23 تشرين الثاني 2021 | 17:27

منوعات

كيف كان مناخ الشرق الأوسط خلال "العصر الجليدي"؟

بعد قرابة عقدين من العمل البحثي، نشرت مجلة " كواتيرناري ساينس ريفيو" نتائج دراسة ‏زراعية مناخية تاريخية، كشفت عن نتائج مذهلة حول المناخ والطقس والبيئة الزراعية في ‏منطقة الشرق الأوسط طوال 20 ألف عام مضت.‏

وأظهرت الدراسة الانتقال من البرودة الجافة للغاية، إلى الأمطار الغزيرة الرطبة، وصولا ‏للاعتدال الحراري، بعد نهاية العصر الجليدي وقتئذ.‏

وأثبتت كيف أن هذا التحول المناخي كان حدثا أساسيا خلال تلك السنوات، وسمح للبشر الساكنين ‏في هذه المنطقة من التحول من نمط الصيد والالتقاط إلى نموذج الفلاحة والاستقرار الزراعية، ‏وتاليا تأسيس البنية التحتية لتشكل الحضارات الأولى في منطقة الشرق الأوسط.‏

وانطلقت الأبحاث العلمية التفصيلية من موقع أثري في منطقة وادي الحولة، في الضفة الغربية ‏لنهر الأردن، حيث وجد علماء الآثار عام 1999 موقعا لأقدم مصنع زراعي في التاريخ، حيث ‏وجدوا تراكما لأكثر من 60 نوعا من الرسوبيات الزراعية، التي تعود كُل واحدة منها إلى فترات ‏زمنية متراكمة، تعود لأكثر من 12 ألف عام.‏

وباستخدام الكربون المُشع، وبعد أخذ مئات العينات من تلك الرسوبيات النباتية، تمكن العلماء من ‏تشكيل نموذج وتصور لكيفية تطور المناخ في هذه المنطقة، التي تقع وسط بلدان الشرق الأوسط، ‏وتشكل أداة لمعرفة الكثير من المعطيات عن التحولات المناخية التي جرت في هذه المنطقة.‏

وحسب معطيات الدراسة، التي شارك فيها عُلماء آثار من معهد ‏TAU‏ ومعهد "تل هاي" العلمي ‏الإسرائيلي وجامعة مونبلييه الفرنسية، فأن فصل الشتاء في هذه المنطقة قبل 20 ألف عام كان ‏أبرد مما هو عليه بحوالي خمسة درجات مئوية، بينما كان فصل الصيف أبرد بعشرة درجات، ‏لكن مستويات هطول الأمطار مماثلة لما هي عليه اليوم.‏

في ذلك الوقت، حيث كان العالم يشهد مرحلة "ذروة العصر الجليدي الأخير"، لم تكن منطقة ‏الشرق الأوسط مغطاة بالجليد طوال شهور العام، كما كان الحال في القارة الأوربية وأميركا ‏الشمالية.‏

وقبل 12 ألف عام، انخفضت درجات الحرارة في أغلب أقاليم المنطقة، بحيث صار الجليد ‏يُغطي أغلبها طوال شهور العام، في مطابقة لباقي مناطق العالم، مع تقلبات مناخية وهطول ‏كثيف للأمطار على مدار العام.‏

تلك المرحلة التي تُغرف بـ"يونغ درياس"، لم تتطور فيها البُنية الزراعية بسبب البرودة الشديدة.‏

واستمر ذلك المناخ البارد وكثير الأمطار حتى قبل 5 آلاف عام، حيث ارتفعت درجات الحرارة ‏وقتئذ، وصارت تنتشر أشجار الفستق والبلوط والزيتون في أغلب مناطق الشرق الأوسط، ‏خصوصا في الأشرطة الساحلية، حسب الدراسة.‏

وأثر ذلك التنوع المناخي بعمق على نمط الحياة الاجتماعية والاقتصادية لسكان المنطقة، حسبما ‏يقول البروفيسور جونين شارون، في مقابلة مع صحيفة جورناليزم بوست، وهو أحد الباحثين ‏المُشرفين على هذه الدراسة الموسعة "في دراسة عصور ما قبل التاريخ، تسمى هذه الفترة بفترة ‏العصر الحجري الحديث. ففي بداية تلك التحولات المناخية، تم تنظيم الناس في مجموعات ‏صغيرة من الصيادين وجامعي الثمار الذين كانوا يجوبون المنطقة، صرنا نشهد تغييراً كبيراً في ‏نمط الحياة: ظهور الحياة المستقرة في القرى، وعمليات دراماتيكية إضافية وصلت إلى ذروتها ‏من خلال الانتقال إلى طريقة الحياة الزراعية التي شكلت العالم كما نعرفه اليوم".‏

وتعليقا على هذه الرؤية المناخية للتحولات الإنسانية التاريخية، يقول الباحث فاروق بلاس في ‏حديث مع سكاي نيوز عربية: "كانت دوافع انتقال البشر بكثافة من البيئة الأفريقية إلى منطقة ‏الشرق الأوسط واحدة من الألغاز التاريخية المُحيرة. لكن استخدام التقنيات التكنولوجية الحديثة، ‏بالذات في مجال تقفي التحولات المناخية، سمحت بوضع الكثير من الحقائق المناخية التاريخية ‏كأدوات لفهم التحولات التاريخية. إذ لم يكن تحول الشرق الأوسط إلى منبت للحضارات الأولى ‏متأتياً من الفراغ، بل نتيجة للعديد من العوامل، يأتي المناخ على رأسها".‏



سكاي نيوز عربية ‏

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

23 تشرين الثاني 2021 17:27