يبدو انّ هناك توجّهاً لتأكيد موقف خليجي جامع مما هو مطلوب من لبنان، مبنّي على الموقف السعودي ـ الفرنسي الذي اُعلن في ختام محادثات الرئيس ايمانويل ماكرون مع ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان في الرياض، والذي يشدّد على «أهمية إجراء إصلاحات شاملة تضمن تجاوز لبنان لأزماته، وأن لا يكون لبنان منطلقاً لأي أعمال إرهابية أو إجرامية تزعزع أمن المنطقة واستقرارها»، وقد اعلنت السعودية وسلطنة عمان هذا الموقف نفسه، في ختام محادثات ولي العهد السعودي مع سلطان عمان هيثم بن طارق، ويُتوقع ان يصدر اليوم في ختام محادثات بن سلمان في دولة الامارات العربية المتحدة، ثم في ختام محادثاته لاحقاً في البحرين وقطر والكويت التي يجول عليها تباعاً.
وعلمت «الجمهورية» انّ ما يُتخذ من خطوات وترتيبات لبنانية وسعودية لتطبيع العلاقات بين البلدين تأسيساً على نتائج زيارة ماكرون للرياض والتواصل السعودي ـ الفرنسي الذي تمّ خلالها مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، لن تبدأ ترجمتها عملياً إلاّ بعد إنهاء ولي العهد السعودي جولته الخليجية، ومن ثم انعقاد قمة دول مجلس التعاون الخليجي.
وفي هذه الأثناء، توقفت المراجع السياسية والديبلوماسية أمس عند مضمون البيان العُماني ـ السعودي المشترك الذي صدر في ختام زيارة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز الى العاصمة العمانية مسقط، وقبيل وصوله الى دولة الامارات العربية المتحدة. وشدّد فيه الجانبان حول الشأن اللبناني، على «أهمية إجراء إصلاحات شاملة تضمن تجاوز لبنان لأزماته، وأن لا يكون لبنان منطلقاً لأي أعمال ارهابية أو اجرامية تزعزع أمن المنطقة واستقرارها».
وفي غضون ذلك، يواصل رئيس الحكومة نجيب ميقاتي اتصالاته في غير اتجاه تحضيراً لتطبيع العلاقات مع السعودية من جهة وسعياً لإعادة مجلس الوزراء الى جلساته، عبر تذليل العِقد السياسية والقضائية التي كانت عطّلت هذه الجلسات. وهو بعد الجلسة التشريعية التي انشغل بها امس، سيتابع اليوم لقاءاته واتصالاته، في ظلّ كلام عن وجود مجموعة افكار ـ مخارج لأزمة التحقيق في قضية انفجار مرفأ بيروت، والتي يفترض بمجلس القضاء الاعلى ان يبادر الى معالجتها بمعزل عن اي تسييس او تدخّلات سياسية او نزاع حول السلطات وصلاحياتها والفصل في ما بينها.
ويبدو ميقاتي، على كلامه، بتنفيذ مندرجات البيان السعودي - الفرنسي المشترك، حول المطلوبات الإصلاحية من لبنان، وانه اذا استحال عليه عقد جلسة لمجلس الوزراء، بسبب مقاطعة ثنائي حزب الله - أمل، فإنه حاضر كرئيس للحكومة لتنفيذ ما بوسعه تنفيذه من الإصلاحات التي تعهد بها للرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون ولصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي، خلال المخابرة الهاتفية الثنائية التي أجرياها معه، دون انتظار أو تريث، بحسب "الأنباء"الكويتية.
ومن هنا كان جمعه قادة الأجهزة الأمنية والدفاع والجمارك والزراعة والصناعة واتحاد مجالس رجال الأعمال اللبنانـيـــة - الخليجيـــة، وتمخض عن هذا الاجتماع، اجتماع آخر أكثر تخصصية بالشأن المطروح، لمجلس الأمن الداخلي المركزي ترأسه وزير الداخلية بسام المولوي، وركز المجتمعون على نقطتين: ضبط الحدود اللبنانية ومكافحة تهريب المخدرات، التي تحولت عبر بعض المنظمات المحمية الى جزء من المواجهة مع الدول الشقيقة.
لكن النصيحة السعودية - الفرنسية، الأساسية لميقاتــي، تنـــاولت عقـــد مجلس الوزراء، على اعتبار ان الاجتماعات الحاصلة والإجراءات التي تمخضت عنها، تنقصها شمولية قرار مجلس الوزراء، وخصوصا ما يتناول منها تنفيذ القرارات الدولية من 1701 الى 1559، الذي يحدد مصير الميليشيات غير الشرعية، ومن هنا تصلب حزب الله في موضوع القاضي العدلي طارق البيطار، والإصرار على ربط انعقاد مجلس الوزراء بإطاحته، او على الأقل انتزاع ملف التحقيق مع الرؤساء والوزراء منه، فالظاهر ان المطلوب منع انعقاد مجلس الوزراء، وليس إطاحة القاضي البيطار فحسب، حتى لا يحاول أحدهم الدفع باتجاه القرارات الدولية الأم، الهادفة الى نزع او تدجين سلاح حزب الله، علما ان لميقاتي موقفا مبدئيا من هذا السلاح، بربط مصيره بالذرائع التي بررت وجوده، ألا وهي التهديدات الاسرائيلية.
ولا يستطيع ميقاتي إلا ان يراعي هذه النقطة، بمعزل عن الأقاصيص والخلفيات، أولا لأنه ليس سيد الموقف داخل مجلس الوزراء، بوجود الأكثرية الوزارية المسيطر عليها من حزب الله وحلفائه، وحلفاء الحلفاء، ومنهم تيار المردة الذي يضم وزيرا آخر في الحكومة، غير جورج قرداحي المستقيل، حيث إن رئيس المردة سليمان فرنجية، معروف بفروسيته وبفارسيته، وهو الأقرب رئاسة، اذا بقي القرار بيد حزب الله بعد عشرة أشهر من الآن ولذلك، ولا يمكن ان يسير مع رياح الإصلاحات المنشودة.
ومن الحلفاء ايضا الرئيس ميشال عون، الذي استقبل السفيرة الفرنسية في بيروت آن غريو في بعبدا، واطلع منها، على أجواء الجولة الخليجية التي قام بها الرئيس الفرنسي لاسيما زيارته الى السعودية.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.