17 كانون الثاني 2023 | 07:58

أخبار لبنان

برطيل وشعب

اوكسيجين النهار - مازن عبّود



عرّف البنك الدولي الفساد بأنه شكل من أشكال خيانة الأمانة أو الجريمة يرتكبها شخص أو منظمة يُعهد إليها بمركز سلطة، بغية الحصول على مزايا غير مشروعة أو إساءة استخدام تلك السلطة لصالح الفرد. ويتضمن الرشوة والاختلاس. الفساد هو الأكثر شيوعًا في الكليبتوقراطيات (حكم اللصوص)، والأوليغارشية (حكم الأقلية)، ودول المخدرات، ودول المافيا.

بعض الاقتصاديين (Paolo_Mauro_1995#) يعتبرون بانّ الفساد مفيد للنمو في الدول ذي التعقيدات البيروقراطية. المال السريع يسهّل اتمام المعاملات ويزيد الفعالية في الادارات الحكومية حتى في الدين. "ام فادي" تتدعي بأنّ السيدة العذراء لا ترد لها طلبا، "فيدها في زلاعيمها شبر". البيروقراطية اللبنانية كانت ومازالت تتحرك بفعل البرطيل. تعميم المائة مليون ليرة ابداع لامتصاص الكتلة النقدية، وبرطيل للشعب المفجوع. لكن علقت ليرات الناس بانتظار دولارات المركزي، فاحتدمت المعركة بين المودعين وموظفي المصارف. برطيل الشعب جعلنا شركاء في السياسات والهندسات والفزلكات الانهيارية. "ام جميل" لملمت ليراتها، اقترضت من جاراتها لزوم عجيبة اكثار الدولارات بصيرفة. فحصدت الانتظار والبكاء. التعميم الاخير يؤدي الى دماء.

من غير الاخلاقي استدراج شعب الى البوكر. المال السهل يساعد الهر على لحس المبرد. ليس الحاكم المسؤول وحده بل هذه الحضارة.

ما عاد التهريب في حالتنا نزفا للعملات الصعبة بل العكس. فبغياب الدعم تحوّل الى تجارة عبر الحدود تعيد العملة الصعبة بطريقة غير مشروعة. الدعم كفل انتقال اموال المودعين الى التجّار. اكلاف سياسات الفساد ابلغ من البرطيل والمرتشين الصغار. الظلم يؤدي الى الفساد والفساد الى الظلم(Ghulam Shabbir,Mumtaz Anwar and Shahid Adil ، 2016).

على الحكومة التحكم في الاكلاف الخارجية للحد منها، الا انّها تصنعها. فالسياسات ينتجها اصحاب المصالح وتفرض على الجميع. الغاية من وجود الحكومات إجبار الناس على القيام بأشياء لن يختاروا القيام بها، وذلك لضرورتها وافادتها (Buchanan and Tullock،1962). السياسات في لبنان شعبوية ومدمّرة وفاسدة. الدعم فعّل التهريب، ونقل ودائع الناس الى جيوب تجارهم.

قانون الشراء العام 244/ 2021 (19 تموز 2021) محاولة لانجاز خطوة اصلاحية في خضم الهريان. وذلك لتحقيق "الغاية الفضلى من إنفاق المال العام" بغية "استعادة ثقة المجتمعين المحلي والدولي".

لكن الازمة في انتفاء محاسبة الاشرار وليس في القوانين التي تقلص هوامش الفساد والمرونة. من اين نأتي بقضاء ومحاسبة؟

ثمة معوقات تمنع تنفيذ القانون في المرافق الاستثمارية، بحيث انه يمنع اجراء الشراء خارج المناقصة العمومية الا في حالات ضيقة. مما يكبل التحرك بالسرعة والمرونة اللازمتين لتأمين استدامة الانتاج. اوجد القانون مهلا واجراءات اعتراضات وفترات التجميد قبل التلزيم وهذا جيّد في الادارة، لكن ليس في المرافق الاستثمارية التي سيتأثر انتاجها. وحظّر التفاوض مع العارض الفائز وهذا سيمنع ايضا تخفيض السعر في حالات محددة.

القانون يسمح بسرية المعلومات بشكل يخالف الشفافية ويغلّب مصلحة العارض على الدولة "الظالمة". لكنه يخلق واقعا جديدا. يلغي وصاية وزارات على مرافق لمصلحة هيئة الشراء العام. ينصّب رئيسها الذي اقدر واحترم، وصيّا على كل ما يتعلق بالشراء. ويلغي كل انواع رقابة سلطات الوصاية لحساب رقابته.

الفساد جزء من الطبيعة البشرية. ومكافحة الفساد لا يجب ان تمحو الهوامش اللازمة للنمو. المكبلون لا يخطئون لكنهم لا يعملون ولا ينتجون. المطلوب تحفيز من ينتج ومعاقبة من يخطئ. من الضروري تصحيح القانون ومعالجة تعاميم المركزي بما يضمن سلامة الناس، لكن الاهم تفعيل المحاسبة...

يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.

17 كانون الثاني 2023 07:58