تتعدد المسببات والنتيجة واحدة، مياه نهر الليطاني ملوثة سواء من رمي مخالفات البناء والنفايات والزيوت والدم الناتج عن المسالخ في مجراه. ولكن الجديد هو الكشف عن إنشاء مشاريع للصرف الصحي وحمامات متنقلة للنازحين السوريين على ضفافه، تصب مياهها الآسنة في النهر الذي يروي مزروعات البقاع ويأكل منها كل لبنان.
17 جمعية طالها الإخبار المقدم من "المصلحة الوطنية لنهر الليطاني" ، وذلك بعد مسح ميداني أظهر قيام الجمعيات المدّعى عليها، "باختلاس وتبديد الأموال العامة والهبات والمساعدات وإقامة مخيمات في الأملاك النهرية والعمومية وعلى ضفاف الليطاني وفي مجراه وتحويل مياه الصرف الصحي الناتجة منها إلى النهر ومشاريع الري وإقامة مكبات للنفايات الصلبة في حوضه".
وجهت المصلحة كتباً عدة إلى وزارتي الشؤون الاجتماعية والنازحين والمفوضية السامية لشؤون اللاجئين في الأمم المتحدة، تطلب فيها إبعاد التجمعات عن مجرى النهر ووقف تصريف المياه المبتذلة، إلا أن أي إجراءات ميدانية لم تتخذ، على الرغم من سقوط عدد من الضحايا الذين جرفتهم السيول بعد فيضان النهر، ما دفعها إلى طرق باب القضاء بالادعاء على جمعيات أسهمت في إنشاء التجمعات وتصريف المياه المبتذلة نحو النهر.
يبدو أن الأكيد أن القضاء سيكون له الكلمة الفصل للبت في النزاع المستجد في قضية تلوث الليطاني، إذ وبحسب ما يؤكد ممثلو الجمعيات فإن "التنسيق قائم بينهم من أجل رفع دعوى قدح وذم وتشهير ضد المصلحة "، فيما يكشف رئيس "المصلحة" سامي علويّة ل "مستقبل ويب"إلى أنه "يُتوقع أن يُحال الملف الى مكتب الجرائم المالية للتحقيق وأن هناك بعض الجمعيات المتورطة غير واردة بالجدول المرفق بالإخبار، سنقوم بالادعاء عليها".
ويشدد على أنه " كما تمنع القوانين كافة الأفراد والمؤسسات الصناعية ومؤسسات المياه و البلديات من تحويل المياه الآسنة الى الانهار، ومنها نهر الليطاني، كذلك تمنع القوانين الجمعيات الاهليةالمحلية والدولية ولو لغايات الاغاثة ان تقوم بتحويل مياه الصرف الصحي الى نهر الليطاني، سواء كان للنازحين او لغير النازحين".
ويلفت إلى "أن التمويل لمشاريع النازحين يجب ان يكون متطابقاً مع القانون، لكننا نجد ان ثمة انحراف في المهام، فلم نلحظ وجود اي وحدة معالجة للصرف الصحي، ولم تقم الجهات المعنية بمخيمات النازحين، بأي خطوة بالاتجاه الصحيح بيئيا وصحيا، بل انها عمدت الى انشاء الحمامات المتنقلة ( latrines) وتحويلها الى النهر او الى حفرة، وفي حالة الحفرة يقوم متعهدون بسحب الحفر ورميها في النهر".
يوضح علوية إلى "أن مفوضية اللاجئيين أكدت للمصلحة انها تعمل مع جمعيات وأن هذه الجمعيات (الشركاء) مسؤولة عن المخيمات، لذلك أحلنا كامل الملف بصفة اخبار الى القضاء (النيابة العامةالمالية) مع تحديد فئة المستهدفين من الخدمات و جنسياتها، ونوع الخدمات ونطاقها الجغرافي لكل جمعية، ليقوم بالتحقيق فاذا تبين ان جمعية ما تمارس أنشطة انشاء مخيمات في الاملاك العامة او أنشطة تتعلق بانشاء مشاريع صرف صحي تصب في النهر سيتم الادعاء عليها".
.. الجمعيات تتجه إلى القضاء أيضا
تعتبر الجمعيات أن "هذا الإخبار المقدم هو بمثابة تجنٍّ بحقّها، وبحق المجتمع المدني"،وهذا ما يؤكده المدير التنفيذي ل "الشبكة العربية للمنظمات المدنيّة"، زياد عبد الصمد، فيلفت إلى أن" الجمعيات المحلية، التي لا دخل لها في تجمّعات النازحين وعملها يأخذ طابعا إغاثيا، وبالتالي هي غير معنية بالتلوث الذي يعاني منه النهر".
ويقول:" كان من المفترض التدقيق بطبيعة عمل كل جمعية قبل اطلاق التهم أو أقله إنتظار التحقيق، والجميع مع العمل على نزع التعدّيات وملاحقة الملوثين، لكن المرفوض هو تحميل المجتمع المدني المسؤولية و إعطاء الأمور بُعداً سياسياً"، مشيرا إلى "أن المسألة حساسة جداً، والتنسيق بين الجمعيات قائم لاتخاذ قرار حاسم برفع شكوى تشعير وقدح وذم رفضا للتهم".
ترفض ليلى عواضة من جمعية "كفى"، وهي من ضمن الجمعيات المذكورة في الإخبار، الإتهامات التي تعتبرها مجحفة ، وتشدد على "أن الجمعيات لن تقبل أن تكون مكسر عصا في هذه القضية "، مشيرة إلى "أن التنسيق مستمر من أجل الوصول إلى قرار جماعي برفع شكوى قدح وذم وتشهير".
وتسأل :" هل الجمعيات أصبحت بنظر المصلحة هي المسؤولة عن مقتل الناس بالسرطان من أهل البقاع نتيجة التلوث، وهل هي المسؤولة عن نفايات مؤسسة صناعية ترمي مجاريرها من دون أي معالجة ؟"، وهل الأنشطة التوعوية والمساندة الإجتماعية والنفسية لهؤلاء يلوّث النهر وفيه اختلاس للأموال؟، وهل حملة المصلحة هي للتضييق على الجمعيات والمنظمات التي تعمل مع النازحين للضغط عليها للتراجع عن مساعدتهم؟".
وكانت المصلحة أعلنت أن " إرفاق أسماء الجمعيات في الإخبار لا يعني أنها جميعها مدانة، فتلك التي لا تعمل مع النازحين غير معنيّة بالإخبار، على الرغم من ورود اسمها فيه، وهي أرفقت لائحة المنظمات والجمعيات العاملة في منطقة البقاع، كما وردتها، كي يتحقق منها القضاء".
يلفت موقع Mustaqbal Web الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير.