ربح الرئيس جو بايدن معركة كبيرة ضد روسيا والرئيس فلاديمير بوتين، بدون كلفة ولا خسائر مهمة في الحرب الأوكرانية الروسية . لكن الحرب بالكاد بدأت والمهم من يربح في الأخير. نجح بايدن في دفع أوروبا الى أتون الحرب بقيادة احد افشل رؤساء وزارة في بريطانيا بوريس جونسون والذي يحاول ان يكون ونستون تشرشل الحرب ، وكأن بوتين أشعلها لانه يحلم باستعادة الاتحاد السوفياتي او على الأقل الفضاء الروسي تحت ادارته …
الحرب في أوكرانيا حربان في حرب واحدة. حرب عسكرية ضد روسيا تشغلها وتنهكها كما الحرب الافغانية وتفصلها عن عمقها الاوروبي ، وحرب اقتصادية وسياسية ضد أوروبا سواء عبر الكلفة المالية والاقتصادية المنظورة والمباشرة على المديين القصير والطويل ، وهذه الحرب هي لضرب كل الأحلام الأوروبية بالاستقلال عن الولايات المتحدة الاميركية… وبذلك يتأكد للفرنسي قبل الالماني فكيف بالبلجيكي وغيره ان أوروبا كانت وستبقى قاطرة في "القطار "الاميركي . طبعا يبقى وهو الاهم بالنسبة لبايدن وواشنطن إنجاز هدف كبير وهو التفرغ بعد تحييد روسيا المبغوضة الى درجة العداء ل" التنين الصيني" .
الحرب التي تبدو وكأنها انفجرت مع الغارات والجيوش الزاحفة، وليس مثل بركان تشكل انفجاره بعد مخاضات متتابعة تبدو الوقائع التي تتأكد يوما بعد يوم ان فلاديمير بوتين قد ابلغ وأنذر اكثر من مرة وان الرئيس الاوكراني فلوديمير زيلنسكي كان يتبع التوجيهات الاميركية بدقة . ذلك انه " خلال الثلاثة اشهر الماضية فشلت كل الاتصالات الثنائية الروسية_الاميركية والأوروبية وضمن روسيا_الناتو في تحقيق اي تقدم على معاهدتين تعيدان التوازن الامني تمنع اي توسع للحلف شرقا " باختصار شديد العمل على اعادة "صياغة الأمن في أوروبا " . ولا شك ان الهدف من هذا التركيز على التفجير الحرب والتركيز على سقوط ضحايا مدنيين ( علما انه في اليوم الواحد من غزو العراق او لبنان كان يسقط اكثر ويتشتت الهاربون من الجحيم بعشرات آلاف دون مساعدات وتباكي ) … طبعا الهدف الكبير من كل هذا التصوير البشع عن واقع بشع، هو التركيز على ان بوتين هو ستالين جديد عندما غزا أوكرانيا تحت العلم الأحمر …
في الواقع فلاديمير بوتين ليس ملاكا ولا ستالين جديد ولا مجرد كولونيل في المخابرات قفز الى السلطة وهو يتابع قفزه ليؤكد جدارته … في تقرير صادر عن مركز فرنسي للدراسات الاستراتيجية وتحت بند سري للدفاع عام ٢٠١٠ يروي التقرير صعود بوتين من كلية الحقوق الى K G B فور تخرجه بعد ان تبناه أستاذه ولانه لمع بسرعة في الجهاز تم فرزه الى الفرع ١٢ المختص بالمخابرات الخارجية وهوالفرع الاكثر سرية والأكثر استراتيجية … عام ١٩٦٧ تسلم اندروبوف رئاسة الجهاز فاسرع بتحديثه ومن ذلك اختياره ١٢ ضابطا اطلق عليهم "أطفال اندروبوف" وكان بوتين بينهم وسرعان ما اثار انتباه اندروبوف وذلك خلال عملية تحديث الجهاز خصوصا في القسم الإلكتروني والمعلومات الاقتصادية والاتصالات العالية الدقة… وخلال هذه الفترة أرسل الى لايبزغ في ألمانيا الشرقية حيث كثف دراساته الاقتصادية وخصوصا التفكير الغربي والقانون السياسي الغربي … بعد توحيد ألمانيا عاد الى مدينته لينينغراد ( التي اصبحت سانت بترسبرغ ) حيث أخذ يصعد السلم درجة درجة وبتصميم وتوجد تفاصيل دقيقة حول ذلك … سيرة بوتين تؤكد انه يفكر ويخطط وينفذ … ليس بالتأكيد أنه يحقق النجاح في كل خطواته وقراراته خصوصا وان السلطة المطلقة تغري وتدفع في احيان كثيرة الى ارتكاب اخطاء وحتى معاصي … رغم ذلك فالفارق كبير بين بوتين والرئيس الأوكراني زيلنسكي القادم دون تحضير من المسرح الكوميدي التلفزيوني الى السلطة في ظرف استثنائي مفاجئ جدا . وقد واظب منذ الأسابيع القليلة من ترؤسه لأوكرانيا انحيازا سريعا لواشنطن … واذا ما صحت والارجح انها صحيحة من حيث الوجود وليس العدد ما يتعلق بمختبرات الأسلحة الجرثومية الاميركية وغيرها فان ترجمة ميدانية بمدى ذهابه بعيدا في تبعيته لواشنطن حتى على حساب امن أوكرانيا بكل ما يعني ذلك تهديدا مباشرا لروسيا خصوصا وان موسكو تقول رغم النفي الاميركي ان المختبرات قريبة من حدودها … واذا ما اثبتت موسكو وجود مركز واحد بالصورة فان تطورات مهمة بالمواقف ستقع …
هذه الحرب لن تنتهي ولو احتل الجيش الروسي كييف ، بالعكس ستزداد اشتعالا باسم المقاومة الاوكرانية وانضمام عدة آلاف اليها من أوروبا ، ايضا وهو مهم جدا ؛هذه الحرب حربان في حرب واحدة ، واحدة عسكرية والثانية وهي الأطول اقتصادية لفكفكفة أوصال روسيا الحالية وروسيا" الحلم البوتيني "، وهي الاصعب والاخطر والتي ستطال كل العالم ويصبح ارتفاع الأسعار والتضخم "تسونامي "غير مسبوق … عالم ونظام دولية جديد سيقوم من تحت رماد هذه الحرب والويل لدول كثيرة ومنها نحن في الشرق من نتائجها ومن ضياعنا اقتصاديا وسياسيا … تكفي حاليا نظرة واحدة إلى "القفزة الأردوغانية " باتجاه إسرائيل لإدراك كيفية العمل على اقتناص المسارات الجديدة للعالم الجديد
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.