16 كانون الثاني 2022 | 08:31

أخبار لبنان

‏"الثنائي" تراجع أمام الكلفة المتدحرجة لتعطيله؟!‏

‏

كتبت صحيفة النهار تقول: مع انه يصعب تجاهل تعداد الدوافع السلبية ‏الأكثر من أن تحصر التي وقفت وراء تراجعهما أمس عن مقاطعة ‏جلسات مجلس الوزراء، فإنّ الإعلان المفاجئ لحركة "أمل" و"حزب الله" ‏عن العودة إلى المشاركة في الجلسات المخصصة لإقرار الموازنة ‏ومناقشة خطة التعافي الاقتصادي شكّلت واقعياً تطوّراً إيجابيّاً آخر غداة ‏الاختراق المالي الذي شهدته البلاد، بل إنّ هذا التطور يمكن أن يشكّل ‏تحصيناً سياسيّاً لإمكان المضي أولاً في تثبيت تراجع سعر الدولار في ‏السوق السوداء وما يستتبعه من تخفيض في أسعار المواد الأساسية. ومن ‏الجهة السياسية والحكومية الأخرى الأكثر دلالة على أهمية إعادة إحياء ‏مجلس الوزراء، فإنّ إقرار الموازنة وخطة التعافي المالي والاقتصادي ‏وما يتصل بتحسين الأوضاع المعيشية سيفتح الباب امام انطلاق ‏المفاوضات بين لبنان وصندوق النقد الدولي بما يعمم مناخات أولية من ‏الإيجابيات التي تعول على هذه الخطوة‎.‎

فما الذي دفع بالثنائي الشيعي فجأة إلى اتخاذ هذا القرار؟ وهل هو فعلاً ‏استجابة للقطاعات الاقتصادية والنقابية والمهنية؟

مما لا شك فيه أنّ السبب الأول والأهم في اتخاذ الثنائي الشيعي قرار فك ‏أسر مجلس الوزراء في ملفَي الموازنة وخطة التعافي يعود إلى كونهما ‏لم يعودا في المقام الأول قادرين على تحمل المسؤولية الحصرية الثقيلة ‏والمكلفة جدّاً شعبيّاً وسياسيّاً واقتصاديّاً وداخليّاً وخارجيّاً عن تبعات ‏تعطيل مجلس الوزراء فيما البلاد تنزلق بخطورة عالية نحو أخطر ‏مراحل الانهيار. وبدا ذلك واضحاً في البيان الذي أصدره الثنائي لجهة ‏إصرارهما على فك الارتباط بين موقفهما من المحقّق العدلي في ملف ‏انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار وموافقتهما على جلسات ‏لإقرار الموازنة وخطة التعافي. ولكن ذلك لم يحجب التساؤل لماذا لم ‏يتخذ الثنائي موقف الفصل بين الملفين أساساً ولماذا الآن؟ فهل أيقن أنّ ‏الدوائر دارت ضدهما في التعطيل، أم أنّ الدوافع الانتخابية لعبت دورها ‏أيضاً باعتبار أنّ بيئة الثنائي ليست مستثناة إطلاقاً من تداعيات الكارثة ‏التي تتدحرج في كل لبنان ولا تستثني طائفة ولا منطقة ولا فئة وقد ناء ‏الثنائي بكلفة التعطيل الذي افتعله في أسوأ الظروف؟ وإذا كان بعض ‏التقديرات الفورية لتراجع الثنائي ربطه بابعاد خارجية تتصل بتطورات ‏المفاوضات في فيينا ربطاً "بمرونة" إيرانية مزعومة فان ذلك يبدو في ‏حاجة إلى التريّث، لأنّ التطورات الداخلية تبدو الدافع الأبرز‎.‎

وقد جاء في البيان الذي أصدرته حركة "أمل" و"حزب الله" مساء أم: ‏‏""يمر بلدنا الحبيب لبنان بأزمة اقتصادية ومالية لا سابق لها تتمثل على ‏وجه الخصوص بانهيار العملة الوطنية، وحجز أموال المودعين في ‏المصارف اللبنانيه، والتراجع الكبير في الخدمات الأساسية خاصة في ‏قطاعات الكهرباء والصحة والتعليم، وسط أوضاع سياسية معقّدة على ‏المستوى الوطني والإقليمي، وما له من انعكاسات خطيرة على ‏المستويات المعيشية والاجتماعية والأمنية"، مؤكدان أنّ "المدخل ‏الرئيسي والوحيد لحل الأزمات المذكورة وتخفيف معاناة اللبنانيين هو ‏وجود حكومة قوية وقادرة تحظى بالثقة وتتمتع بالإمكانات الضرورية ‏للمعالجة، وقد بذلنا بالتعاون مع سائر الفرقاء جهوداً حثيثة وقدمنا ‏تنازلات كبيرة لتسهيل تشكيل الحكومة الحالية بعد أشهر طويلة من ‏المراوحة والخلافات‎".‎

وأضافا في البيان: "لكننا إزاء الخطوات غير الدستورية التي اعتمدها ‏المحقق العدلي في قضية تفجير مرفأ بيروت والمخالفات القانونية ‏الفادحة، والاستنسابية، والتسييس المفضوح وغياب العدالة وعدم احترام ‏وحدة المعايير ، وبعد إعاقة كل المحاولات القانونية والسياسية والشعبية ‏لدفع المحقق العدلي ومن يقف خلفه إلى العودة إلى الأصول القانونية ‏المتبعة وجدنا أنّ تعليق مشاركتنا في مجلس الوزراء هو خطوة سياسية ‏ودستورية تهدف الى دفع السلطات التنفيذية المعنية إلى إيلاء هذا ‏الموضوع عناية قصوى إنصافا للمظلومين ودفعاً للشبهات وإحقاقاً للحق‎".‎

