كتبت صحيفة النهار تقول: لم تكتمل معالم مفاجأة “الوعد بالانفراج” الطالع من اجتماع بعبدا في أول لقاء جمع في السنة الجديدة رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي والذي خلص إلى “التبشير” بما اعتبر “تنفيسة” لوضع بالغ الخطورة كان يقترب من انفجار سياسي ومالي واجتماعي. فما ان “بشر” الرئيس ميقاتي بالتفاهم على اصدار مرسوم فتح دورة استثنائية لمجلس النواب مقترنا بالدعوة خلال يومين على الأرجح إلى جلسة لمجلس الوزراء تقر مشروع موازنة السنة الجديدة، حتى تلقى اللبنانيون خبر الاعتداء الجديد على اليونيفيل في الجنوب. واذا كان التطوران منفصلين من حيث طبيعة كل منهما، فان ذلك لم يحجب ازدياد معالم الريبة والتساؤلات القلقة عما ارادته القوة النافذة المعروفة في الجنوب من الاعتداء الثاني على اليونيفيل في غضون اقل من أسبوعين بعد اعتداء مماثل على الكتيبة الفنلندية في 22 كانون الأول الماضي غداة زيارة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس للبنان. بل ان الريبة التي تملكت اوساطا عدة رسمية وسياسية ذهبت في اتجاه التساؤل عن المصادفة في الاعتداء على اليونيفيل تحت لافتة مفتعلة دائمة تحت عنوان” تحرك الأهالي” بما يحشر الحكومة والدولة ولبنان الرسمي مع الأمم المتحدة، فيما لا تزال تتصاعد التداعيات الحادة للهجوم الحاد الذي شنه الأمين العام لـ” حزب الله” على السعودية وعاهلها ودول الخليج عموما. وحتى لو انتفى عامل “التخطيط” الاستباقي لهذين التطورين اللذين يحملان كل عوامل الأذى للمصالح اللبنانية فهل ستكون ردة فعل لبنانية رسمية تكون في مستوى التداعيات السلبية لتكرار تعمد الاعتداء على اليونيفيل؟
الموازنة والدورة
بالعودة إلى الواقع السياسي الداخلي، فقد بدا واضحا ان ما وقف وراء الوعد بالانفراج النسبي الذي دفع الامور إلى توافق رئاسي مفاجئ، ولو في إطار لا يزال يحتاج إلى بعض الوقت لتلمس تفاصيله، هو ان البلاد اقتربت في الساعات الثماني والأربعين الأخيرة من حافة وضع مخيف امام الارتفاعات المخيفة في سعر الدولار وما يشتق منه، ناهيك عن الاضطرابات التصاعدية والمقلقة في الوضع السياسي حيث تحولت السجالات الأخيرة إلى نقطة تفجير محتملة للحكومة وللعلاقات السياسية بين مكوناتها كافة. كما ان عاملا اخر وقف وراء هذا التطور هو ان رئيس الجمهورية بدأ يستشعر الاحراج الكبير ان هو ظل رافضا فتح الدورة الاستثنائية لمجلس النواب، فيما كانت العريضة النيابية التي كان يجري جمع التواقيع عليها بلغ عدد الموقعين عليها حتى ما قبل اجتماع بعبدا 62 نائبا ولو استمر جمع التواقيع لكان عدد النواب الموقعين سيناهز السبعين وربما اكثر، الامر الذي سيظهر عون في موقع المجبر على الرضوخ لارادة الأكثرية النيابية، ففضل قبول توقيع مرسوم فتحها بالتوافق مع رئيس الحكومة. وكانت “النهار” اشارت أمس إلى ان جهودا بدأت منذ أيام قبل عاصفة خطاب السيد نصرالله من اجل إيجاد تسوية مرحلية للوضع المتجه بقوة نحو متاهات انهيارية جديدة. ويبدو ان ثمة ما تجدد في الكواليس لانضاج تسوية ظرفية تتيح انعقاد مجلس الوزراء انطلاقا من توظيف تطور يتصل بإنجاز مشروع الموازنة يقابله موقف رئاسي مفاجئ من مسألة فتح دورة استثنائية لمجلس النواب. وعلى هذه الخلفية عقد رئيس الجمهورية ميشال عون اجتماعا مع رئيس الوزراء نجيب ميقاتي في القصر الجمهوري صباح امس تشاورا خلاله في التطورات على اكثر من صعيد وهو اللقاء الاول بينهما هذه السنة تناول بالدرجة الاولى ملف معاودة جلسات مجلس الوزراء. وبعد اللقاء أعلن ميقاتي انه تم الاتفاق على توقيع مرسوم فتح دورة استثنائية لمجلس النواب بشكل فوري. وكشف ان الموازنة العامة للعام 2022 باتت جاهزة، وانه فور تسلمه إياها خلال اليومين المقبلين، يصبح من الضروري اجتماع مجلس الوزراء لاقرارها واحالتها على مجلس النواب. كما طمأن انه “سيتم الإفراج عن الاستحقاقات المالية التي كان سبق ووعد بها لموظفي القطاع العام والإدارات العامة”.
