كتب جورج بكاسيني
إثنان خطفا الأضواء في ثلاثة أسابيع : خطاب العزوف الذي ألقاه الرئيس سعد الحريري في 24 كانون الثاني، وخطاب الجمهور الذي ألقاه الأخير أمام الضريح في 14 شباط . لم يصمت الأول التزاماً بقرار تعليق العمل السياسي وحسب ، هو أراد أن يستمع الى الثاني الذي قرّر أن يُلقي مجتمعاً خطاباً هو الأكثر دويّاً منذ 14 شباط الأول.
في 23 كانون الثاني الماضي، أي قبل يوم من عزوفه، احتشدت الجموع أمام بيت الوسط داعيةً الحريري الى عدم العزوف عن التّرشح للإنتخايات، وفي 14 شباط تضاعفت الحشود أمام الضريح لمبايعته.
فور خروجه من صدمة "تعليق" العمل السياسي، قرأ جمهور سعد الحريري ما فعله الأخير، أفضل من كل الديبلوماسيين والمحلّلين وأجهزة المخابرات المحلية والخارجية. فنّد ما أعلنه سطراً سطراً وعبارةً عبارة، حتى إذا خانه النص استعان بلغة الجسد والصوت، ليتيقّن مرة جديدة أن سعد الحريري، مثلُه مثل كل اللبنانيين، ضحية، وأنه اختار أن يُشاطرً اللبنانيين مقاعد الضحايا بدلاً من مقاعد البرلمان.
أدرك الجمهور جيداً كيف تدور الجمهورية في حلقة مفرغة من العبث السياسي، وكيف أن السباق غير المسبوق على المقاعد وعلى القصر سوف يقود اللبنانيين الى واحدة من إثنتين : مواجهة تُدمّر ما تبقّى ، أو تسليم بوصاية بـ"الحلال" بعد أن حُصدت بـ"الحَرام"..، فقرّر أن يسبق الحريري الى ضريح والده ليُجدّد العقد مع الإثنين، الأب والإبن، وليُثبّت "حصر الإرث" الذي كان أنجزه العام 2005.
في 14 شباط 2022 طبّق جمهور سعد الحريري أول بند من خطاب العزوف، أي "تعليق العمل السياسي بمعناه التقليدي "، فألقى هو خطاب المناسبة .. والحريري استمع.
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.