لا شك أن انكفاء الرئيس سعد الحريري "ضعضع" الساحة الوطنية وترك الخصوم قبل الحلفاء في حيرة من أمرهم ينتظرون انقشاع الصورة الضبابية عن المشهد السنّي، لكن مما لا شك فيه أيضاً أنّ الساحة السنّية لا تزال متماسكة بخلاف ما يروّج له بعض الممانعين والمزايدين والحاقدين سعياً لوراثة زعامة "بيت الوسط" التي ما زالت حتى الساعة "الرقم الأصعب" في المعادلة داخل الطائفة وخارجها، بعدما بيّنت الوقائع والأحداث أن الفراغ الذي خلّفه تعليق الحريري عمله السياسي لا يوجد من يسدّه، وثبت بالملموس أنّ عباءة الزعامة لا تزال "فضفاضة" على كل الطامحين والطامعين بانتزاعها عن أكتافه.
وبما أنّ الفراغ كبير سارعت دار الإفتاء إلى التصدي للمتربصين بأهل السنّة، فأخذ مفتي الجمهورية عبد اللطيف دريان على عاتقه تحصين الساحتين الوطنية والسنّية على حد سواء، وهو نبّه أمام زواره أمس إلى أنّ "الوضع في لبنان دقيق وصعب للغاية، وعلينا التحلي بالحكمة ومعالجة الأمور بالتعاون والتشاور ووحدة الصف ولم الشمل، في ظل الظروف المصيرية التي يمر بها البلد، مؤكداً أنّ الاستحقاق الانتخابي النيابي يتطلب الكثير من الوعي والتبصّر والعمل على إنجازه لإنجاحه، ودار الفتوى كانت وستبقى قائمة بدورها الديني والوطني التوحيدي الذي يحفظ كيان لبنان وحقوق أبنائه".
أما على صعيد مستجدات ملف ترسيم الحدود البحرية الجنوبية، فيصل اليوم الوسيط الأميركي في المفاوضات غير المباشرة بين لبنان وإسرائيل لإجراء جولة محادثات جديدة مع المسؤولين اللبنانيين يضعهم خلالها في أجواء الأجوبة الإسرائيلية على نقاط الخلاف حول خطوط الترسيم. وعشية وصول هوكشتاين، يبدو أن الرسالة العونية الأخيرة إلى الأمم المتحدة أعادت "خلط خطوط" الترسيم، وأفاد مرجع سياسي موقع "لبنان الكبير" بأنّ موقف لبنان أصبح ملتبساً بشأن الملف برمته، لأنّ الرسالة التي أوعز رئيس الجمهورية ميشال عون لوزير الخارجية عبدالله بو حبيب بإرسالها إلى الأمم المتحدة "ضيّعت الشنكاش" فلم يعد معروفاً "ماذا نريد ووفق أي خط نشترط استئناف المفاوضات"، نافياً أن يكون حصل أي تواصل بين الرؤساء الثلاثة بشأن توحيد الموقف لأنّ "الملف أصبح ملك رئيس الجمهورية ولا أحد يتدخل فيه الآن".
ومن جهتها، أوضحت مصادر قصر بعبدا لـ"لبنان الكبير" أنّ الرسالة التي بُعثت إلى الأمم المتحدة "إنما تعبّر عن مخاوف لبنان بعد تلزيم شركة Energy وبعد رسالة المندوب الإسرائيلي إلى الأمم المتحدة". وكشفت المصادر الرئاسية أن "الفريق اللبناني المفاوض منفتح على التفاوض وسيتعاون بمرونة شرط حفظ حقوق لبنان بحقوله النفطية، رافضةً استباق الأحداث وأكدت أنّ موقف لبنان يتحدد في ضوء الجواب الإسرائيلي الذي يحمله هوكشتاين وما سيقترحه كوسيط بين الجانبين".
وفي المواقف السياسية الداخلية، عبّر رئيس الحزب "التقدمي الاشتراكي" وليد جنبلاط أمس عن شكوكه بنوايا "حزب الله" في ملف المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، وسأل في تغريدة تعليقاً على "تصريحات مسؤول كبير في حزب أساسي ذات بعد إقليمي والتي تشكّك بجدوى التفاوض مع المؤسسات الدولية"، في إشارة واضحة إلى "حزب الله"، هل تهدف هذه التصريحات إلى "التعطيل الكامل للحكومة أم أنها من باب المزايدة"، واستغرب كذلك العودة إلى "سلف الكهرباء من خارج الموازنة" والتأخير الحاصل في استجرار الطاقة الأردنية والغاز المصري.
من ناحية أخرى، وفي مقابل استمرار "حزب الله" في الضغط على القضاء لوقف التحقيق العدلي في انفجار مرفأ بيروت، نفذ أهالي ضحايا شهداء المرفأ أمام قصر العدل وقفة احتجاجية أمس للمطالبة بالإسراع في البت بطلبات رد المحقق العدلي القاضي طارق البيطار والتي قدمها بعض المدعى عليهم في القضية ومنعت البيطار من مواصلة تحقيقاته.
وأكد الأهالي أن تحركاتهم ستتواصل من اليوم فصاعداً حتى الوصول إلى استئناف مجريات التحقيق العدلي، وناشدوا "القضاة الشرفاء" التصدي للضغوط الممارسة على السلطة القضائية "والإسراع في البت بملف التحقيقات"، كما توجهوا إلى المرشحين للانتخابات النيابية بالقول: "الانتخابات آتية وكل المرشحين يتكلمون عن 4 آب فإمّا أن ينزلوا ويقفوا معنا وإمّا "ما يسمعونا صوتن"، وكذلك كان لرئيس كتلة "حزب الله" البرلمانية النائب محمد رعد نصيب من غضب أهالي شهداء المرفأ من خلال الإشارة إلى أنه "بدلا من أن يبكي على أطفال اليمن يجي يبكي على أولادنا".
لبنان الكبير
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.