وتبين ان اللقاء تخلله اتصال برئيس مجلس النواب نبيه بري جرى التداول خلاله بفتح دورة استثنائية لمجلس النواب. وفهم من أجواء الثنائي الشيعي ان الاتصال الذي تم بين بعبدا وعين التينة كان بمبادرة من ميقاتي وحصر الكلام خلاله بموضوع الدورة الاستثنائية فقط التي سيصدر مرسومها اليوم ولكن لم يتناول الاتصال موضوع الجلسة الحكومية ولم يكن الثنائي الشيعي قد حدد امس موقفا بعد من هذا الامر. واشارت المعطيات إلى الاجواء تقوم على فتح الدورة فعقد جلسة لمجلس الوزراء تتصل حصرا بالموازنة نظرا لأهميتها المفصلية في كل الملفات المالية والاقتصادية والمفاوضات مع المؤسسات المالية الدولية وفي مقدمها صندوق النقد الدولي.
وافادت مصادر معنية ان ما جرى هو تفاهم مرحلي لا يرقى إلى مستوى التسوية ويتيح تمرير الضروري من ملفات، بحيث يعقد مجلس الوزراء جلسة تخصص لاقرار الموازنة. ومن شأن فتح الدورة الاستثنائية ضمنا عدم توقع تطورات حاسمة في ملاحقة الوزراء السابقين في ملف التحقيق العدلي في انفجار مرفأ بيروت باعتبار ان هؤلاء سيبقون تحت الحصانة النيابية مع فتح الدورة حتى موعد بدء العقد العادي في آذار المقبل.
بكركي والمفاوضات
وسط هذه الاجواء بدا لافتا ان مجلس المطارنة الموارنة ابدى في اجتماعه الشهري أمس “ارتياحه إلى التقدُّم النوعي الجدّي للمفاوضات التي تُجريها الحكومة اللبنانية مع صندوق النقد الدولي”. ودعا المطارنة إلى “الإسراع في إنجاز الإتفاق المالي–الإصلاحي الذي يترقّبه لبنان والدول الصديقة، وأن يُبادِر مجلس الوزراء إلى إبرامه بعيدًا عن التعقيدات الطارئة التي حالت دون انعقاده، وإلى استئناف تحمُّله مسؤولياته كاملة”.
الاعتداء الجديد
اما في ما يتعلق بالاعتداء على اليونيفيل فان أي موقف لبناني رسمي لم يصدر بعد حياله علما ان القوة الدولية تطالب بإلحاح باجراء تحقيق في الحادث . وقد كشفت نائبة مدير المكتب الإعلامي لليونيفيل كانديس آرديل ان جنود حفظ السلام في جنوب لبنان “تعرضوا إلى هجوم من قبل مجهولين، حيث تعرضت آلياتهم التابعة للأمم المتحدة للتخريب والسرقة”. وأوضحت أنه “على عكس المعلومات المضللة التي يتم نشرها، لم يكن جنود حفظ السلام يلتقطون الصور ولم يكونوا في ملكية خاصة، بل كانوا في طريقهم للقاء زملائهم في القوات المسلحة اللبنانية للقيام بدورية روتينية”. ونقلت عن اليونيفيل إدانتها للإعتداءات التي يتعرض لها الرجال والنساء الذين يخدمون قضية السلام، “كما تدين اليونيفيل الجهات الفاعلة التي تتلاعب بسكان المنطقة لخدمة أغراضها”. ودعت السلطات اللبنانية “إلى إجراء تحقيق سريع وشامل ومحاكمة جميع المسؤولين عن هذه الجرائم “.
ما بين السنيورة وجعجع
وفي غضون ذلك لفت في ردود الفعل المتواصلة على هجوم نصرالله على السعودية تذكير الرئيس فؤاد السنيورة من عين التينة بعد لقائه امس الرئيس بري بالمساعدات الخليجية ولا سيما منها السعودية للبنان “من دون تمنين” . وإذ لفت السنيورة إلى “ان لبنان لطالما كان قائما على أساس ان تكون هناك فعلا سياسة نأي بالنفس عن الخلافات وعن المحاور الإقليمية” ذكر بأمرين “واحد يتعلق بالعام 2006 عندما إجتاحت إسرائيل لبنان والثاني في ما جرى في تفجير مرفأ بيروت، في العام 2006 وقفت جميع الدول العربية إلى جانب لبنان ولا أقول هذا الأمر من أجل التمنين، الحقيقة أن الدول العربية لم تمنن لبنان في علاقتها إطلاقا ووقفت إلى جانبه ولكن لو لم يكن هناك وقوف حقيقي من قبل دول الخليج العربي لما أمكن إعادة إعمار كل ما دمر خلال تلك السنوات والحقيقة أن القسم الأكبر من المعونات الذي وصل إلى لبنان عام 2006 كان من الخليج العربي، ونجد ان القسم الأكبر من تلك المعونات كانت من المملكة العربية السعودية والتي فعليا مسؤولة عن إعادة إعمار وبناء وترميم 50 في المئة من مجموع الدمار الذي حصل في الوحدات السكنية التي تعرضت للدمار أو للتخريب عام 2006”.
بدوره اعتبر رئيس “حزب القوات اللبنانية” سمير جعجع أن “حديث الأمين العام لـ”حزب الله” كان مليئًا بالمغالطات كما الأكاذيب”. وأضاف “من وجهة نظر نصرالله، السعودية تريد القضاء عليه لأنه منع إقامة مشيخة وإمارة سعودية في لبنان، وأنا أقول إن هذا الكلام عيب وتزوير للوقائع، والسعودية لطالما ساعدت في جعل لبنان جوهرة في الشرق. السعودية ثقل سياسي وازن جداً في المنطقة، وهي لا تزال مهتمة بلبنان وتعتبر أنه لا يزال هناك البعض الذي يؤمل منه خيراً”.
النهار
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.