25 كانون الثاني 2022 | 07:54

أخبار لبنان

‏"زلزال سياسي"... قرار الحريري ترك صدمة

أشارت "نداء الوطن" الى ان بوجه متجهّم حفرت خطوط ‏القهر عميقاً في معالمه، خرج الرئيس سعد الحريري على ‏الملأ أمس ليتجرّع كأس "العزوف" المرّ ويضع حداً لحياته ‏السياسية في المرحلة الراهنة، بعدما أعيته التسويات و"كسرت ‏ظهره" بأوزارها وتبعاتها الداخلية والخارجية، فدفعته قسراً ‏إلى التنحي واتخاذ قراره بـ"تعليق" عمله السياسي حتى إشعار ‏آخر.‏

وإذا كان قرار الحريري انسحب دراماتيكياً على "تيار ‏المستقبل"، سواءً عبر دعوته إلى تعليق عمله في الحياة ‏السياسية، أو من خلال تأكيد التلازم بين قرار عدم ترشحه ‏شخصياً للانتخابات النيابية مع عدم التقدّم بأي ترشيحات من ‏‏"التيار" أو باسمه، فإنّ زعيم "المستقبل" بدا واضحاً في تفنيده ‏لمسببات قراره، أنه أراد أن يتحمل مسؤولياته و"يسدد ‏فاتورته" أمام الناس والتاريخ حيال التسويات التي خاضها ‏و"أتت على حسابه"، منذ محاولته "احتواء تداعيات 7 أيار ‏إلى اتفاق الدوحة إلى زيارة دمشق إلى انتخاب ميشال عون ‏إلى قانون الانتخاب وغيرها".‏‎ ‎

وفي المقلب الآخر من المشهد، "خض" تنحي الحريري أركان ‏النظام الطائفي وقضّ مضاجع السلطة بعدما أكد عقمها وفشلها ‏في إنتاج الحلول الوطنية، وتحملها مسؤولية إجهاض طموح ‏ثورة 17 تشرين بإحداث "تمثيل سياسي جديد من شأنه أن ‏ينتج حلولاً لبلدنا وشعبنا"، مع إبداء قناعته في الوقت عينه بأنه ‏‏"لا مجال لأي فرصة إيجابية للبنان في ظل النفوذ الايراني ‏والتخبط الدولي، والانقسام الوطني واستعار الطائفية واهتراء ‏الدولة".‏

وبينما ختم مستعيداً بعينين دامعتين "ما قاله رفيق الحريري ‏في بيان عزوفه قبل 17 عاماً: أستودع الله سبحانه وتعالى هذا ‏البلد الحبيب لبنان وشعبه الطيب"، طمأن الحريري محازبيه ‏ومناصريه إلى أنّه سيبقى متمسكاً بمشروع والده الشهيد وأنّ ‏بيته سيبقى مفتوحاً "للارادات الطيبة ولأهلنا وأحبتنا من كل ‏لبنان" على اعتبار أنّ قراره يقتصر فقط على "تعليق أي دور ‏أو مسؤولية مباشرة في السلطة والنيابة والسياسة بمعناها ‏التقليدي".‏

وقد أعقبت موقف الحريري، تحركات شعبية وقطع طرقات ‏في العديد من المناطق، فيما قال رئيس مجلس النوّاب نبيه ‏برّي لـ"الجمهورية": "إنّ قرار الرئيس سعد الحريري شأنٌ ‏حزين".‏

الى ذلك، أشارت "الانباء الالكترونية الى ان إعلان الحريري ‏انسحابه من الحياة السياسية ودعوته نواب تياره لعدم الترشح ‏للانتخابات النيابية خطف الأنظار عمّا عداه من المستجدات ‏المحلية خصوصاً بما يتعلق بالحكومة وعودة مجلس الوزراء ‏الى الانعقاد بعد توقف قسري استمر لثلاثة أشهر، كما أربك ‏الساحة السياسية وأعاد خلط الاوراق بالنسبة لمعظم القوى ‏السياسية، وفتح المشهد السياسي اللبناني على احتمالات ‏غامضة.‏

القرار ترك صدمة في الوسط السياسي، وهو سيخلط الأوراق ‏حتماً وسيشرّع أبواب البلد أكثر أمام الرياح الإقليمية ‏وأطماعها في لبنان.‏

وفيما يهدد قرار الحريري والمقاطعة الواسعة داخل الطائفة ‏السنّية مصير الاستحقاق الانتخابي برمته، مصادر سياسية ‏مراقبة وصفت في اتصال مع "الانباء" الالكترونية ما أعلنه ‏الحريري "بالزلزال السياسي الذي لا شبيه له في الحياة ‏السياسية اللبنانية، والذي يتجاوز في دلالاته ما تقصّد الحريري ‏التذكير به عندما أعلن والده الرئيس الشهيد رفيق الحريري ‏الانسحاب من الحياة السياسية في صيف العام 2004 قبل ‏أشهر من اغتياله"، رابطة "بين قرار الحريري هذا والإنذار ‏الذي نقله الى المسؤولين اللبنانيين وزير الخارجية الكويتي، ‏مخيّراً اياهم بين الدولة والدويلة محدداً خمسة أيام للاجابة على ‏هذا السؤال الذي سيبلغ الى جامعة الدول العربية".‏

المصادر جزمت بأن "ما قاله الحريري حول قرار الانسحاب ‏من الحياة السياسية ليس كل ما يملكه من معلومات، وأن لبنان ‏مقبل إما على حدث أمني كبير لقلب المعادلة الحاضرة رأساً ‏على عقب وإما اطلاق يد ايران في لبنان من خلال إطباق ‏حزب الله على قرارات الدولة اللبنانية، وفي الحالتين لا يريد ‏الحريري ان يكون شاهداً لا على دمار لبنان ولا على بيعه ‏لإيران".‏

في هذا السياق، أعربت مصادر عين التينة عن أسفها لقرار ‏الحريري وأكدت عبر "الانباء" الالكترونية ان "الرئيس ‏الحريري صديق كبير للرئيس نبيه بري وهو رمز للاعتدال ‏الاسلامي وزعيم وطني من الطراز الأول، وخروجه من ‏الحياة السياسية سيكون له تداعيات كبيرة وفراغ لا يمكن لأحد ‏غيره أن يملأه".‏

عضو "كتلة المستقبل" النائب عاصم عراجي أعرب في ‏اتصال مع "الانباء" الالكترونية عن اقتناعه بكل كلمة قالها ‏الحريري في معرض حديثه عن الاسباب التي أملَت عليه ‏قرار الانسحاب، قائلا: "ماذا يمكن أن يقدم آل الحريري للبنان ‏أكثر من الشهيد رفيق الحريري وهو الذي أوقف الحرب ‏الاهلية وأعاد اعمار ما تهدم وكانت له مساهمة فعالة بإعادة ‏لبنان الى الخارطة العالمية وأصبح بلداً، فكانت المكافأة ‏باغتياله، وكذلك الرئيس سعد الحريري قدم الكثير من ‏التضحيات والتنازلات ولكن هناك فريق ما زال يصر على ‏رهن لبنان الى الخارج ولهذه الأسباب آثر الانسحاب".‏

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

25 كانون الثاني 2022 07:54