النهار - راشد فايد
قفا نحك
يوم جاء وزير الدولة للشؤون الخارجية الكويتي ليسلم لبنان مذكرة كويتية خليجية تحمل أكثر من 10 بنود يهدف تطبيقها إلى تصحيح مسار العلاقات بين الطرفين، روّجت مصادر سياسية لإجابة حول استيعاب سلاح الحزب المهيمن هي تكرار لمقولة له مفادها أن مصير السلاح رهن بإنهاء الإحتلال الإسرائيلي لـ 13 نقطة تمتد من مزارع شبعا (جنوب شرق)، إلى بلدة الناقورة (جنوب غرب)، في قضاء صور بمحافظة الجنوب. في ذلك دعوة ضمنية لحض العرب، أصدقاء الولايات المتحدة ومن لهم علاقة مستجدة مع اسرائيل، إلى الضغط عليها للإنسحاب، وهو أمر يعيدنا إلى دوّامة التجاذب مع النظام السوري الذي يزعم لفظياً أنه يعترف بلبنانيتها، ويتجنب إعطاء الوثائق التي تفيد بذلك.
لو تحقق الإنسحاب برغم ذلك، وبهذه الصورة، لن يؤدي إلى طي ملف هذا السلاح، إذ له مهمتان تتوارى إحداهما وراء الأخرى: الأولى خدمة المشروع الفارسي التوسعي بالهيمنة على دول عربية، مباشرة أو باستخدام أدوات محلية في كل بلد عربي يدخل في رؤية المشروع كـ"انصار الله" المعروفين بالحوثيين في اليمن، و"حزب الله" في لبنان، ومماثليه من أدوات ميليشياوية مسلحة في دول عربية أخرى. فإذا انتهت "مفاوضات فيينا" في شأن النووي الإيراني إلى تفاهم، فستكون العلاقات العربية - الإيرانية على طاولة تفاهم شبه موازية، لكنها ستواجه الزعم بأن ما تمارسه الأدوات المذكورة من هيمنة في بلادها يستند إلى إدعائها بأن من حقها، كطرف محلي، أن تمثل شريحة من المجتمع تعاضدها، أي عملياً أن تسخدم الشرعية لتغطية اللاشرعية التي تمثل بغية فرض توازنات جديدة، ولا يخرج عن ذلك البيوعات العقارية في مواقع استراتيجية على مدى الخريطة اللبنانية، أو في سوريا مثلا حيث التغيير الديموغرافي على قدم وساق بالحديد والنار.
مارست طهران، منذ الإطاحة بحكم الشاه وسيطرة الملالي سياسة هجومية، وبالأحرى عدوانية، تجاه محيطها، بعنوان نشر الثورة الإسلامية وتحرير القدس، التي زاد وضعها بؤساً منذ ذاك، فيما ما سُمّي "فيلق القدس" مارس مهمته بافتعال المواجهات بعيداً عن القدس، ولم تكن الحرب مع العراق إلّا أبرز تجلياتها، حين تواجه طموح صدام مع أحلام الخميني لمدة 8 سنوات وكان الثمن مصرع ما لا يقل عن مليون بشري من الجهتين، إلى خسائر زادت على 350 مليار دولار، في اطول حرب شهدها القرن الفائت.
لم يتغير أمر في العدوانية الإيرانية تجاه المحيط، منذ حُكم الشاه الذي كان طامحاُ إلى دور "شرطي الخليج"، وما فعله الخميني ليس إلا نسخة "ثورية" تظللها عقيدة إيمانية لما سعى إليه خلفه. وإذا كان من تهدئة إقليمية في وقت لاحق، فإنها ستكون سطحية ومزعومة، لأن الصدام سينتقل إلى نمط آخر سيتجلى في عزم اللاشرعية، حيث يصول المشروع الإيراني، على تطويع الشرعية واتخاذها سترا لأطماعه، ومن ذلك التغيير السياسي العام والديموغرافي، تحت مظلة مشروع تحالف الأقليات الذي لم يعد خافياً إلّا على الأعمى والمتعامي.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.