كتب محمد القيسي:
"ليست حقيقة الانسان بما يظهره لك، بل بما لا يستطيع أن يظهره لك، لذلك إذا أردت أن تعرفه فلا تصغ الى ما يقوله بل إلى ما لايقوله."
- جبران خليل جبران عن الحياة…
تصريحات أمين عام تيار المستقبل البارحة في ساحة الشهداء في بيروت في الذكرى "١٧" لاستشهاد "دولة الوطن" الرئيس رفيق الحريري لموقع "انا والخبر"، والتي دعى فيها ألى كسر "التقليدية" السياسية بالمفهوم الشامل والعودة الى العمل بين الجماهير من اجل التغيير والتقدم المستمر واتخاذ الخطوة المطلوبة الاولى إلى الامام في هذه المرحلة المصيرية والوجودية.. نحن تيار جماهيري على مساحة الوطن يمتلك الحق في النزول إلى الشارع والدفاع عن حقوق و مصالح الجماهير المطلبية والوطنية المحقة التي لا يمكن ان تتحقق إلا في إطار امتلاك وعي ثقافي واجتماعي واقتصادي وسياسي يساعد على تحقيق أهداف المنظمات والنقابات والمؤسسات الجماهيرية المتمثلة في:
1) جعل الجماهير بصفة عامة والجماهير المعنية بصفة خاصة تمتلك وعيا حقوقيا وفق ما هو مدون في المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان الاقتصادية والاجتماعية والثقافية المدنية والسياسية.
2) جعلها تمتلك ثقافتها الحقيقية لتوظفها في مناهضة الثقافة المناقضة التي تعمل الجهات المتحكمة في المؤسسات الثقافية على إشاعتها. لان الثقافة الحقيقية هي ثقافة الحقيقة التي تجعل الجماهير المعنية تدرك دور الأفكار والقيم المستمدة من التراث الثقافي، ومن الواقع في جعل الجماهير تحافظ على هويتها الثقافية التي تنير طريقها في اتجاه إنتاج القيم الإنسانية النبيلة كوسيلة لمناهضة القيم السائدة في المجتمع.
3) جعلها تمتلك وعيا تربويا يؤهلها لاعداد الأجيال القادمة لتحمل مسؤولية العمل على صياغة تصور تربوي متجدد ومواكب لكل أشكال التطور الاقتصادي والاجتماعي والتفافي والسياسي في إطار النظام السياسي القائم.
4) جعلها تدرك مصالحها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية من اجل العمل على تحسين أوضاعها المادية والمعنوية عن طريق ممارسة الضغط على المسؤولين عن تردي الأوضاع المختلفة.
5) جعلها تدرك دور التنظيم في قيادة نضالاتها المطلبية، وتنتظم لهذه الغاية. والعلاقة القائمة بين الأهداف الحزبية والأهداف الجماهيرية هي علاقة الكل بالجزء، التي قد تكون علاقة تنافر او تجاذب.
كما يجب علينا الاعتقاد الراسخ ان الطبقات والشرائح الشعبية قاعدة كل حزب وقلبه النابض وخبزه وملحه اليومي.. وان التظاهر و الحراك و الانتفاضات و الثورات الشعبية – المطلبية – الوطنية روح كل حزب وطني يؤمن بالتغيير و التطور المستمر.. يجب علينا في هذه الظروف المفصلية – المصيرية –الوجودية الانتقال الواقعي و العملي و المنهجيي إلى "المعارضة الجماهيرية" وقيادة تلك المعارضة نظرا لحجمنا ودورنا وميراثنا التاريخي كأحد أهم الاحزاب الرئيسية الفاعلة في تاريخ لبنان الحديث.. العودة إلى كسر التقليدية الرثة والدعوة إلى ثورة تغيير حقيقية نحو النضال الجماهيري من اجل الوصول إلى دولة المواطنة والدستور العصري الحديث، وعصبها الذي يستند إلى شرعية شعبية وطنية والانتقال التدريجي والمنهجي والواقعي إلى عصر الحداثة في الشكل والمضمون، في الممارسة والتطبيق.. ومواكبة "الجيل الذكي" على قاعدة "النزعة الحداثوية"، نزعة الاهتمام بكل ما هو عصري وحديث في إعادة قراءة وكتابة المجتمع والتاريخ-تاريخ نضالات الحريرية السياسية التاريخية.. أو بالأحرى الخمسة عشر عاماً الأولى في بدايات الحريرية الوطنية التاريخية..
