إن إيجاد حل لقطاع الكهرباء هو أمر ملحّ وضروري، ومن أسباب الضرورة الوقع الإيجابي على الاقتصاد والمواطن والخزينة إذا تأمّنت الكهرباء على مدار الساعة بكلفة متدنية على الدولة والمواطن، إذ إن حل معضلة قطاع الكهرباء هو أحد المداخل الأساسية لحل مشكلة العجز. فدعم قطاع الكهرباء من الدولة يسبب بدين تراكمي يفوق 45 في المئة من نسبة الدين العام وعلى مدى عقود، وفي السنة الأخيرة فقط، فاق الدعم 2.500 مليار ليرة وما زال القطاع في حاجة الى المزيد. حزب القوات اللبنانية وفي إطار سلسلة ورش عمل نظمها بالتعاون مع مؤسسة «كونراد آديناور»، و«مركز الشرق الأوسط للأبحاث والدراسات الاستراتيجية»، في شأن التحديات الاقتصادية والمالية تحت عنوان «القوات في مواجهة التحديات»، نظمت ورشة عمل حول قطاع الكهرباء في لبنان تحت عنوان «الحلول العملية لقطاع الكهرباء في لبنان» وقد نتج عن الورشة ورقة تفنّد واقع قطاع الكهرباء وتحدياته وتطرح حلولاً للأزمة.
الأثر المالي
يعتبر قطاع الكهرباء خدمة أساسية تحمل اثراً اقتصادياً ومالياً كبيراً بحسب دراسة لوزارة الصناعة وردت في تقرير ماكينزي الذي نشر في العام 2018، يعتبر القطاع الصناعي إن نوعية واستمرارية خدمة الكهرباء هي من أهم المشاكل التي يعاني منها القطاع (37%من المشاركين في إحصاء وزارة الصناعة) فيما المشكلة الثانية للقطاع فتتمثل في كلفة الكهرباء المرتفعة (12% من المشاركين في الإحصاء).
راكم قطاع الكهرباء ديوناً على الدولة بسبب العجز المزمن فاق: 45% من الدخل القومي، 40% من عجز الموازنة، 25% من عجز الميزان التجاري نتيجة كلفة الـ «فيول اويل». أدّى تراكم العجز الى عواقب مالية واقتصادية حتى أصبح تصنيف لبنان في المراتب الثلاثة الأخيرة في العالم من حيث تأمين خدمة الكهرباء بحسب منتدى الاقتصاد العالمي وبحسب تقرير ماكينزي، بحيث يحتل لبنان المرتبة 134 من أصل 137 دولة.
يعود التراكم في الخسائر الى عاملين أساسيين:
- الهدر التقني وغير التقني الذي يصل الى 51% من الانتاج (34% بحسب مؤسسة كهرباء لبنان).
- دعم فرق التعرفة:
فيما يصل حجم العجز في الانتاج الى 60% تقريباً من الحاجة الكلية (2200 ميغاوات مؤمنة فقط من طلب يصل الى 3500 ميغاوات بعجز 1300 ميغاوات)، وصلت الكلفة الإجمالية للقطاع في العام 2017 الى 2.4 مليار دولار اميركي إستناداً الى تقرير ماكينزي، وتم تحصيل 900 مليون دولار منها فقط، أي 39% من الكلفة الإجمالية، مما استوجب دعماً مالياً بنسبة 1.5 مليار دولار تقريباً، تتوزع على عدة مكامن من الهدر.
الهدر ومسبباته
يتوزع الهدر على عدة مكامن منها الهدر التقني على الشبكة والهدر في فعالية الانتاج والهدر غير التقني.