وأكد الثنائي "أمل" و"حزب الله"، في بيانهما، "الاستمرار في مواصلة ‏العمل من أجل تصحيح المسار القضائي وتحقيق العدالة والإنصاف، ‏ومنع الظلم والتجني، ورفض التسييس والاستنساب المغرض"، مطالبين ‏‏"السلطة التنفيذية بالتحرك لإزالة الموانع التي تعيق تشكيل لجنة تحقيق ‏برلمانية وفق ما يفرضه الدستور ومعالجة الأعراض والظواهر غير ‏القانونية التي تتعارض مع أحكامه ونصوصه الواضحة وإبعاد هذا الملف ‏الإنساني والوطني عن السياسة والمصالح السياسية"‏‎.‎

وأضاف بيانهما المشترك: "لقد تسارعت الحداث وتطورت الأزمة ‏الداخلية سياسياً واقتصادياً إلى مستوى غير مسبوق مع الانهيار الكبير ‏في سعر صرف الليرة اللبنانية وتراجع القطاع العام وانهيار المداخيل ‏والقوة الشرائية للمواطنين، ولذا فإننا، استجابة لحاجات المواطنين ‏الشرفاء وتلبية لنداء القطاعات الاقتصادية والمهنية والنقابية، ومنعاً ‏لاتهامنا الباطل بالتعطيل ونحن الأكثر حرصاً على لبنان وشعبه وأمنه ‏الاجتماعي، نعلن الموافقة على العودة إلى المشاركة في أعمال مجلس ‏الوزراء من أجل إقرار الموازنة العامة للدولة ومناقشة خطة التعافي ‏الاقتصادي‎"‎‏.‏

وعلى الأثر، رحّب الرئيس ميقاتي بالبيان الصادر عن حركة "أمل" ‏و"حزب الله" بشأن العودة إلى المشاركة في جلسات مجلس الوزراء، ‏مؤكداً أنّه "يتلاقى مع الدعوات المتكررة التي أطلقها لمشاركة الجميع في ‏تحمل المسؤولية الوطنية خصوصاً في هذا الظرف الدقيق الذي يمر به ‏الوطن، وبما يحفظ الميثاقية الوطنية التي يشدد عليها‎".‎

وأكد المكتب الإعلامي لميقاتي أنّه "كما سبق وأعلن، سيدعو ميقاتي ‏مجلس الوزراء إلى الانعقاد فور تسلّم مشروع قانون الموازنة من وزارة ‏المال"، مثمّناً "الجهود التي بذلها ويبذلها جميع الوزراء لتنفيذ ما ورد في ‏البيان الوزاري ووضع خطة التعافي التي ستنطلق عملية التفاوض مع ‏صندوق النقد الدولي بشأنها. وقد أجرى ميقاتي اتصالاً بفخامة رئيس ‏الجمهورية ميشال عون وتشاور معه في الوضع . كما أجرى اتصالاً ‏برئيس مجلس النواب نبيه بري وتشاور معه في التطورات‎".‎

وفي غضون ذلك استمر تراجع الدولار أمس، في السوق السوداء حيث ‏راوح بين 26400 ليرة و26800 للدولار الواحد كما هدأت هرولة ‏اسعار المحروقات والخبز والطحين والدواء والسلع كلّها، صعوداً‎.‎

ووسط الأجواء الإيجابية لعودة تفعيل عمل الحكومة بعد انقطاع لـ3 ‏أشهر، سجّل سعر صرف الدولار انخفاضاً ملحوظاً، مساء أمس، إذ ‏تراوح بين 24600 و24200 ليرة لبنانية للدولار‎.‎

رصاصات في المطار؟

ولكن وسط هذه المناخات، برز تطور شديد الالتباس مع المعلومات التي ‏ترددت ونفاها وزير الأشغال العامة والنقل علي حمية عن تعرض ‏طائرات في مطار رفيق الحريري الدولي لرصاصات من دون معرفة ‏ظروف هذا الحادث البالغ الخطورة‎.‎

وأصدر حمية بياناُ في هذا الصدد جاء فيه: "ردّاُ على ما ورد في بعض ‏وسائل التواصل الاجتماعي والمحطات التلفزيونية عن تعرض طائرات ‏لرصاصات، إحداها أدت إلى ثقب تحت قمرة القيادة لطائرة يونانية ‏وحرصا على الشفافية وعدم التسرع في النفي أو التأكيد، انتظرنا التقرير ‏الفني من الجهات المعنية في المطار، فأكد عدم تعرض الطائرة المذكورة ‏لأي رصاص. ولزيادة التأكيد، راسلنا جهات متخصصة في أميركا ‏جزمت، كما ورد في تقريرها المرسل اليوم، أن ليس هناك أي رصاصة ‏في إحداث الثقب المذكور. وبالنسبة إلى الطائرة القطرية وما أثاره هؤلاء ‏عن تعرضها لحادث، تبين أن هناك قطعة معدنية علقت بإحدى إطاراتها، ‏من دون أن يتسبب ذلك بأي مخاطر تذكر، وهذا قد يحصل في كل ‏مطارات العالم‎".‎

وختم: "إلى بعض السياسيين والإعلاميين والذين يصطادون بالماء ‏العكر، ليس مطار رفيق الحريرى الدولي المكان الصحيح لتصفية ‏الحسابات السياسية، وليس هكذا ننهض بلبنان، عبر التصويب على ‏مرافقه التي نسعى، وباللحم الحي لتفعيلها، وزيادة إيراداتها، بغية ‏المساهمة في تحصين القرار السيادي للبنان‎".‎



النهار



يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

16 كانون الثاني 2022 08:31