فيما كان تيار "التغيير والاصلاح" يشن حملة على خصومه في السياسة متهما اياهم بالفساد في قطاع الكهرباء، الذي تولى ادارته على مدى اكثر من عشر سنوات، وفي وقت اعتمدت الوزيرة السابقة ندى البستاني على واقعة نسبتها الىِ ادارة المناقصات، وقالت انها ادت الى عدم تنفيذ مناقصة دير عمار، وهي ان ادارة المناقصات قد وافقت على نتيجة التلزيم من دون الضريبة على القيمة المضافة... في هذا الوقت اطل المدير العام لادارة المناقصات جان العليّة ليطرح المناظرة التلفزيونية مع ثلاثة على الاقل من وزراء الطاقة هم: جبران باسيل-سيزار ابي خليل- ندى البستاني، لتبيان ما اسماه الحقائق بالوثائق والمستندات. اثارت هذه الاطلالة الكثير من الانتقادات، قيل انها كانت غير موفقة، وقد اتت لدعم جهة سياسية على اخرى، وتزامنا، شن التيار الوطني الحر عبر وسائل التواصل الاجتماعي اعنف حملة على ادارة المناقصات وشخص ونهج رئيسها، انتهت بتغريدة على موقعه اتهمت العلية بانه يعمل لمصلحة اصيل.
حول دعوته الى المناظرة التلفزيونية وظروفها واسبابها، وهذه التغريدة الخالية، بحسب تعبيره من اداب علم المجتمع واداب علم السياسة، تحدث العلية لـ"المركزية"، فقال: تقوم الوظيفة العامة على مبادئ الحيادية والموضوعية، ويُحظر على الموظف العام ممارسة أي نشاط سياسي خلال توليه الوظيفة العامة. وممارسة النشاط السياسي قد تكون بالطريقة المباشرة، أي أن يقوم الموظف نفسه بالترويج لمبادئ وأفكار جهة سياسية معينة، أو بالطريقة غير المباشرة بالسماح لجهة سياسية محددة بممارسة نشاطها السياسي من خلال استعمال الإدارة التي ينتمي إليها. ولأن الوظيفة العامة خدمة عامة، ولان ولاء الموظف للوطن بكل أبنائه وفئاته وأحزابه وطوائفه، وليس لجهات سياسية أو طائفية محددة، وهذا الأمر متى حصل يضرب مفهوم الوظيفة العامة وإدارات الدولة، ويحوّلها الى فدراليات طائفية وحزبية تتعارض مع فكرة دولة القانون، الأمر الذي نشهد بعض مسرحايته اليوم في القضاء والإدارة، ولم نشهد مثيلا له في السابق حتى في ذروة الحرب القذرة.
لذلك، يقول العلية لـ"المركزية"، كانت الصرخة المدوية في وجه هذه الجهة السياسية، لا بسبب اسمها ولا بسبب لونها، ولا بسبب ممارساتها السياسية، وهي شأنها ولا علاقة لنا بها، بل بسبب تماديها في ضرب الإدارة العامة، بضرب ركائز استقلاليتها وحيادها من خلال إطلاق حملة سياسية انتخابية مشبوهة، بمسمى محاربة الفساد، وزج اسم إدارة المناقصات في هذه الحملة بنسب وقائع كاذبة إليها لم تحصل.
يضيف العلية، بدل أن تكون لهذه الجهة الجرأة في تحمل مسؤولية فشلها في قيادة وزارة الطاقة والمياه من العام 2012 الى العام 2019، الناجمة عن سوء الإدارة وتجاوز الدستور والقوانين بالحد الأدنى، إذ بها تتلطى وراء كذبة أن الضريبة على القيمة المضافة ( TVA) هي سبب عدم تنفيذ مناقصة معمل دير عمار، تم تحول هذه الكذبة الى جهة رسمية وطنية رقابية مستقلة اسمها إدارة المناقصات، فتصرّح بأن إدارة الماقصات قد وافقت، على حد زعمها، على نتيجة تلزيم معمل دير عمار 2012، وقد جاءت النتيجة بدون TVA. وهذا الامر لا يستقيم مع طبيعة عمل لجان التلزيم التي تشكلها ادارة المناقصات، ولا مع مضمون دفتر الشروط الخاص بالصفقة، ولا مع محضر جلسة التلزيم الذي تضمن عبارة القيمة الاجمالية محتسبة انطلاقة من التكلفة الافرادية وليس السعر الافرادي، والتكلفة نشمل ضمنا كل الضرائب والرسوم المتوجبة بما فيها الضريبة على القيمة المضافة.
ولأنها كذبة أخرى تطال دور المؤسسات الرقابية في الجوهر والصميم، وتنال من سمعتها، وتهدف الى زعزعة ثقة المواطن والرأي العام بها، فرض الموجب الوظيفي على رئيس إدارة المناقصات جان العلية كما يقول نفي الكذب والإفتراء. ولأن وزراء الطاقة أصيلين ومكلفين، استمروا واستقروا على الافتراء على ادارة المناقصات والتشكيك في دورها ودور رئيسها اعتبارًا من العام 2017 لسبب وحيد، انها منعتهم من التمادي في خرق الدستور والقانون رافضة، رغم ضغوطهم وتهويلهم واصرارهم وتأكيدهم، صفقة بواخر العرض الوحيد كما وصفقات الفيول الاحتكارية، لذلك كانت الدعوة الى المناظرة التلفزيونية.
