6 كانون الأول 2022 | 08:41

أخبار لبنان

لبنان وفلك نوح والاحترار والتأقلم والاكلاف



مازن عبّود- النهار




" قطرة المطر الواحدة لا تشعر أبدًا بالمسؤولية عن الفيضان".

دوغلاس آدمز

بالامس غرقت جونية والمحيط بالطوفان لا لتقصير فقط بل انما ايضا لعدم مواءمة البنى التحتية مع تداعيات الاحتباس الحراري وكميات المطر الكبيرة التي اضحت تنهمر بغزارة في وقت قصير مع شبكة طرق وقنوات وتصريف متداعية اصلا. فما عايناه في منطقة محصورة سيتكرر حتما في كل لبنان. وانبرت كل نقطة مياه كي تعلن بانها غير مسؤولة عن الطوفان الذي حصل. كنت اتوقع ان يخرج المسؤولون باقتراح حلول وليس بتبرير انفسهم. كنت اتمنى الاستفادة من شرم الشخ اكثر، فتتقدم الوزرات المختصة بورقة عمل موحدة حول تأثيرات الاحتباس الحراري وكميات االامطار مثلا على شبكات طرقنا ومدننا وخطط وحلول للتكيّف. حبّذا لو القى دولة الرئيس كلمة لبنان التي كان يلزمها الكثير من المضامين، بدل توزيعها في المؤتمر. الا انّ ثمة نكدا ينتظر الجميع ولا يجوز تفويت اي فرصة للتصدي لجبران، حتى آخر مواطن. الدولة تترشّق، لكن من الاكفاء والاوادم. مذكرات وتعاميم تصدر لجلب الموظفين والنتيجة استقالة او افساد من تبقى منهم. المذكرات لا تنفع دون حفظ الكرامة الانسانية. الموظف لا يعمل بالنصوص والتعاميم بل بالخبز. مسؤولون يخشون التدابير الاستثنائية لانها تثير صحافة الاثارة. الاولية للحماية وليغرق من يغرق. منطق "نيترات البور" ادخل موظفين الى السجون، ومازال يتحكم بالدولة. غرق جونيه فاقم غرقنا المؤسساتي. وسيشغلنا تناقص كميات المياه الى حدود التصحر او تزايد كميات المتساقطات بشكل داهم وكبير، كما نوعية المياه التي اضحت للملاريا والتلوث. شعوبنا تخشى المياه وجميعنا يفتش عن فلك نوح في جبال"آرارات".

"تنفيذ حلول التكيف مع تغير المناخ في المدن الأمريكية" دراسة لLYKKE LEONARDSEN (2017) عالجت السياسات المتبعة في مدن سياتل وبورتلاند وفيلادلفيا ونيويورك في الولايات المتحدة للتكيّف مع تغيّر المناخ والأساليب المعتمدة والاستراتيجيات المنفذة للتأقلم، مقارنة بكوبنهاغن. وذلك وفق خصوصية ة وموقعها وقدراتها، ابتداء من تحصينها من ارتفاع مستويات سطح البحر وصولا الى التأقلم مع تزايد كميات الامطار وادارة الكوارث. البنى التحتية الخضراء والخطط لادارة مياه الامطار والسيول والحد من فيضان المجاري اضحت تحديا للبلديات والدول. دخلت ببساطة في تصميم الطرق والوحدات السكنية والمجاري. ثمة سعي لمواءمة البنى التحتية من طرق ومجاري صرف صحي ومياه امطار مع التحديات المناخية المتطرفة والمستجدة. ثمة حاجة الى اعادة النظر في تصميم الطرق ومجاري وانفاق تصريف المياه لتقليل الفياضانات وادارة مياه الامطار. فلا تعود تغرق جونيه. وما هم جونيه ان سلم الزعماء المقيمون على التلال" وفق ما صرّحت "كوكو".

نعم، يتوجب التقليل من كميات المياه التي تدخل المجاري فلا تفيض طرقاتنا. العالم بدأ تنفيذ شوارع خضراء لمعالجة الجريان السطحي والتقليل من تلقي كميات مياه الاسطح عبر تحويلها الى برك لتخزين مياه الأمطار لاستخدامها لري الحدائق لاحقا.

تقلص المساحات الخضراء سيغرق البلد بالسيول والاتربة. وارتفاع اسعار المحروقات سيلتهم الاحراش. المدنية غير المدروسة تزيد كميات الاسطح على حساب التربة والاشجار التي تمتص الامطار. والنتيجة فيضانات وشبوبيات واضرار وتصريحات، واهل فلك يفتشون عن "نوح" لكن ليس "زعيتر".

الاحترار الى حدود (1°C) يزيد اكلاف صيانة وادارة شبكات النقل بحدود المليار دولار سنويا في اوروبا. والمواد المستعملة ترتبط كلاسيكيا بالمناخ الذي اضحى متغيّرا.

في لبنان يلزمنا رؤية ونسور لا ديوك.

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

6 كانون الأول 2022 08:41