جورج بكاسيني

27 حزيران 2022 | 19:15

أخبار لبنان

هل علّقت "القوات "عملها السياسي؟



كتب جورج بكاسيني




كل المؤشّرات التي رافقت خطاب " القوات اللبنانية" منذ ثورة ١٧ تشرين ، أنبأت بحضور أكبر لها في العملية السياسية التي ستلي الانتخابات النيابية ، التي مهّدت لها بحملة غير مسبوقة بدت كما لو أنها فاصل بين زمنين ، أو على الأقلّ بين "الحق "و"الباطل" .

هي تقذّمت على الثوار بشعار " الانتخابات النيابية المبكرة" ، مستعينة بكل ديمقراطيات الكوكب للتدليل على أهمية هذا الإستحقاق و"مفصليته". كما رسمت صورة لبنان "الجديد" من خلال أكبر رزمة شعارات طالت كل نواحي السيادة والاقتصاد والإجتماع ، وتوّجتها بعنوان "نحنا فينا" من أجل مزيد من التوكيد على ما تريد .

لكن بمجرّد خسارة الأساس الذي ارتكزت عليه " القوات" ، أي الأكثرية النيابية الموعودة ، انتقلت مباشرة الى مربّع الإنكفاء عن المشاركة في العملية السياسية . وعادت لتقدّم نفسها بوصفها " معارضة" ، لا بل "أكبر كتلة معارضة" في المجلس .

رفضت بدايةً تسمية رئيس لمجلس النواب ، مستعينةً بأعذار وذرائع تجاهلت تماماً خطاب ما قبل الإنتخابات النيابية . ثم رفضت تسمية رئيس للحكومة خلال الإستشارات النيابية الملزمة لتتوّجه اليوم ، خلال الإستشارات النيابية غير الملزمة ، برفض مماثل للمشاركة في الحكومة .

أما الذريعة الجديدة لرفض تسمية هذا وذاك فكانت هذه المرّة الرهان على الإنتخابات الرئاسية .

ماذا يعني هذا المسار سوى " تعليق" القوات عملها السياسي ؟ هل ثمة إسم آخر لهذه النتيجة ؟ وكيف يكون تعليق العمل السياسي إذا لم يكن على قياس أجندة معراب ؟ هل هذا اعتراف بالعجز عن إحداث أي تغيير في المسار السياسي ؟ أم مراجعة سريعة أعادت هذا الحزب الى أرض الواقع بعد أن حلّق بعيداً في فضاء الأحلام والأوهام ؟ أم قراءة في مستجدّات الإقليم دفعه الى الإنكفاء؟

الحقيقة أن متتبّعي الخط السياسي البياني ل" القوات اللبنانية" منذ عقود من الزمن يدركون تماماً أن الأسئلة المشار إليها لا تفي بواقع الحال . كما يدركون أن الشعارات التي أطلقتها " القوات" والتي انطلت على شريحة من الرأي العام اللبناني من جهة ، وعلى دول عربية وأجنبية من جهة ثانية ، كانت مجرّد غطاء ( أو تمويه) لهدف آخر هو باختصار التقدّم على التيار "الوطني الحرّ" شعبياً من خلال الإستحقاق النيابي لا أكثر ولا أقل .

ولعلّ أبرز تعبير عن هذه الحقيقة ما سُرّب بفيديو بصوت النائب ستريدا جعجع وصورتها ، عندما قالت لزوجها الدكتور سمير جعجع ليلة صدور نتائج الإنتخابات : " مبروك يا تقبرني .. بعد تلاتين سنة "، وكانت بذلك تهنئ زوجها على التقدّم على التيار الوطني الحرّ (بنائب واحد ) للمرّة الأولى منذ اندلاع الصراع بين الجانبين .

عبارة ستريدا اختصرت هاجس سمير المزمن ، وقد تحوّل الى هدف لا يتقدّم عليه أي هدف آخر ، بما في ذلك السيادة والاستقلال ونزع سلاح "حزب الله" .

هذا هو التفسير الدقيق لانكفاء "القوات" عن المشاركة في العملية السياسية التي طالما كانت في مقدمة الساعين إليها . أن تتقدّم شعبية " القوات" على شعبية "التيار" هي البداية والنهاية ، وقد أدّت قسطها للعلى .

لكل طائفة في لبنان " نصرها الإلهي" . هذا هو نصر الموارنة " الإلهي" .. وكل إستقلال واللبنانيون بخير.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

جورج بكاسيني

27 حزيران 2022 19:15