يقول العلية إن دور إدارة المناقصات هو دور دستوري وقانوني مستقل ومحايد، وهي ترفض استعمال اسمها في اللعبة السياسية من قبل أي جهة كانت.
وعن اتهامه من قبل التيار الوطني الحر بانه يتحرك من دافع الطموح السياسي والسعي الى موقع اعلى، يجيب العلية: ممارسة العمل السياسي تكون بالعلن وليس بالخفاء، وطالما اني ضمن الوظيفة العامة لن اتعاطى العمل السياسي، فليطمئنوا ان كانوا قلقين، وعن السعي الى موقع اعلى قال لقد شارفت على نهاية خدمتي في الوظيفة العامة، ولا اريد اكثر مما انا فيه، وفي مطلق الاحوال فان اكاذيبهم بلهاء ليست من الصنف الممكن ان يُصدق، لو اردت موقعا لذهبت اليهم،هم دون سواهم، وانا المسيحي الماروني، وهم من يسمي وزراء هذه الطائفة ويعين في المواقع العائدة لها في جمهورية الحصص، ولا اعتقد وقياسا على النماذج الموجودة انهم كانوا سيرفضون، وليس من اللائق قول الاكثر وان كان اكثر تعبيرا عن الواقع.
واضاف العلية يعيروني باني موظف من خارج السرب، اي انني لم اختر ان تكون لي مرجعية طائفية لابقى في الادارة، وانا دخلتها في العام 1993 بموجب مباراة اجراها مجلس الخدمة المدنية فزت فيها في المرتبة الاولى وترفعت الى الفئة الثانية والاولى بالمسلك ذاته، وهذا فخر لي كما يشهد لي نهجي في ديوان المحاسبة منذ تسعيينات القرن الماضي، وانا المسيحيي الماروني ابن الكنيسة والملتزم تعاليمها والمؤمن بمرجعيتها الروحية، لا اؤمن بمرجعية لي في وظيفتي غير الوطن والادارة والدستور والقانون. وربما هذا يغيظهم اكثر لانهم يريدون من الموظف ان يجد الحماية له في مرجعياته الحزبية ذات اللون الطائفي، وليس في التزامه تطبيق القانون، لهذا يحاربونني لانني لا امثلهم في الادارة التي يريدون كل موظف فيها ممثلا لفئة او طائفة او حزب ونهجي على مدى سنوات خدمتي يدل علي، انا افكر بمنطق القانون وهم يفكرون بمنطق الحصص والمغانم.
لماذا اليوم بالذات المناظرة التلفزيونية وما الجديد الذي ستقدمه؟ يقول العلية طرحت في 13-04-2021 التدقيق الجنائي في الصفقات العمومية كاطار عملي للاجابة على اتهماتهم لادارة المناقصات بالتزوير، سبق ذلك ان طرحت المناظرة التلفزيونية مع الوزير سيزار ابي خليل، وفي الموضوع ذاته ولم يتم الحصول على اي جواب له علاقة بصلب الموضوع. واليوم مع تجدد حملة الكذب والتحريف بمفعول رجعي امتد الى العام 2012، وتبيانا للحقائق بالوقائع والمستندات طرحت المناظرة مع الوزراء الثلاثة مع كامل الاحترام لشخصهم، وموقعهم لكونهم هم اصحاب القرار بهذا الشأن، ويكون تبعا لذلك لكل منا الجواب بشان اي موضوع قد يطرح، واقترحت عليهم اختيار المحطة ومدير المناظرة واصطحاب من يشاؤون من معاونين ومستشارين، لكنهم ردوا بالاستهزاء والاستخفاف، وكانهم لا يريدون من هذا الموضوع الا استثماره في الحملات السياسية والانتخابية، وهذا امر يصبح صعبا في حال جرت المناظرة.
وعن طرح التيار المحاكمة العلنية في مجلس النواب يرد العلية، كنت اول من طرح لجنة تحقيق برلمانية في موضوع الصفقات في وزارة الطاقة ردا على اتهامات وافتراءات اصحاب هذا النهج بالذات، ولما طالبت به بعض الكتل البرلمانية اثناء اجتماعات لجنة الاشغال والطاقة البرلمانية، اصروا على لجنة استقصاء حقائق شكلت منذ اكثر من عام، ومنذ شكلت لم تجتمع ولا اعرف لماذا. وختم العلية ان المجلس النيابي سيد نفسه ولست بموقع من يقترح عليه، الا انه اذا قرر دعوتي مع المعنيين كموظف للادلاء بما لدي امامه فبالتأكيد سأحضر، وانا ملزم بذلك قانونيا واخلاقيا ومعنويا.
وختم اتوجه لهذه الجهة السياسية بالذات بصدق، وانا لا اتمنى لهم ابدا السوء، واطالبهم بالاستجابة للمناظرة لتبيان الحقائق، ليبنوا هم والراي العام عليها للمرحلة المقبلة، فالبناء المشيد على اساس الحقيقة صلب وينطبق عليه القول "سقف بيتي حديد ركن بيتي حجر، فاعصفي يا رياح وانتحب يا شجر..".، والبناء المشيد على الكذب وهم ووهن وسراب يسقط وينهار قبل ان تهب العاصفة .
المركزية
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.