هذا ناهيك عن الاستثمار بالعقول الشابة والحقول المعرفية والخروج من "صندوق" التقليدية القاتلة إلى جماهيرنا إلى فضاءات المعرفة والتغيير والتطور المستمر في العمل المدني نحو بناء عقد اجتماعي جديد يخاطب الواقع الاجتماعي والمجتمعي على نهج "تراث" الحريرية الخدماتية الشعبية تاريخياً.. حيث إن يوم 17 تشرين الاول 2019 التاريخي رغم الشكوك "المبررة" في "مصداقيته" كشف النظام السياسي اللبناني الهزيل والدولة المأزومة، وكشف أزمة الجمهورية اللبنانية الهشة اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً في عصر المعلوماتية والذكاء الاصطناعي والجيوش الإلكترونية، وأطلق شرارة أكبر ثورة "إجتماعية" في تاريخ لبنان، والتي أخذت سفينة البلاد إلى مرحلة "نوعية" جديدة، ولكن ليس بالضرورة ان تكون "إيجابية" للأسف.. ورغم ذلك تبقى الثورة الإجتماعية التي "نعت" معظم برامج الأحزاب والمنظمات والتيارات والجمعيات اللبنانية، وأعلنت موتها السريري. ثورة الخطوة الاولى "افتراضياً" نحو جمهورية وقيامة دولة المواطنة والدستور العصري الحديث.
لقد حقق سعد الحريري بإستقالة الحكومة أحد أهم مطالب الثورة اللبنانية، كما طالب في ذلك الحين الجيش والقوى الأمنية كافة حماية الشعب في انتفاضته المطلبية المحقة رغم قناعة الرئيس الحريري إن هناك في الجانب المظلم من يقف خلف "الحراك".. ورغم ذلك أصبح "إصرار" الرئيس الحريري على قيام حكومة اختصاصيين و اصحاب كفاءة المدخل الواقعي و الطبيعي للخروج من نفق الازمة و احداث صدمة إيجابية على ان لا تقل فترة تلك الحكومة الانتقالية –المؤقتة مدة ستة اشهر، ولاتزيد عن سنة كما تذكرون ايها السيدات والسادة. وفي حال رفضت القوى السياسية الأخرى هذا الأمر، يصبح الهبوط الناعم لتيارنا في "مطار" الشعب أمر طبيعي وطليعي، ومتقدم على جميع الاحزاب والقوى السياسية في السلطة وخارجها.. كما يجب علينا ان نعي ضرورة ان نكون السباقين في طرح رؤية "تقدمية" عن حاجة الانتقال بالمجتمع و الدولة اللبنانية إلى مرحلة "الجمهورية الثالثة"..
الدولة التي تعتبر ان مفهوم المواطنة توجهاً دستورياً اجتماعياً و قانونياً و اقتصادياً وسياسياً. الدولة التي تساهم في تطور المجتمع اللبناني بشكل كبير بجانب الرقي بالدولة إلى المساواة و العدل، عن طريق تعزيزها لدور الديموقراطية والشفافية في بناء و تطور الدولة و ذلك بان يكون الشعب ..شعب المواطنين هو مصدر السلطات كلها، و ضمان حقوقهم وواجباتهم على مبدأ ترسيخ ثقافة المواطنة في الوعي الاجتماعي العام .. يجب علينا في هذه الأيام أيضاً إنتاج " ثقافة معارضة جماهيرية حداثوية " تنخرط و تقود نضال جماهيرنا المطلبية المحقة كما قال الأمين العام اليوم في ساحة الشهداء.. من تعليم، و طبابة وضمان صحي، و بيئة نظيفة و صحية، و تأمين الكهرباء، و المياه الصالحة للاستخدام الآدمي و المطابقة للشروط والمواصفات العالمية، و تأمين فرص العمل، و حماية العملة الوطنية، و اخراج الاقتصاد الوطني اللبناني من الدولرة والسمسرة والانهيارات المتراكمة نحو السقوط في جهنم عهد العونية السياسية وحلفائها.. نحو العودة إلى جماهيرنا كي نكتب لغة الناس ونقرأ لغة جماهيرنا على مبدأ وأخلاق الحريرية الوطنية.. أو بالمختصر المفيد.. المختصر الوطني.. على مبدأ الشهيد رفيق الحريري.. رفيق الوطنية.. رفيق الحرية.. رفيق الجماهير..!!!
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.