهل الواردة في القانون المقر ‏في العام 2017، والتي لا يجوز ‏تعديلها في اللحظة الأخيرة، لما يشكّل ذلك من ضرب ‏لاستقرار التشريع ويحرم اللبنانيين من ‏حقوقهم". وعلم أن سجالاً حصل بين كنعان والنائب ‏علي حسن خليل في هذا المجال‎.‎




النهار ‏

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

27 تشرين الأول 2021 08:42