أشارت "النهار" الى ان من المفارقات اللافتة ان تبرز ظاهرة سياسية تمثلت في انه فيما كانت الحلقات الجديدة من المواجهة القضائية المصرفية تشهد تصعيدا مقلقا وتضع البلاد امام عاصفة غامضة العواقب والتداعيات، كان اكبر مرجعين مارونيين سياسي وديني يقومان بزيارتين بارزتين لكل من الفاتيكان ومصر. فالبابا فرنسيس استقبل امس رئيس الجمهورية ميشال عون وابلغه انه مطلع بأسى على ما آلت اليه الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية الصعبة فيه، وعزمه زيارة لبنان قريبا لاحياء الرجاء فيه، في حين كان شيخ الازهر احمد الطيب يستقبل البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي وبعده التقى الراعي أيضا الامين العام لجامعة الدول العربية احمد ابو الغيط .
من جهتها، اعتبرت "الانباء الالكترونية" ان لبنان تلقّى جرعة دعم بابوية وعربية. تمثّلت الأولى بإعلان البابا فرنسيس تصميمه على زيارة لبنان، وسعيه الدائم من أجل الحفاظ على هذا الوطن، وإعادة إحياء الرجاء فيه، وأن يكون لبنان لجميع أبنائه المسيحيين والمسلمين، وأنّه يجب أن لا يتخلّى عن قيَم الأصالة القائمة على الاحترام.
أمّا جرعة الدعم الثانية فقد جاءت من جمهورية مصر العربية أثناء زيارة البطريرك الراعي، لمصر ولقاءاته مع الرئيس عبد الفتاح السيسي، والأمين العام لجامعة الدول العربية، وشيخ الأزهر.
وفي هذا السياق، لفت الوزير السابق سجعان القزي، عبر "الأنباء" الإلكترونية إلى أنّ زيارة الراعي إلى مصر لم تكن سياسية في الأساس، بل زيارة رعوية للمؤسّسات المارونية في مصر، لأنّ الموارنة لديهم أبرشية في مصر، ومطران، وأديرة، وكنائس، ومؤسّسات تعمل ضمن المجتمع المصري، مشيراً إلى أنّ الدولة المصرية أحبّت أن تكرّم الراعي على الدور الوطني الذي يقوم به، وكممثلٍ للحالة المسيحية والدور المسيحي الكبير، لذلك كان استقبال الرئيس السيسي له، كما شيخ الأزهر، وأمين عام جامعة الدول العربية، وبالتالي "هذه الزيارة مزجت بين الرعوية والسياسية، فالاجتماع مع السيسي كان ناجحاً، ولا يوجد خلاف بين مصر والبطريركية المارونية لأنّ لديهما ذات النظرة، وذات الفهم، وذات المقاربة للحلول".
ولفت القزي إلى أنّ، "الراعي كان مرتاحاً حيال الموقف المباشر للسيسي حول الحياد، وضرورة تحرّك المجتمع الدولي تجاه حياد لبنان، والتشديد الذي سمعه من السيسي أنّه على اللبنانيين أن يلاقوا المجتمع الدولي إلى منتصف الطريق إذا كانوا فعلاً يريدون تحييد بلدهم عن الصراعات الدائرة من حوله".
أما "نداء الوطن" فلفتت إلى أن البطريرك الراعي شدد من مصر على العمق العربي للبنان وهويته، محذراً من مغبة تركه "منعزلاً"، وقد جسد ذلك من خلال زيارته التاريخية لجامعة الدول العربية حيث لاقى دعماً واستحساناً لطرحه "الحياد اللبناني"، فضلاً عن لقائه شيخ الأزهر إعلاءً لقيم "الأخوة الإنسانية" في مقابل نبذ "التوترات والصراعات والحروب والعنف والتطرف"... أما زيارة الرئيس عون إلى الفاتيكان، فأدرجتها قوى 8 آذار ووسائل إعلامها ضمن أجندة "التحريض" على طروحات بكركي السيادية والحيادية، لصالح "تلميع" صورة "حزب الله" والتسويق لطروحات مسيحيي الثامن من آذار في الحاضرة الفاتيكانية، حسبما لفتت مصادر سياسية معارضة في معرض تقييمها لأهداف الزيارة، وأضافت: "يكفي أن يصف إعلام "حزب الله" زيارة عون إلى الفاتيكان بأنها تصب في خانة انتعاش آمال مسيحيي 8 آذار في الاستحقاق الرئاسي المقبل باعتبار أنّ الفاتيكان ناخب أساسي في هذا الاستحقاق، لتتضح الأهداف الحقيقية من ورائها بعيداً عن كل ما كتب في "أطروحة" البيانات الرئاسية حول الزيارة".
وبخلاف ما جاء في بيانات قصر بعبدا المطوّلة حول مجريات اللقاء الذي عقده عون مع البابا فرنسيس، كان بيان الكرسي الرسولي واضحاً ومقتضباً، بحيث أضاء على "المشاكل الاقتصادية والاجتماعية الكبيرة التي يعاني منها لبنان"، مبدياً الأمل في أن "تساهم المساعدات الدولية إضافةً إلى الانتخابات النيابية المقبلة والإصلاحات الضرورية في تمتين علاقات العيش المشترك السلمية بين مختلف المكونات الطائفية في بلاد الأرز"، ليختم البيان برسالة بالغة الدلالة تؤكد الموقف البابوي إزاء "النتائج الكارثية لانفجار مرفأ بيروت في 4 آب 2020" من خلال التشديد على "وجوب تحقيق العدالة والتوصل الى معرفة الحقيقة التي يطالب بها أهالي الضحايا".
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.