الحملة العشوائية (المبرمجة)، التي تفرّد بها حزب إيران في لبنان ضدّ الرئيس فؤاد السنيورة (رجل الدولة الاستثنائي)، تدلّ من جديد، أنَّ هذا الحزب يحاول تخريب الحكومة ومشاريعها الانمائية والاقتصادية، ويشوّه صورة لبنان (ليكون على صورته)، وإعطاء فكرة أن هذا البلد ليس فيه سوى الفساد، وسواه، أي الحزب النقيّ الطاهر الزاهد المقاوم الممانع.
لكن غاب عن هذا الحزب أنّ الفساد لا يقتصر على إثارة قضايا المالية فقط، بل يشمل أيضاً، الفساد السياسي والطائفي من تدمير للدولة، وتشويش على المؤسّسات الأمنية والجيش والهيئات الاقتصادية. وهو في ذلك اكسير الفساد، ولم يُلحق حزبٌ الأذى في لبنان كما فعل حزب سليماني في لبنان: الفساد المذهبي الفاقع، الذي جعله يخترق عسكريّاً بعض الطوائف كالدروز والسُّنة، من خلال تشكيل سرايا مسلّحة تهدّد الأمن الوطني، والتعايش وتعمل على تقسيم هذه الطائفة: ميلشيات سنّية مسلّحة تهدّد المجموعات العزلاء. شعبويّة إسلامية لا تهدف سوى الى تفكيك المجتمع، لفتح طرقات الى حروب أهلية.
أمّا الفساد الآخر الذي ركّز عليه الحزب في تهجّمه على الرئيس السنيورة، بتهمة إهدار الأموال وصرفها في غير محلّها، فتُردّ على صدور هؤلاء. ولو أردنا مراجعة فساد هذا الحزب، لما اتّسع هذا المجال له:
تصنيع الكبتاغون، في قلب البيئة الحزبية، والتغاضي عن المرتكبين. توزيع أدوية مزيّفة اكتُشف اصحابها، ثمّ أُغلق التحقيق. تخصيص حوض في المرفأ، خارج سلطة الجمارك، لتهريب السلع، والبضائع واللحوم الفاسدة متجاوزة مراقبة المسؤولين. تولّي الحزب و8 آذار على امتداد عقدَين وزارة الطاقة، ومَن لا يعلم الفضائح المالية والسمسرات التي ارتكبها الحزب وحلفاؤه في قطاع الكهرباء بلغت 14 مليار دولار. مصادرة المشاعات في الجنوب والبقاع، وتزوير المستندات وبيعها، (بمئات ملايين الدولارات).
وفي مجال آخر: كلّفت "حروب إيران في لبنان" من خلال وكيلها الحصري، مليارات الدولارات، من 7 أيّار حين احتلَّ الحزب وحلفاؤه الوسط التجاري، مما أدّى الى ضرب هذه المنطقة الرائعة التي بناها رفيق الحريري، وإلى إفلاس عشرات المحال، وصرف مئات العمال؛ حرب 2006 المشبوهة، التي دفع لبنان أثماناً باهظة فيها: عشرات المليارات من الدولارات، من خلال تدمير العدو المصانع والجسور ومحطات الكهرباء مقابل خسارته (أي العدو) بضعة ملايين من الأضرار، قتل وجرح نحو 3420 لبنانيّاً منهم 1500 قتيل (مقابل 70 قتيلاً إسرائيليّاً باعتراف السيّد حسن نصرالله). حرب قرّرها خامنئي ونفّذها الحزب، من دون علم لا الجيش ولا الحكومة ولا البرلمان. كأنّه حزب السبايا.
ومَن لا يعرف فساد الحزب القضائي. ومَن لا يعلم كيف يبرّئ الحزب المجرمين كميشال سماحة (ويعتبره قدّيساً ممنوعاً المساس به)، ويعتدي على وسائل الإعلام! إحراق جريدة "المستقبل" وتلفزيون "المستقبل" في 7 أيّار؛ محاولة إحراق تلفزيون "الجديد"، الهجوم على تلفزيون LBC، لأنّه بثّ كاريكاتوراً لحسن نصرالله؛ تقصير مدّة سجن العميل الإسرائيلي فايز كرم ليخرج من سجنه بطلاً تُنحر له الذبائح ويُرشّ بالرزّ والورود والأهازيج... حماية المتّهمين بقتل الرئيس الشهيد رفيق الحريري وتطويبهم قدّيسين: قدّيس يطوّب قدّيسين!
انخراطه في في الحرب السورية والمشاركة في قتل السُّنة وتهجيرهم والتواطؤ مع قصفهم بالقنابل الكيميائية والبراميل المتفجّرة، مسبّباً للبنان في ذلك أزمات اقتصادية تتمثّل بالنازحين السوريّين؛ تشكيل خلايا إرهابية في عدد من البلدان العربية (الكويت، الإمارات، الجزائر، المغرب) والأوروبية (فرنسا، انكلترا، السويد...).
محاولة فصل لبنان عن محيطه العربي، وخصوصاً دول الخليج، بالتهديد والشّتيمة والشعبويّة، مما أثّر على قدوم هؤلاء الى لبنان، وما أسفر عن أزمات اقتصادية.
هذا بعض فساد الحزب... وإذا تمعنّا في الأمور فخضوعه التام لإيران، واستخدام ترسانته الحربيّة لتهديد اللبنانيين، نكتشف أن جزءاً أساسيّاً من الأزمة المذهبية، والاقتصادية، والكانتونية، بطلها الحزب المفدّى لإيران.
مع هذا يشرئبّ الحزب، من دون خجلٍ، ليتّهم الآخرين بما ارتكبه على امتداد عقدَين في لبنان.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.