- الهدر التقني: يقدّر بين 200 الى 350 مليون دولار:
يقدّر هذا الهدر بنحو 10% (استنادا الى أرقام البنك الدولي عام 2014) و15% في 2016 بحسب مؤسسة كهرباء لبنان في تقريرها الصادر 2018. وقدّر تقرير ماكينزي الصادر عام 2018 ان الهدر التقني على الشبكة يقارب 200 مليون دولار أميركي لكن التقديرات المبنية على 15% من كلفة الانتاج تشير الى 360 مليون دولار. وبحسب التقرير، لا يجب أن تتعدّى نسبة الخسارة التقنية على الشبكة 4% الى 6.5% أي 150 مليون دولار إذا ما قارنا خصائص ووضعية لبنان بالدول المماثلة له.
- الهدر في فعالية الانتاج: يقدر بنحو 900 مليون دولار:
بحسب تقرير ماكينزي، تعادل فعالية محطات الانتاج الحالية 30% الى 35% وهي قديمة وتحتاج الى تطوير واعتماد مصادر طاقة أكثر فعالية. كما أن أكثر من 75% من الطاقة المنتجة في القطاع تنتج من خلال إستخدام مادة الـ «فيول اويل» والغاز «اويل» المكلفة مقارنة مع الغاز والطاقة البديلة.
- الهدر غير التقني: يقدر بنحو 450 الى 600 مليون دولار:
يقدّر الهدر غير التقني لعام 2017 بنحو 450 الى 600 مليون دولار بحسب دراسة ماكينزي ومؤسسة كهرباء لبنان، أي ما نسبته 19٪ من اجمالي الكلفة. ويتضمن المبالغ غير المفوترة بما فيه السرقة والتعديات، والمبالغ المفوترة غير المحصلة (6% تقريباً).
ينقسم الهدر غير التقني الى قسمين أساسيين:
• المبالغ غير المفوترة (يقدر بحوالي 19%)
ان حجماً كبيراً من الطاقة المنتجة لا يفوتر أو يفوتر بشكل جزئي اما بسبب عدم وجود عدادات ذكية تسمح بالفوترة الفعلية والآنية، أو التأخير وعدم الدقة في قراءة العدادات، أو محدودية نظم الفوترة أو التأخير بالتركيب حيث أظهر تقرير ماكينزي ان الوقت المستغرق للتركيب هو 56 يوما أي ضعف المعدل العالمي إضافة الى السرقة الناتجة عن التلاعب بالعدادات القديمة، أو التعليق على خطوط شبكة التوزيع وسحب خطوط غير شرعية خارج العداد وغيرها. وهذه المبالغ في الأساس غير مفوترة.
• المبالغ المفوترة وغير المحصلة (6% من الفواتير)
بحسب تقرير كهرباء لبنان للجنة الأشغال العامة في 3/12/2018 فان نسبة التحصيل من قيمة الفواتير وصلت في عام 2016 الى 94% للتوتر المنخفض.
- فرق التعرفة: يقدر بين 200 الى 480 مليون دولار:
ثبت سعر الكيلوات للمستهلك عند 135 ليرة لبنانية أي 9.6 سنتات رغم إرتفاع سعر النفط عالمياً مما أدى الى كلفة انتاج تصل الى 17 سنتاً للكيلوات. في مقارنة مع دول الجوار وبلدان شبيهة بلبنان حيث معدل التعرفة فيها هو 14 سنتا، حيث تشير دراسة ماكينزي ان التعرفة للمستهلك في لبنان متدنية. فإذا تساوت التعرفة مع المعدلات ضمن المقارنة، تكون تكلفة الفرص الضائعة تقارب 200 مليون دولار للعام 2017. أما اذا احتسب الفرق المطلوب لسد العجز في الانتاج فتصل كلفة الفرص الضائعة الى حوالي 480 مليون دولار. هذا وتقدر الإيرادات المحصلة بقيمة 900 مليون دولار للعام 2017، وبذلك وصلت نسبة الهدر الاجمالي الى 1.5 مليار دولار سنويا حولّت كدعم لمؤسسة كهرباء لبنان.
لقراءة المزيد.. انقر هنا
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.