جورج بكاسيني

22 نيسان 2022 | 13:42

أخبار لبنان

انتخابات .. "بيّي أقوى من بيّك"!!

انتخابات ..

كتب جورج بكاسيني‏




يكفي أي مواطن أن يتنقّل بين منطقتين أو أكثر لكي يكتشف المآل الذي ينتظر ‏

الجمهورية في 15 أيار المقبل وما بعد بعد .. هذا التاريخ. ‏

زحمة اللافتات التي تُزنّر الأوتوسترادات من الجانبين وتكاد تفوق عدد المباني، ‏تشي بانهيار أكبر على الأبواب نتيجة البون الشاسع بين ما كُتِب عليها وبين ما ‏يمكن تحقيقه، كما لو أن قدر اللبنانيين البقاء في النفق الذي أوصلهم الى ما هم فيه.‏

يكفي أن تتّجه جنوباً أو بقاعاً حتى تُصدم عيناك بشعار خشبي وممجوج ومكرّر ‏عمره لا يقلّ عن ثلاثين عاماً: "نحمي ونبني".‏

وواقع الحال أن اللبنانيين دفعوا غالياً ثمن المساكنة بين شعاري "هونغ كونغ" ‏و"هانوي". فكيف يستمر الجمع بين خطين متوازيين لا يلتقيان، رغم أن هذا ‏الشعار هو السائد والمطبَّق خلافاً للطبيعة.‏

وإذا إتَّجَهت شمالاً وجبلاً تُعاين كمَّاً من الشعارات لا يمكن تحقيق أي منها، رغم أن ‏بعضها هو الأكثر ملاءمة للواقع اللبناني.‏

فشعارات "نحنا فينا نسترد السيادة ... ونضوِّي الكهربا ... ونوقِّف التهريب ... ‏والفساد ..." إلخ ، تلامس معضلات لبنان الأساسية، لكنها عصيَّة على التطبيق في ‏ظل موازين القوى غير المرشَّحة للتبدُّل في 15 أيار العتيد، ما يجعلها أقرب إلى ‏الشعبوية المتفشِّية في هذا الزمن على إمتداد الكوكب. فيما يُصدم المارة بشعار همّه ‏‏"غريزة بقاء" التيَّار الذي يرفعه بعيداً عن أولوية "بقاء" الجمهورية: "كنا .. ورح ‏نبقى".‏

ولأن لكل إنتخابات "نجومها" أو "نكهاتها" الخاصة التي يجري التداول بـ"قفشاتها" ‏على كل شفة ولسان، نجح المرشَّح عن المقعد السني في طرابلس، عمر حرفوش، ‏في أن يتقدَّم صفوف هؤلاء، وأن يمثِّل المرتبة الأولى في إختزال صورة هذا ‏الإستحقاق على نحو كاريكاتوري يشبه صاحبه والكثيرين من أمثاله الزاحفين إلى ‏السلطة من موقع "التغيير"، واثقاً من نفسه بأنه سيصبح رئيساً للحكومة "وإن لم ‏أنجح في الإستحقاق النيابي".‏

أما إذا إتجهت إلى بيروت، العاصمة، فحدِّث ولا حرج، حيث تبلغ الشعبوية ذروتها ‏مع شعار "بيروت تواجه"، الذي يتقاطع مع شعارات مماثلة في محافظتيّ جبل ‏لبنان والشمال.‏

ليس في الشعار المذكور إنكار للواقع وموازين القوى، هو شبيه بإنكار العهد ‏و"حزب الله" لأسباب الإنهيار الإقتصادي وحسب وإنَّما فيه الكثير من التضليل ‏لذاكرة اللبنانيين، وفي مقدّمهم أهل بيروت، الذين لم ينسوا أن عرّاب لائحة ‏‏"بيروت تواجه" كان الأكثر "توجُّساً" من مواجهة "حزب الله" عشية 7 أيار، ‏وتحديداً في جلسة 5 أيار التي كانت برئاسته في السراي الحكومي. وأن رئيس ‏اللائحة المذكورة كان متضامناً معه بخلاف رأي االرئيس سعد الحريري الذي أصرّ ‏والنائب السابق وليد جنبلاط على المواجهة. ‏

هذه حقائق تاريخية لا يمحوها "مرور الزمن"، توّجَها سعد الحريري برفض ‏الخروج من العاصمة رغم القذائف التي انهالت فوق رأسه في قصر قريطم، ورغم ‏العروض العربية التي تلقّاها لمغادرة العاصمة "آمناً" ، إصراراً منه على البقاء مع ‏أهل بيروت. فعن أي "مواجهة" يتحدَّث بعضهم وقد ترك مقعداً شيعياً فارغاً في ‏لائحته ليتنعَّم به "حزب الله" من دون أي منافسة؟ إلاّ إذا كان المقصود "مواجهة" ‏الحريري، كما هو حال لوائح أخرى على إمتداد الجمهورية .. وهو خارج السباق ‏الإنتخابي.‏

مشهدية الشعارات الإنتخابية لإستحقاق 15 أيار تنطق بأمرين : شعارات خشبية لا ‏تُخرِج لبنان من المأزق الذي هو فيه رغم أنها الوحيدة القابلة للتطبيق بفعل ميزان ‏القوى السائد، وأخرى غير قابلة للصرف لأنّها لا تحدّد بالضبط كيفية تطبيقها ‏‏(كيف؟)، كما لم تحدّد كيفية العبور الى النور وسط التناقضات اللبنانية المعروفة ‏وثقافة المحاصصة (بحجّة الشراكة) والطائفية (بحجّة الحقوق) المدمّرة لكل إنجاز ‏أو علاج. ‏

كان الأجدى بالمرشّحين وبالأحزاب المشاركة في استحقاق 15 أيار رفع شعارات ‏يمكن تحقيقها، وتحديد مهل زمنية لذلك، تماماً كما جرى مع برنامج "سيدر" في ‏‏2018، الذي تواطأ معظم المشاركين في الإنتخابات اليوم على إجهاضه .. وصولاً ‏الى الانهيار. ‏

وللبحث تتمّة في 16 أيار. ‏

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

جورج بكاسيني

22 نيسان 2022 13:42