لا يقوى أي زائر للإمارات العربية المتحدة على تجاوز شعورين إثنين يلازمانه في كل محطة يصل إليها : الدهشة إزاء التقدّم المتسارع في كل ما تراه عيناه ، والإعتزاز بتجربة عربية نوعية تستحقّ رتبة " أسطورة" هذا القرن .
منذ أن تطأ قدماك أرض مطار أبو ظبي الدولي يغمرك فائضُ من الأمل بمستقبل عربي لا تحدّه جغرافيا أو شعارات خشبية أعادت العرب قروناً الى الوراء. تشعر أن ثمة جديداً مستداماً بعيدُ تماماً عن الرتابة والروتين الذي أصاب عواصم دول عظمى .
أما ناطحات السحاب التي تزنّر الإمارات من كل حدب وصوب فتبدو كما لو أنها شكّلت المحطة الأولى استعداداً للإقتراب من المرّيخ ، الذي وصله " مسبار الأمل " يوم التاسع من فبراير ٢٠٢١ ، ووصلت معه الإمارات الى المرتبة الخامسة بين دول العالم التي تمكّنت من بلوغ الكوكب الأحمر .
لا يصدّق الزائر أن البلد المقصود عمره خمسون عاماً فقط ، وقد أصبح نموذجاً يُحتذى به من دول راسخة في التاريخ ، وقبلةّ لملايين السوّاح الوافدين من عواصم السياحة في العالم ، وفوق هذا وذاك مقصداً للمستثمرين العرب والأجانب ، حتى إذا أتيحت فرصة " الإقامة الذهبية " في هذه البقعة من العالم تسابق الأقربون والأبعدون من أجل ضمان مرقد أمان في الإمارات .
من رجل الأعمال وصولاً الى المهندس أو الطبيب مروراً بسائق "التاكسي "، ينتشي الإماراتيون ، ومعهم المقيمون ، بما آلت إليه أحوال الإمارات، وقد ملأت الدنيا وشغلت الناس بالإنجاز تلوَ الإنجاز ، وآخر العنقود " إكسبو دبي " الذي جَمع تحت قبّة واحدة أكبر تظاهرة دولية ( ١٩٢ دولة ) وملايين الزوّار ( ٢٢ مليون زائر ) في أوج جائحة كورونا ، ليكسر الرقم القياسي لزوار معارض سابقة ويفوقها بمئات آلاف الزوّار .
ما السرّ ؟ تسأل وأنت تتنقّل بين محطة وأخرى . فيأتي الجواب : الشيخ محمد بن زايد . هو سرّ قصة النجاح هذه ، بوصفه مهندس الفضاءات الجيو سياسية وجيو اقتصادية للإمارات ، وراعي الإبداعات المتناسلة التي تسابق سرعة الضوء . بَرع في البناء على إنجازات المؤسّس الشيخ زايد وخلفه الشيخ خليفة ، رحمهما الله ، وفي صقل التجربة وتسريع وتيرتها لتصبح أكثر نبضاً ولمعاناً .
عبارته الشهيرة " لا تشيلون همّ " ما زال الإماراتيون يردّدونها منذ أن أطلقها في ذروة جائحة كورونا ، ليعيد الطمأنينة الى قلوبهم وقد حاصرهم قلق وجودي انتاب البشرية جمعاء ، ولتصبح الإمارات في مقدمة دول المواجهة مع وباء العصر . وما زال الإماراتيون " لا يشيلون همّ " وسط إصرار محمد بن زايد على تحييد بلاده وشعبه عن الأوبئة السياسية التي تضرب المنطقة والعالم ، معتمداً على حكومات " ذكيّة " وسياسات أكثر ذكاءً حوّلت الإمارات الى " سنغافورة الشرق" .
إمارات محمد بن زايد بقعة من ضوء وسط الظلام الدامس الناجم عن حروب صغيرة وكبيرة تحاصر الكوكب من كل حدب وصوب . إمارات منتجة للنفط والمعرفة في آن ، وبوليصة تأمين لأجيال لم تولد بعد .
خمسينية الإمارات الأولى طبعها السلف بأحرف من ذهب ، والخمسينية الثانية دشّنها الخلف بأحرف من أمل وثقة بالمستقبل .
" لا تشيلون همّ ".
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.