يعتبر الحفاظ على الأمن الغذائي، لا سيما على الرغيف، أحد المواضيع الشائكة منذ اندلاع الحرب الروسية-الأوكرانية، خصوصاً وأن هذين البلدين يشكّلان المصدر الأساسي للاستيراد اللبناني. وفي حين تبحث الحكومة عن مصادر بديلة لتأمين القمح، من الجدير طرح سؤال عن سبب عدم تحويل الأموال المخصصة للاستيراد لدعم الإنتاج المحلي من القمح ما يسمح بتحقيق الاكتفاء الذاتي، وتطوير القطاع وعدم إخراج العملة الصعبة من البلد.
رئيس جمعية المزارعين اللبنانيين أنطوان الحويك يوضح لـ "المركزية" أن "السعر العالمي دائماً أدنى من السعر التشجيعي الداخلي الذي يسمح لمزراعي القمح بمواصلة نشاطهم"، مشيراً إلى أن "يمكن زيادة الإنتاج المحلي عن طريق إجراء واحد هو عودة وزارة الاقتصاد والتجارة إلى شراء القمح من المزارعين بطريقة الاستلام السابقة نفسها إنما مع تسهيلات أكثر، أي:
- أوّلاً، تبلّغ الوزارة أنها ستستلم بسعر تشجيعي يزيد مئتي دولار عن السعر العالمي فمثلاً إذا كان بـ 400$، تحدد الوزارة سعر الشراء بـ 600$ أو ما يعادله بالليرة اللبنانية حسب سعر الصرف في السوق السوداء، وليس سعر المنصة أو غيرها... على أن يتم هذا الإعلان باكراً أي في تموز أو آب. وبهذه الطريقة يؤمن الاكتفاء الذاتي والدعم للمزارعين.
- ثانياً، يجب اعتماد تسهيلات في الاستلام والقبض لأن وزارة المال كانت تكرّه المزارع بزراعة القمح بسبب التأخير الكبير في تسديد مستحقاته".
ويؤكّد الحويك أن "وفور اتخاذ هذه الإجراءات، تصبح ثلث المساحات الزراعية في السهول والجبال مزروعة بالقمح. بالتالي، يصل الإنتاج إلى 600 ألف دونم تقريباً اي ما يوازي الـ250 ألف طن ما يعني تأمين نصف الاستهلاك المحلي".
ويشرح أن "هذه الآلية بدعم الشراء عليها أن تحدد سعر أعلى من السعر العالمي، لأن من دون سعر تشجيعي يتّجه المزارع إلى بيع محصوله في السوق العالمي إن كان مرتفعا، لذا على الدولة أن تغريه كي يبيعها وكي تشجّع كل من يمتلك مساحة صالحة على زرع القمح".
ويلفت الحويك إلى أن "إنتاج القمح في لبنان أغلى من البلدان الموردة مثل أوكرانيا وروسيا إذ توجد فيها أراض شاسعة من السهول الخصبة وكلفة الأراضي متدنية، إضافةً إلى هطول الأمطار باستمرارية في هذه البلدان ما يغنيها عن الري أما في لبنان فالأراضي بحاجة إلى ماء، هذا إلى جانب استخدام المكننة... هذه العوامل تجعل إنتاجها يفوق الإنتاج المحلي بأشواط، ويمكنها بيعه بسعر منخفض، أما في لبنان فالمياه غير مجانية، كذلك كلفة الأرض واليد العاملة مرتفعة جداً، خصوصاً وان العملية الزراعية غير ممكننة بقوّة".
ويشدد على أن "الأمن الغذائي يستحق دعم الدولة، فدُعمت السلع الغذائية بـ 20 مليون دولار من دون إفادة بل تم استغلالها من فئات محدودة، وعلى الأقل دفع المصرف المركزي ملياري دولار لدعم استقرار الليرة، بالتالي لن تخسر الدولة إن خصصت 50 مليون دولار لتحقيق الاكتفاء الذاتي عبر تأمين نصف الاستهلاك المحلي".
أما النسبة إلى الأملاك المصادرة على نهر الليطاني، والتي يقال أن يمكن للدولة زرعها بالقمح بعد استعادتها، فيرى الحويك أن "كلّها لا توازي 200 أو 600 دونم ولنقل 1000 حتى، في حين نتحدث عن 600 ألف دونم، لذا هذه مجرّد دعاية من الدولة على اعتبار أن إنتاج لبنان كان أكثر لولا المصادرة، وفي الواقع من اختصاص المسؤولين رفع هذه المصادرة".
وفي ما خصّ نوعية القمح اللبناني ومدى صلاحيته لإنتاج الخبز، يقول "عقدة إنتاج لبنان القمح القاسي لا الطري منسوفة من خلال التجرية. ففي حرب تموز تم شراء قمح عكار وأرسل إلى طرابلس للطحن ووُزّرع على الأفران ولم نسمع اي شكوى بأن نوعيته أسوأ من القمح الطري المستورد وأنتج الرغيف بشكل طبيعي. كذلك، مصلحة الأبحاث الزراعية هي من يوجّه الزراعة كونها تؤمن البذور للمزارعين اي أن الموضوع في يد الدولة من الأساس، وبما انها تديره يمكنها بسهولة التحوّل إلى شراء القمح الطري، وإذا كان هناك من تقصير فتتحمل مسؤوليته وزارتا الزراعة والاقتصاد ومصلحة الأبحاث. ويتم التحجج بأن تأمين البذور يحتاج ثلاث سنوات، إلا أن يمكن ببساطة استيراد النقص حسب الكميات المتوافرة محلياً وتوزيعها على المزارعين".
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.