جريدة النهار/اوكسيجين - مازن عبّود
"الاقتصاد السياسي في لبنان في الجمود، والقادة السياسيون لا يقومون بالإصلاحات الاقتصادية اللازمة مخافة ان تتقوّض سلطتهم. معظم التحليلات التي نشرت عن لبنان تتضمن اشارات الى مشاكل مثل الفساد والتدهور المؤسسي، لكن لا تتطرق غالبا الى ادوار الاطراف الخارجية التي لا ترى سببا للتدخل الفعّال لتغيير الوضع الراهن المختل". عادل مالك وجمال ابراهيم حيدر .
د. عادل ود. جمال اكاديميان لبنانييان في كبريات جامعات اميركا لا اعرفهما شخصيا لكنّ مقالتهما "كيف تتمكن القوى الخارجية من كسر الجمود في لبنان" (Project Syndicate, June 2022) تكلمت عني. وقد اعتبرا بأنّ الوسائل المالية الخارجية وحدها قادرة على احداث التغيير عندنا، وهذا صحيح. اقتراحا تطبيق قوانين الدول التي اقرضت او وهبت لبنان الاموال والاستفاذة من نفوذها لمساءلة من يلزم للكشف عن الثروات المنهوبة. فرصد السويفت حتما يلزم لتحديد حركة الاموال وانتقالها عبر الحدود، كما سجلات الملكية ومعلومات النظام المصرفي الغربي. نعم انّ الارضية القانونية للدول المعنية تسمح لها بذلك في حال رغبت بفرض تدابير عقابية لا تستثني احدا، وليس فقط في وجه من يعارض مصالحها. لكن هل ترغب بذلك؟
فوفق ما كتبا. امريكا تستثمر لضمان مناخات تتماشى مع مصالحها بخصوص المفاوضات الجارية لترسيم الحدود البحرية ولكن ايضا بخصوص النازحين وسلاح الحزب وحق العودة والسلام مع اسرائيل. ودول الاتحاد الأوروبي قلقة من توجه لبنان شرقا. والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ممتعضتين من انحياز السياسة الخارجية للبنان لمصلحة إيران. وقد اعتبرا بأنّ هذه المصالح الاستراتيجية تمنع الدول من اتخاذ تدابير مكافحة الفساد. فالعقوبات الدولية تطال الخصوم وليس الحلفاء.
البلد في سقوط اخلاقي. والقلة الحاكمة اعتقدت بأنّ في مقدورهم التحايل على للحصول على مساعدات الى الابد لتمويل الهدر والجيوب والمحسوبيات دون اصلاحات. والغرب كان يعلم ويستثمر في الشهية لمصلحته. ذهب مرةّ "ابا عكر الدوماني" الى اصفهان في عزّها الخمسينات، فوجد كلبا يأكل في صحن أثري امام حانوت. فارتفعت معدلات الأدرنالين عنده لتملك الصحن بابخس الاسعار. اشترى الكلب بسعر خيالي علّه يحظى بالصحن. ولما طالب بالكلب والصحن، تفاجئ برفض التاجر العتيق الذي ابلغه بأنه لولا الصحن لما كان يبيع كلّ هذه الكلاب بهذه المعدلات الخيالية من الاسعار. "ابو عكر" اعتقد بأنه "يدوّخ العالم" وقد داخ، فوقع يومها.
الا انّ الغربيين لم يفلحوا بفهم الدينامية اللبنانية كثيرا. فمضيعة الوقت التي حصلت في الملف النفطي اكبر دليل على ذلك. نعمّ لقد تمكنت الإدارة الامريكية من احداث خرق في الانتخابات، لكنه غير كاف لتحقيق انقلاب في الخارطة السياسية يتوافق مع ما هي مهتمة به. عدم لجم الجمود في مواجهة الانهيار يضعف الغرب ويؤدي الى استنزاف ما تبقى من شريحة تسائل وتحاسب. مما يعني سقوط الليبيرالية الاقتصادية والديمقراطية وانحياز البلد وخسارة الغرب. فيتكبد حوض المتوسط والقارة العجوز اثمان كبرى جراء تصدعات لبنان وفشله. فتتزايد وتيرة مراكب الموت وشحنات الكبتاغون والارهاب. كسر الجمود في مواجهة الانهيار هدف استراتيجي. من هنا ضرورة استعمال الحوكمة الدولية لتطويع القلة لانقاذ السلم. اعربت "افلين" عن خوفها على الحي وحزنها جراء انحراف "زوزو" واولاده عن المسار المستقيم، ذرفت الدموع. نددت بالفقر والعوز. الا انّ الفقر والانحراف لا يعالجا بالتنميات والعواطف الذابلة بل بالفعل. أكلاف الجمود والاستثمار الآني لا تحتمل، وهنا لبّ القصة...
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.